يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (28)
الإعراب:
(يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) كلام مستأنف مسوق لتتمة بيان ما سبق من أحكام. ويريد الله فعل مضارع وفاعل وليبين: اللام زائدة ولكنها أعطيت حكم لام التعليل وقد أفادت زيادة اللام تأكيدا لإرادة التبيين، والمعنى: يريد الله أن يبين لكم ما هو خفيّ عنكم من مصالحكم، وأن يهديكم مناهج من كانوا قبلكم للاقتداء بما هو صالح منها لكم ومنسجم مع واقعكم. ويهديكم عطف على يبين والكاف مفعول به أول وسنن مفعول به ثان والذين مضاف اليه ومن قبلكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، ويجوز في «سنن» أن تكون منصوبة بنزع الخافض، وقد تقدم بحث هدى في الفاتحة (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) عطف على «يبين» ، وعليكم جار ومجرور متعلقان بيتوب (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ
وعليم خبر أول وحكيم خبر ثان (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) الواو استئنافية والله مبتدأ وجملة يريد خبر وأن يتوب مصدر مؤول مفعول به وعليكم جار ومجرور متعلقان بيتوب (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) عطف على يريد السابقة والذين فاعل وجملة يتبعون صلة الموصول والشهوات مفعول به وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم (أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً) أن وما بعدها مصدر مؤول مفعول يريد، وميلا مفعول مطلق وعظيما صفة (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) تأكيد لما سبق لبسط التقرير، والجملة مستأنفة تقدم اعرابها (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) الجملة مستأنفة بمثابة التعليل للتخفيف وخلق فعل ماض مبني للمجهول والإنسان نائب فاعل وضعيفا حال من الإنسان وهي حال مؤكدة، أي لا يقوى على مغالبة الشهوات ومدافعة النفس الأمّارة بالسوء.
الفوائد:
هذا تركيب شغل المعربين، وتضاربت فيه أقوال المفسرين، وقد أوردنا في باب الإعراب ما ارتأيناه وارتآه الزمخشري من قبل، وهو رأي الكوفيين. ولكن سيبويه والبصريين يرون أن مفعول يريد محذوف وتقديره يريد الله هذا، أي تحليل ما أحل وتحريم ما حرّم، وتشريع ما تقدم ذكره ليستقيم معنى التعليل. ولكننا نرى فيه تكلفا لا يتفق مع أسلوب القرآن السمح، وهناك قولان جديران بالتدوين:
1- قول الفراء:
أما الفرّاء فيرى أن اللام هنا هي لام كي التي تعاقب «أن» قال
العرب تعاقب بين لام كي و «أن» فتأتي باللام التي على معنى «كي» في موضع «أن» في: أردت وأمرت فتقول: أردت أن تفعل وأردت لتفعل، ومنه قوله تعالى: «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم» «وأمرت لأعدل بينكم» «وأمرنا لنسلم لرب العالمين» ومنه قوله:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثّل لي ليلى بكل سبيل
2- قول الزجاج:
وقد حكى الزجاج هذا القول وقال: لو كانت اللام بمعنى «أن» دخلت عليها لام أخرى كما تقول: جئت كي تكرمني، ثم تقول:
جئت لكي تكرمني، وأنشد:
أردت لكيما يعلم الناس أنها ... سراويل قيس والوفود شهود
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(26) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) : مَفْعُولُ يُرِيدُ مَحْذُوفٌ؛ تَقْدِيرُهُ: يُرِيدُ اللَّهُ ذَلِكَ؛ أَيْ: تَحْرِيمَ مَا حَرَّمَ وَتَحْلِيلَ مَا حَلَّلَ لِيُبَيِّنَ. وَاللَّامُ فِي لِيُبَيِّنَ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُرِيدُ، وَقِيلَ: اللَّامُ زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُبَيِّنَ، فَالنَّصْبُ بِأَنْ.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة النساء (4) : آية 26]
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)
الإعراب:
(يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) زائدة (يبيّن) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يبيّن) .
والمصدر المؤوّل (أن يبيّن) في محل نصب مفعول به عامله يريد ... أما المحل القريب فهو الجر باللام .
(الواو) عاطفة (يهدي) مضارع منصوب معطوف على فعل يبيّن و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (سنن) مفعول به ثان منصوب (الذين) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (من والإعراب الذي اعتمدناه هو الأقيس.
قبل) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (يتوب) مثل يهدي (عليكم) مثل لكم متعلق ب (يتوب) ، (الواو) استئنافية (الله عليم حكيم) مثل الله غفور رحيم في الآية السابقة.
جملة «يريد الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يبين لكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يهديكم» لا محل لها معطوفة على جملة يبين لكم.
وجملة «يتوب عليكم» لا محل لها معطوفة على جملة يبين لكم.
وجملة «الله عليم ... » لا محل لها استئنافية.
النحاس
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ..} [26]
أي لِيبيِّنَ لكم أمر دينكم وما يحلّ لكم وما يَحْرمُ عليكم وقال بعد هذا "يريد الله أن يُخَفّفَ عنكم" فجاء هذا بأنْ والأول باللام فقال الفراء: العرب تأتي باللام على معنى كي في موضع أنْ في أردتُ وأمرتُ فيقولون: أردتُ أن تفعلَ وأردتُ لِتَفعلَ لأنهما يَطلبانَ المستقبل، ولا يجوز ظننتُ لِتَفعلَ لأنك تقول: ظننت أن قد قُمتَ. قال أبو اسحاق: وهذا خطأ ولو كانت اللام بمعنى "أن" لدخلت عليها لام أخرى كما تقول: جئت كي تُكرِمَنِي ثم تقول: جئتُ لِتُكرِمَنِي وأنشدنا:
أردتُ لِكَيما يَعلمَ الناسُ أنّها * سَرَاويلُ قَيسٍ والوُفُودُ شُهُودُ
قال: والتقدير أراد به لِيُبيّن لكم. قال أبو جعفر: وزاد الأمر على هذا حتى سماها بعض القراء لام "أنْ" وقيل: المعنى يريد الله من هذا من أَجلِ أن يبينَ لكم مثل {وأُمِرْتُ لأِعدِلَ بَينكم} {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} قال بعض أهل النظر: في هذا دليل على أنّ كلّ ما حُرِّم قبلَ هذه الآية علينا قد حُرِّمَ على من كان قبلنا. قال أبو جعفر: وهذا غلط لأنه قد يكون المعنى ويُبيِّن لكم أمر مَنْ قَبلَكُمْ ممن كان يجتنب ما نهِيَ عنه، وقد يكون يُبيّن لكم كما بَيّنَ لِمَنْ قَبلكم من الأنبياء ولا يُومَى به إلى هذا بعينه.
دعاس
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) «يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ» فعل مضارع ولفظ الجلالد فاعل والمصدر المؤول من أن المحذوفة والفعل في محل نصب مفعول به والجار والمجرور متعلقان بالفعل «وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» الكاف مفعول للفعل يهدي وسنن مفعول ثان والفاعل هو واسم الموصول في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صلة والجملة معطوفة على ما قبلها ومثلها «وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ» «وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» مبتدأ وخبراه والجملة مستأنفة.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }
مفعول "يريد" محذوف أي: تحريم ما حرّم، واللام للتعليل، والفعل منصوب بإضمار "أن" جوازا، والمصدر مجرور باللام متعلق بـ "يريد" أي: يريد الله تحريم ما حرَّم للتبيين. "سنن": مفعول ثانٍ منصوب. "الذين": اسم موصول مضاف إليه، والجار متعلق بالصلة المقدرة.