يَوۡمَئِذٖ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوۡ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضُ وَلَا يَكۡتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثٗا

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة النساء (4) : الآيات 41 الى 42]
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42) الإعراب:
(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) الفاء استئنافية وكيف اسم استفهام، وهي في مثل هذا التركيب تحتمل وجهين لا ثالث لهما، وهما أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف، أي: كيف حالهم؟ وثانيهما أن تكون حالا من محذوف، أي: كيف يصنعون؟ وإذا ظرف زمان متعلق بهذا المحذوف وجملة جئنا في محل جر بالإضافة ومن كل متعلقان بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لشهيد وتقدمت عليه، وبشهيد متعلقان بجئنا. وهناك وجه ثالث حكاه ابن عطية عن مكّيّ، وهو أن «كيف» معمولة لجئنا، (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) الواو عاطفة وجئنا فعل وفاعل وهما عطف على جئنا الاولى ولك جار ومجرور متعلقان بجئنا وعلى هؤلاء متعلقان ب «شهيدا» وشهيدا حال (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الظرف متعلق بيودّ وإذ ظرف مضاف الى الظرف والظرف والتنوين عوض جملة، والتقدير: يوم إذ جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يود الذين كفروا. وجملة يود مستأنفة وجملة كفروا صلة (وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) الواو عاطفة وعصوا الرسول عطف على كفروا ولو مصدرية بعد فعل الودادة مؤولة مع ما بعدها بمصدر مفعول به ليود، أي يتمنون تسوية الأرض بهم بحيث يدفنون فيها، والأرض نائب فاعل لتسوى (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) عطف على «يود» ويجوز أن تكون للاستئناف ويكتمون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والله منصوب بنزع الخافض وحديثا مفعول به، أي: لا يكتمون عن الله حديثا. وأجاز قوم أن يكون لفظ الجلالة مفعولا به ليكتمون، لأنه في رأيهم يتعدى لاثنين. الفوائد:
التنوين اللاحق بالظروف المضافة مثل: يومئذ وحينئذ وعندئذ، يسمى نون التعويض، لأنه عوض عن جملة كما رأيت في باب الإعراب، فيلتقي ساكنان ذال «إذ» والتنوين، فتكسر الذال على أصل التقاء الساكنين، وليست هذه الكسرة كسرة إعراب، لأن «إذ» ملازمة للبناء، وليست الاضافة في «يومئذ» ونحوها من إضافة أحد المترادفين، بل من إضافة الأعمّ إلى الأخص، كشجر أراك.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا(42) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ ظَرْفٌ لِـ «يَوَدُّ» ، فَيَعْمَلُ فِيهِ. وَالثَّانِي: يَعْمَلُ فِيهِ شَهِيدًا؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ يَوَدُّ صِفَةً لِيَوْمٍ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: فِيهِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي) [الْبَقَرَةِ: 48] .
وَالْأَصْلُ فِي «إِذَا» إِذْ، وَهِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ مَاضٍ، فَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ هُنَا لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، فَزَادُوا عَلَيْهَا التَّنْوِينَ عِوَضًا مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ؛ تَقْدِيرُهُ: يَوْمَ إِذْ تَأَتِي بِالشُّهَدَاءِ، وَحُرِّكَتِ الذَّالُ بِالْكَسْرِ لِسُكُونِهَا، وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بَعْدَهَا. (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَقَدْ مُرَادَةٌ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَوَدُّ وَبَيْنَ مَفْعُولِهَا. وَهُوَ «لَوْ تُسَوَّى» . وَ (لَوْ) بِمَعْنَى أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ، وَتُسَوَّى عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَيُقْرَأْ: تَسَّوَّى بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ؛ أَيْ: تَتَسَوَّى، فَقُلِبَتِ الثَّانِيَةُ سِينًا، وَأُدْغِمَ، وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا عَلَى حَذْفِ الثَّانِيَةِ. (وَلَا يَكْتُمُونَ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ حَالٌ وَالتَّقْدِيرُ: يَوَدُّونَ أَنْ يُعَذَّبُوا فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، أَوْ يَكُونُوا كَالْأَرْضِ. (وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ) : فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ «حَدِيثًا» .

الجدول في إعراب القرآن

[سورة النساء (4) : آية 42]
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)
الإعراب:
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (يود) ، (إذ) اسم ظرفي مبني في محل جر مضاف إليه والتنوين عوض من جملة محذوفة أي:
يوم إذ جئنا ... (يود) مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (عصوا) مثل كفروا، والبناء على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين (الرسول) مفعول به منصوب (لو) حرف مصدري ، (تسوّى) مضارع مبني لمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (الباء) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (تسوى) ، (الأرض) نائب فاعل مرفوع. والمصدر المؤوّل (لو تسوى بهم الأرض) في محل نصب مفعول به عامله يود.
(الواو) عاطفة- أو استئنافية- (لا) نافية (يكتمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به أول (حديثا) مفعول به ثان منصوب.
جملة «يود الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عصوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «تسوى ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (لو) .
وجملة «لا يكتمون ... » لا محل لها معطوفة على جملة يود ، أو هي استئنافية.
الصرف:
(عصوا) ، فيه إعلال بالحذف، أصله عصاوا، التقى ساكنان لام الكلمة وواو الجماعة فحذفت الألف- لام الكلمة- وفتح ما قبلها دلالة عليها.
(تسوّى) ، في قراءة عاصم هو مضارع سوّى من غير حذف التاء- وفي قراءة غيره بتشديد السين فيه حذف إحدى التاءين- وفيه إعلال بالقلب أصله تسوّي تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.

النحاس

{يَوْمَئِذٍ..} [42] ظرف، وان شئت كان مبنياً و "إذ" مبنية لا غير والتنوين فيها عوض مما حذف {عَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ}/ 49 أ/ ضُمّت الواو لالتقاء الساكنين، ويجوز كسرها. {لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ} قال أبو جعفر: قد ذكرناه. وقيل معناه لو لم يُبْعَثُوا لأنه لو لم يبعثوا لكانت الأرضُ مستويةً عليهم لأنهم من التراب نقلوا {وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً}. قال أبو جعفر: قد ذكرناه، وذكرنا قول قتادة أن القيامة مواطن ومعناه أنهم لما تَبيّن لهم وحوسبوا لم يكتموا.

دعاس

يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)

«يَوْمَئِذٍ» يوم مفعول فيه ظرف زمان متعلق بيود إذ ظرف لما مضى من الزمن مبني على السكون في محل جر بالإضافة والتنوين والظرف عوض الجملة المحذوفة التقدير : يوم إذ جئنا يود الذين. «يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا» فعل مضارع واسم الموصول فاعله والجملة بعده صلة الموصول وجملة يود استئنافية «وَعَصَوُا الرَّسُولَ» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة «لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ» فعل مضارع مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور ونائب فاعله لو حرف مصدري مؤول مع الفعل بعده بمصدر في محل نصب مفعول به أي : تسوية «وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله اللّه لفظ الجلالة مفعوله الأول حديثا مفعوله الثاني والجملة معطوفة على جملة «يَوَدُّ».

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } "يومئذ يودُّ": ظرف زمان متعلق بـ "يودُّ"، و "إذٍ" اسم ظرفي مبني على السكون مضاف إليه، وتنوينه للتعويض عن جملة. "لو" مصدرية، والمصدر مفعول "ودّ". وجملة "ولا يكتمون" معطوفة على جملة "يودُّ" لا محل لها.