إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا سَوۡفَ نُصۡلِيهِمۡ نَارٗا كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمٗا

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة النساء (4) : الآيات 55 الى 56]
فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)

الإعراب:
(فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) الفاء استئنافية للتفريع ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ومن اسم موصول مبتدأ مؤخّر وجملة آمن صلة الموصول وبه جار ومجرور متعلقان بآمن (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) عطف على ما تقدم (وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) الواو استئنافية وكفى فعل ماض والباء حرف زائد وجهنم مجرور بالباء لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل كفى وسعيرا تمييز أو حال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً) إن واسمها، وجملة كفروا صلة الموصول وبآياتنا متعلقان بكفروا وسوف حرف استقبال ونصليهم فعل مضارع والهاء مفعوله الأول ونارا مفعوله الثاني وجملة سوف نصليهم نارا خبر إن وجملة إن وما في حيزها مستأنفة (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) الجملة حال من الضمير المنصوب في «نصليهم» ولك أن تجعلها صفة ل «نارا» ولا بد من تقدير عائد محذوف، أي: كلما نضجت جلودهم فيها. وكلما ظرف زمان متضمن معنى الشرط متعلق ببدلناهم وجملة نضجت جلودهم في محل جر بالاضافة إذا اعتبرت ما زائدة وإن كانت موصولا حرفيا فلا محل لها وجملة بدلناهم لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم. وبدلناهم فعل وفاعل ومفعول به أول وجلودا مفعول به ثان أو منصوب بنزع الخافض وغيرها صفة لجلودا (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ)
اللام للتعليل والجر ويذوقوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والعذاب مفعوله والجار والمجرور متعلقان ببدلناهم (إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً) إن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان ضمير مستتر تقديره هو، وعزيزا خبر كان الاول وحكيما خبرها الثاني.

البلاغة:
الاستعارة المكنية التخييلية في قوله «ليذوقوا العذاب» فقد حذف المشبه، واستعار شيئا من لوازمه وهو الذوق، والمراد بالذوق هنا ديمومته، مع ما يصحبه من الاستكراه والألم الذي لا يوصف، ولا مرية في أن استمرار ذوق العذاب مع بقاء الأبدان حية مصونة فيه ما فيه من استبعاد لكل ما قد يخطر على البال من توهم زوال العذاب وألمه، ناهيك بما لحاسة الذوق من أثر في نفس المحترق بالنار.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (فإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا(56) .
(نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) : يُقْرَأُ بِالْإِدْغَامِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ وَسَطِ الْفَمِ، وَالْإِظْهَارُ هُوَ الْأَصْلُ.
(بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا) : أَيْ: بِجُلُودٍ. وَقِيلَ: يَتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِنَفْسِهِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة النساء (4) : آية 56]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب اسم إنّ (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (بآيات) جار ومجرور متعلق ب (كفروا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه (سوف) حرف استقبال (نصلي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء و (هم) ضمير مفعول به أول والفاعل نحن للتعظيم (نارا) مفعول به ثان منصوب (كلما) ظرف للزمان منصوب متضمن معنى الشرط متعلق ب (بدّلناهم) ... وما حرف مصدري ، (نضجت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (جلود) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (ما نضجت جلودهم) في محل جر مضاف إليه.
(بدّلنا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) فاعل و (هم) ضمير مفعول به أوّل وهو على حذف مضاف أي بدّلنا جلودهم (جلودا) مفعول به ثان منصوب (غير) نعت لجلود منصوب مثله و (ها) مضاف إليه (اللام) لام التعليل (يذوقوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (العذاب) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يذوقوا) في محل جر باللام متعلق ب (بدّلناهم) .
(إنّ) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عزيزا) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «سوف نصليهم ... » في محل رفع خبر إنّ. وجملة «نضجت جلودهم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «بدّلناهم ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يذوقوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عزيزا ... » في محل رفع خبر إنّ.
البلاغة
الاستعارة المكنية: في قوله تعالى لِيَذُوقُوا الْعَذابَ.
التعبير عن ادراك العذاب بالذوق من حيث انه لا يدخله نقصان بدوام الملابسة، أو للاشعار بمرارة العذاب مع إيلامه، أو للتنبيه على شدة تأثيره من حيث أن القوة الذائقة أشد الحواس تأثيرا فقد حذف المشبه به واستعار شيئا من لوازمه وهو الذوق.
الفوائد
1- قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ «كلما» من أدوات الشرط غير الجازمة، وهي: «إذا، لو، لولا، كلما» وهي تفيد معنى الشرط والظرفية، والجملة بعدها في محل جر بالاضافة ويشترط في فعل الشرط وجوابه الخاص بها أن يأتيا بصيغة الماضي لا غير.
وتحسن الإشارة حيال هذه الآية إلى أنه من الإعجاز الفني في القرآن أن يعرض الأفكار مجسّدة ضمن اطار من الحركة والحياة فيتمّلاها الحس والخيال والفكر والشعور وكأنها حياة قائمة مرئية أمام القارئ أو السامع.
ونحن نستحضر لدى سماعنا هذه الآية صور العذاب الدائمة التي لا تنقطع والجلد الذي لا يكاد ينضح حتى يتجدد وهكذا الى غير انقطاع أو انتهاء.

النحاس

{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا..} [56] اسم "إِنّ" والخبر {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً}. {كُلَّمَا} ظرف {نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} بالادغام لأن التاء من طرف اللسان والجيم من وسطه والإِظهار أحسن لئلا تجتمع الجيمات. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا في معناه قولين يرجعان الى معنى واحد، وهو أنّ المعنى إِنا نعيد النضيج غير نضيج وإنما يقع الألم على النفس لأنها التي تحس وتعرف، ومثله {كُلّما خَبَت زِدنَاهُم سعيراً} أي يُعِيدُ النضيجَ غَيرَ نضيجٍ حتّى تُسْعَرَ النار كما يقال: تَبدّلَت بَعدَنا أي تَغَيّرتَ. {لِيَذُوقُواْ} منصوب بلام كي وهي بدل من "أنْ". {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً} أي لا يعجزه شيء ولا يفوته {حَكِيماً} في إِيعادِهِ عِبَادَهُ وفي جميع أفعاله.

دعاس

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا» الجار والمجرور متعلقان بالفعل كفروا ، والواو فاعله والجملة صلة الموصول. «سَوْفَ نُصْلِيهِمْ» سوف حرف استقبال نصليهم فعل مضارع ومفعوله الأول «ناراً» مفعوله الثاني «كُلَّما» ظرف زمان متعلق بالجواب بدلناهم «نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ» فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة. «بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً» فعل ماض وفاعله ومفعولاه «غَيْرَها» صفة والجملة صفة نارا أو حال من الهاء في نصليهم «لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والواو فاعله «الْعَذابَ» مفعوله ، والمصدر المؤول في محل جر باللام ، والجار والمجرور متعلقان ببدلناهم «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً» إن ولفظ الجلالة اسمها وكان وخبراها والجملة خبر إن واسم كان ضمير مستتر.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ } "كلما نضجت جلودهم بدَّلناهم": "كل" ظرف زمان متعلق بـ "بدَّلناهم"، و "ما" مصدرية زمانية، والمصدر مضاف إليه أي: بدَّلناهم جلوداً كل وقت نضج جلودهم، وجملة "نضجت" صلة الموصول الحرفي، وجملة "بدّلناهم" حال من الضمير في "نصليهم". وقوله "غيرها": نعت منصوب. وقوله "ليذوقوا": اللام للتعليل، والفعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام، والمصدر مجرور باللام متعلق بـ "بدَّلناهم" والواو فاعل.