وَٱلَّذَانِ يَأۡتِيَٰنِهَا مِنكُمۡ فَ‍َٔاذُوهُمَاۖ فَإِن تَابَا وَأَصۡلَحَا فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابٗا رَّحِيمًا

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]
وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16) الإعراب:
(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) كلام مستأنف مسوق للشروع في أحكام الزانية. والواو استئنافية واللاتي اسم موصول وجملة يأتين الفاحشة صلة الموصول ومن نسائكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) الفاء رابطة لما في الموصول من رائحة الشرط، ولذلك جاز أن يخبر بالأمر عن المبتدأ بقوله: استشهدوا، ولك أن تجعل الخبر محذوفا أي: فيما يتلى عليكم حكم اللاتي. وعليهن جار ومجرور متعلقان باستشهدوا وأربعة مفعول به ومنكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة (فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) الفاء استئنافية وإن شرطية وشهدوا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والفاء رابطة وأمسكوهن فعل أمر والواو فاعل والهاء مفعول به وفي البيوت جار ومجرور متعلقان بأمسكوهن والجملة في محل جزم جواب الشرط (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) حتى حرف غاية وجر ويتوفاهن فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والهاء مفعول به والموت فاعل وأن المضمرة وما في حيزها مصدر مؤول في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلقان بأمسكوهن وأو حرف عطف ويجعل فعل مضارع معطوف على «يتوفاهن» والله فاعل ولهن جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة ل «سبيلا» وتقدمت، وسبيلا مفعول به (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) الواو حرف عطف واللذان مبتدأ وأراد بهما الزاني والزانية، وجملة يأتيانها صلة والضمير يعود على الفاحشة ومنكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والفاء رابطة وآذوهما فعل أمر وفاعل ومفعول به والجملة خبر وقد تقدم نظيره. ومعنى الإيذاء السب والتوبيخ والضرب (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) فإن الفاء استئنافية وإن شرطية وتابا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وأصلحا عطف على «تابا» والفاء رابطة وجملة أعرضوا عنهما في محل جزم جواب الشرط (إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) إن واسمها وجملة كان واسمها المستتر وخبرها في محل جزم جواب الشرط، ورحيما خبر كان الثاني.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا(16) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا) : الْكَلَامُ فِي اللَّذَانِ كَالْكَلَامِ فِي اللَّاتِي، إِلَّا أَنَّ مَنْ أَجَازَ النَّصْبَ يَصِحُّ أَنْ يُقَدِّرَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ؛ تَقْدِيرُهُ: آذَوُا اللَّذَيْنِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ
يَعْمَلَ مَا بَعْدَ الْفَاءِ فِيمَا قَبْلَهَا هَاهُنَا، وَلَوْ عَرَا مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ هُنَا فِي حُكْمِ الْفَاءِ الْوَاقِعَةِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ، وَتِلْكَ تَقْطَعُ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا. وَيُقْرَأُ اللَّذَانِ بِتَخْفِيفِ النُّونِ عَلَى أَصْلِ التَّثْنِيَةِ، وَبِتَشْدِيدِهَا عَلَى أَنَّ إِحْدَى النُّونَيْنِ عِوَضٌ مِنَ اللَّامِ الْمَحْذُوفَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اللَّذَيَانِ مِثْلُ الْعَمَيَانِ وَالشَّجَيَانِ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ مُبْهَمٌ، وَالْمُبْهَمَاتُ لَا تُثَنَّى التَّثْنِيَةَ الصِّنَاعِيَّةَ، وَالْحَذْفُ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ التَّثْنِيَةَ هُنَا مُخَالِفَةٌ لِلْقِيَاسِ، وَقِيلَ: حُذِفَتْ لِطُولِ الْكَلَامِ بِالصِّلَةِ، فَأَمَّا هَذَانِ وَهَاتَيْنِ وَفَذَانِكَ فَنَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة النساء (4) : آية 16]
وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اللذان) اسم موصول مبنيّ على الألف في محلّ رفع مبتدأ (يأتيان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون..
و (الألف) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل و (ها) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعل (الفاء) زائدة في الخبر ، (آذوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هما) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (تابا) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط.. و (الألف) فاعل (الواو) عاطفة (أصلحا) مثل تابا ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أعرضوا) فعل أمر مثل آذوا (عن) حرف جرّ و (هما) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أعرضوا) ، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (توّابا) خبر كان منصوب (رحيما) خبر ثان منصوب. جملة: «اللذان يأتيانها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اللاتي يأتين في الآية السابقة.
وجملة: «يأتيانها..» لا محلّ لها صلة الموصول (اللذان) .
وجملة: «آذوهما» في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللذان) .
وجملة: «تابا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أصلحا» لا محلّ لها معطوفة على جملة تابا.
وجملة: «أعرضوا ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إنّ الله كان..» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «كان توّابا..» في محلّ رفع خبر إنّ.
الفوائد
1- هاتان الآيتان منسوختان بحكم الزانية والزاني في سورة «النور» ، وهو الجلد والرجم. وقد كان الحكم عليهما في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة تحبس في بيت فلا تخرج منه إلى أن تموت أو يجعل الله لها سبيلا. وقد كان السبيل هو النسخ.
2- ورد في هذه الآية اسمان موصولان وهما «اللاتي لجمع المؤنث، واللذان للمثنى المذكر» وقد ورد رسمهما في المصحف ب «لام واحدة» وهما يكتبان ب «لامين» .
وقد حوفظ على رسم الكلمات في المصحف ولم يتناولها تغيير أو تبديل حفاظا على قداسة المصحف. وهذا لا يمنعنا أن نذكر أن أربعة من الأسماء الموصولة تكتب بلام واحدة وهي: الذي والذين والتي والألى وما سوى هذه الأربعة تكتب بلامين.
وهي «اللذان واللذين، واللتان واللتين، واللّاتي واللواتي واللائي» .
ولا ندري علّة لذلك فمن شاء فليبحث في بطون المطولات لعله يحظى لهذا التفريق بصلة وسبب 3- نون النسوة قسمان: المخففة، وهي ضمير بإطلاق، والمشدّدة وفيها رأيان الأول: أنها حرف يدل على النسوة، وما قبلها هو الضمير سواء كان هاء نحو «يتوفاهنّ» أو الكاف مثل «يجعلكنّ» . والثاني أنها جزء من الضمير.

النحاس

{وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ..} [16] الأَولَى أن يكونَ هذا للرجلين فأما أن يكون للرجل والمرأة على أن يُغَلّبَ المذكر على المؤنث فبعيد لأنه لا يخرج الشيء الى المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة. وزعم قوم أنّ قوله {فَآذُوهُمَا} منسوخ وقيل، وهو أولى: إنه ليس/ 46 ب/ بمنسوخ وانه واجب أن يُؤذَيَا: بالتوبيخ فيقال لهما: فَجَرتُما وفَسَقتُما وخالفتما أمر الله جل وعز.

دعاس

وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16) «وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ» اسم موصول مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى أو مبني على الكسر في محل رفع وجملة
«يَأْتِيانِها مِنْكُمْ» صلة الموصول ومنكم متعلقان بمحذوف حال «فَآذُوهُما» الجملة خبر المبتدأ اللذان «فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا» تابا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والألف فاعل وأصلحا عطف وجملة «فَأَعْرِضُوا عَنْهُما» في محل جزم جواب الشرط «إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً» تقدم إعراب ما يشبهها.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } جملة "فآذوهما" خبر "اللذان" والفاء زائدة. وجملة "فإن تابا" معطوفة على جملة "اللذان يأتيانها" لأن الموصول في قوة إن أتياها.