يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهٗاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة النساء (4) : آية 19]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)

اللغة:
(تَعْضُلُوهُنَّ) مضارع عضل على فلان أي ضيّق عليه أمره وحال بينه وبين ما يريد. والعضل الحبس والتضييق، وعضّلت المرأة بولدها إذا اختنقت رحمها به فخرج بعضه وبقي بعضه، فيكون استعمال ذلك مجازا. ومن رائع الشعر قول أوس: ترى الأرض منا بالفضاء مريضة ... معضّلة منا بجمع عرمرم
وردّد النابغة هذا المعنى فقال يصف جيشا:
لجب يظلّ به الفضاء معضّلا ... يدع الإكام كأنهن صحاري
والمراد به هنا في الآية: لا تمنعوا أزواجكم عن نكاح غيركم بإمساكهنّ حتى ترثوا منهن وهنّ غير راضيات. وكان الرجل إذا تزوج امرأة، ولم تكن من حاجته، حبسها مع سوء العشرة والقهر، لتفتدي منه بمالها وتختلع، فقال تعالى: «ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن» . هذا وقد تقدم الكلام عن وقوع العين والضاد فاء وعينا للكلمة، وما ترمز اليه حينئذ من معاني القوة والشدة.

الإعراب:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم إعرابها كثيرا (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) كلام مستأنف مسوق لإنصاف المرأة مما كانت تسام به من ظلم وافتئات، ولا نافية ويحل فعل مضارع مرفوع ولكم جار ومجرور متعلقان بيحل وأن ترثوا النساء المصدر المؤوّل فاعل يحل والنساء مفعول به وكرها بضم الكاف وفتحها، وهما قراءتان، حال أي: كارهات (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) الواو عاطفة ولا نافية وتعضلوهن عطف على ترثوا أي: ولا أن تعضلوهن ولتذهبوا اللام للتعليل وتذهبوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بتعضلوهن وببعض جار ومجرور متعلقان بتذهبوا وما اسم موصول مضاف إليه وجملة آتيتموهن صلة الموصول (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) إن كان الاستثناء منقطعا كان المصدر المؤول واجب النصب على الاستثناء، وإن كان متصلا بما قبله كان الاستثناء من أعم الأحوال، فيعرب حالا. وأعربه أبو حيان مستثنى من أعم الظروف أو العلل، فهو منصوب عنده على الظرفية الزمانية، أو على أنه مفعول لأجله، كأنه قيل: ولا تعضلوهن في وقت من الأوقات إلا وقت أن يأتين، أو لا تعضلوهن لعلة من العلل إلا أن يأتين، وهما سائغان. ويأتين فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بأن وبفاحشة جار ومجرور متعلقان بيأتين ومبينة بفتح الياء وكسرها قراءتان (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الواو عاطفة وعاشروهن فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به وبالمعروف جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، أي: محسنين ومجملين في القول والعمل (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) الفاء استئنافية وإن شرطية وكرهتموهن فعل ماض في محل جزم فعل الشرط فعسى الفاء رابطة وعسى هنا تامة وهي فعل جامد وأن وما بعدها فاعل، ويجعل فعل مضارع معطوف بالواو على تكرهوا منصوب مثله والواو فاعله وفيه جار ومجرور متعلقان بيجعل، فهو بمثابة المفعول الثاني ليجعل، وخيرا مفعولها الأول وكثيرا صفة.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا(19) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ تَرِثُوا) : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ فَاعِلِ يَحِلُّ؛ وَ «النِّسَاءَ» فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، وَالنِّسَاءُ عَلَى هَذَا هُنَّ الْمَوْرُوثَاتُ، وَكَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَرِثُ نِسَاءَ آبَائِهَا، وَتَقُولُ نَحْنُ أَحَقُّ بِنِكَاحِهِنَّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي؛ وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ تَرِثُوا مِنَ النِّسَاءِ الْمَالَ.
وَ (كَرْهًا) : مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْمَفْعُولِ، وَفِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي آلِ عِمْرَانَ، (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى تَرِثُوا؛ أَيْ: وَلَا أَنْ تَعْضُلُوهُنَّ. وَالثَّانِي: هُوَ جَزْمٌ بِالنَّهْيِ فَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ. ( لِتَذْهَبُوا) : اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَعْضِلُوا، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ مِنَ النِّكَاحِ، أَوْ مِنَ الطَّلَاقِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُخَاطَبِ بِهِ، هَلْ هُمُ الْأَوْلِيَاءُ أَوِ الْأَزْوَاجُ. (مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) : الْعَائِدُ عَلَى مَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِيَّاهُ، وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي. (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ. وَالثَّانِي: هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ تَقْدِيرُهُ: إِلَّا فِي حَالِ إِتْيَانِهِنَّ الْفَاحِشَةَ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ تَقْدِيرُهُ: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ فِي حَالٍ إِلَّا فِي حَالِ إِتْيَانِ الْفَاحِشَةِ. (مُبَيِّنَةٍ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ أَيْ: أَظْهَرَهَا صَاحِبُهَا، وَبِكَسْرِ الْيَاءِ وَالتَّشْدِيدِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا هِيَ
الْفَاعِلَةُ؛ أَيْ: تُبِيِّنُ حَالَ مُرْتَكِبِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنَ اللَّازِمِ يُقَالُ بَانَ الشَّيْءُ، وَأَبَانَ، وَتَبَيَّنَ، وَاسْتَبَانَ، وَبَيَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُشَدَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ. (بِالْمَعْرُوفِ) : مَفْعُولٌ أَوْ حَالٌ. (أَنْ تَكْرَهُوا) : فَاعِلُ عَسَى، وَلَا خَبَرَ لَهَا هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ إِذَا تَقَدَّمَ صَارَتْ عَسَى بِمَعْنَى قَرُبَ، فَاسْتَغْنَتْ عَنْ تَقْدِيرِ الْمَفْعُولِ الْمُسَمَّى خَبَرًا.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة النساء (4) : آية 19]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول في محلّ نصب بدل من أيّ- أو نعت له- (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ...
والواو فاعل (لا) نافية (يحلّ) مضارع مرفوع (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يحلّ) ، (أن) حرف مصدريّ ونصب (ترثوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (النساء) مفعول به منصوب (كرها) مصدر في موضع الحال أي مكرهينهنّ على ذلك. والمصدر المؤوّل (أن ترثوا ... ) في محلّ رفع فاعل لفعل يحلّ.
(الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تعضلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (اللام) لام التعليل (تذهبوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (ببعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (تذهبوا) ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (آتيتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعل و (الواو) حرف زائد إسباع ضمّة الميم، و (هنّ) ضمير في محلّ نصب مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن تذهبوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (تعضلوهنّ) .
(إلّا) أداة استثناء (أن) حرف مصدريّ ونصب (يأتين) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ نصب و (النون) نون النسوة- فاعل (بفاحشة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتين) ، (مبيّنة) نعت لفاحشة مجرور مثله.
والمصدر المؤوّل (أن يأتين ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف، والتقدير: إلّا في إتيان الفاحشة، والجارّ والمجرور متعلّق بمحذوف حال مستثناة من عموم الأحوال .
(الواو) عاطفة (عاشروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل عاشروهنّ ، (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (كرهتموهنّ) مثل آتيتموهنّ والفعل في محلّ جزم فعل الشرط (الفاء) رابطة لجواب الشرط (عسى) فعل ماض تام مبنيّ على الفتح المقدّر (أن تكرهوا) مثل أن ترثوا (شيئا) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن تكرهوا..) في محلّ رفع فاعل عسى التام.
(الواو) واو المعيّة (يجعل) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد واو المعيّة (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يجعل) ، (خيرا) مفعول به منصوب (كثيرا) نعت منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يجعل ... ) معطوف على مصدر مسبوك من الكلام المتقدّم أي: قد يكون رجاء كره منكم وجعل خير من الله.
جملة النداء: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا يحلّ» لكم لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «ترثوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «لا تعضلوهنّ» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا يحلّ .
وجملة: «تذهبوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «آتيتموهنّ» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «يأتين ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «عاشروهنّ» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا يحلّ .
وجملة: «إن كرهتموهنّ» لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «عسى أن تكرهوا ... » لا محلّ لها تعليل لجواب الشرط المقدّر أي: إن كرهتموهنّ فاصبروا لأنه عسى أن تكرهوا ...
وجملة: «تكرهوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) الرابع.
وجملة: «يجعل الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الخامس.
الصرف:
(مبيّنة) ، مؤنّث مبيّن، اسم فاعل من بيّن الرباعيّ، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.

النحاس

{يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً..} [19] "أن" في موضع رفع أي وراثة النساء و "ٱلنِّسَآءَ" منصوبات على أحد معنيين يكون بمعنى أن ترثوا من النساء كما ترثوا الأموال وقد رُوِيا جميعاً في التفسير. روى أبو صالح عن ابن عباس قال: لما مات أبو قيس بنُ الأسلتِ جاء ابنه فألقى على امرأة أبيه رداءه وقال: قد وَرِثْتُهَا كما وَرِثتُ ماله وكان هذا حكمهم فإِن شاء دخل بها بلا صداق وان شاء زَوّجها وأخذ صداقها فأنزل الله جل وعز "يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً" وفي رواية أخرى كان الرجل يتزوج المرأة فإِذا مات عنها قبل أن يدخل بها منعها ابنه من التزويج حتى يرث منها {كَرْهاً} مصدر في موضع الحال. {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} يجوز أن يكون معطوفاً وفي قراءة عبدالله {ولا أن وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} ويجوز أن يكون "كرهاً" تمام الكلام ثم ابتدأ النهي فقال: {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} وذلك أن يكون عند الرجل امرأة لا يريدها فيعضلها أي لا يطلقها لِتَفتَدِيَ منه فذلك محظور عليه قال ابن السلماني نزلت "لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً" في أمر الجاهلية ونزلت "وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ" في أمر الاسلام، وقال ابن سيرين وأبو قِلاَبَة لا يحل له أن يأخذ منها فِديةً إلاّ أن يَجِدَ على بطنها رجلاً قال الله جل وعز {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} وقال الضحاك وقتادة: الفاحشة المبيّنة النشوز أي فإِذا نشزت كان له أن يأخذ الفديةَ، وقول ثالث {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنة} إلا أن يَزْنِينَ فَيُحبَسْنَ في البيوت فيكون هذا قبل النسخ "وأن" في موضع نصب على جميع الأقوال لأنها استثناء ليس من الأول.

دعاس

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ» يا أداة نداء وأي منادى نكرة مقصودة في محل نصب على النداء واسم الموصول بدل وجملة «آمَنُوا» صلة «لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ» المصدر المؤول من أن والفعل المضارع في محل رفع فاعل يحل ولكم متعلقان به النساء مفعول به «كَرْهاً» حال «وَلا تَعْضُلُوهُنَّ» الواو عاطفة ولا نافية تعضلوهن مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به. ويجوز أن تكون الواو استئنافية ولا ناهية جازمة والمضارع مجزوم «لِتَذْهَبُوا» اللام لام التعليل تذهبوا منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والمصدر المؤول للذهاب متعلقان بتعضلوهن والواو فاعل. «بِبَعْضِ» متعلقان بتذهبوا «ما آتَيْتُمُوهُنَّ» ما اسم موصول في محل جر بالإضافة آتيتموهن فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ» إلا أداة استثناء والمصدر المؤول في محل نصب على الاستثناء يأتين فعل مضارع مبني على السكون في محل نصب ونون النسوة فاعله «مُبَيِّنَةٍ» صفة فاحشة «وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» فعل أمر وفاعل ومفعول به وفعل الأمر مبني على حذف النون تعلق به الجار والمجرور بعده والجملة معطوفة «فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ» فعل ماض والتاء فاعله والهاء مفعول به والواو للإشباع وهو في محل جزم فعل الشرط وجواب الشرط محذوف تقديره : فاحتملوهن «فَعَسى » الفاء للتعليل وفعل ماض جامد «أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً» فعل مضارع وفاعل ومفعول به والمصدر المؤول في محل رفع فاعل عسى «وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً» فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل وخيرا مفعول به والجار والمجرور متعلقان بالفعل وهما بمنزلة المفعول الثاني ليجعل «كَثِيراً» صفة وجملة «وَيَجْعَلَ ...» معطوفة وجملة «عسى» تعليلية لا محل لها.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } المصدر المؤول "أن ترثوا" فاعل "يحل". "كرها": حال من "النساء". والمصدر "أن يأتين" منصوب على نزع الخافض "في"، أي: إلا في حال إتيان الفاحشة، فلا يحل العضل في كل حال إلا في هذه الحال. وجملة "فإن كرهتموهن" معطوفة على جملة "تعضلوهن" لا محل لها. قوله "فعسى أن تكرهوا ": الفاء رابطة، و"عسى" فعل ماض جامد تام، والمصدر المؤول فاعل "عسى". "ويجعل": الواو للمعية، والفعل منصوب بأن مضمرة وجوبا، والمصدر معطوف على مصدر متصيد من الكلام المتقدم أي: قد يكون رجاء كرهٍ منكم وجَعْل خيرٍ من الله.