فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ
إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ
مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة آل عمران (3) : الآيات 95 الى 97]
قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)
اللغة:
(بكة) لغة في مكة، وسميت مكة لأنها قليلة الماء تقول العرب:
ملك الفصيل ضرع أمه وأمكه إذا امتص ما فيه من اللبن. وفي القاموس ما يدل على أنها سميت بذلك لأنها تمك الذنوب أي تمحوها وتزيلها. أما بكة فقد سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة، أي تذلهم وتهلكهم. وقيل: من بكه إذا زحمه، سميت بذلك لازدحام الناس فيها. قال:
إذا الشريب أخذته الاكه ... فخله حتى يبك بكه
هذا وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة منها مكة وبكة والبيت العتيق والبيت الحرام والبلد الأمين والمأمون وأم رحيم وأم القرى وصلاح والعرش والقادس لأنها تطهر من الذنوب والمقدسة والناسة بالنون وبالباء أيضا والحاطمة والرأس وكوثاء والبلدة والبنية والكعبة.
الإعراب:
(قُلْ: صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) كلام مستأنف مسوق للتعريض بكذبهم أي ثبت أن الله صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون. وقل فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت وصدق الله فعل ماض وفاعل والجملة في محل نصب مقول القول فاتبعوا: الفاء هي الفصيحة أي إذا أردتم النجاة بعد أن ثبت لكم ذلك على الوجه الأكمل فاتبعوا، واتبعوا فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وملة مفعول به وإبراهيم مضاف إليه وحنيفا حال (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الواو حالية وما نافية وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو يعود على إبراهيم
ومن المشركين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كان (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) كلام مستأنف مسوق للدلالة على أن أول مسجد وضع للناس هو المسجد الحرام ثم بيت المقدس وأول من بناه إبراهيم عليه السلام، وإن واسمها وبيت مضاف إليه ووضع فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وللناس جار ومجرور متعلقان بوضع والجملة صفة لبيت والذي اللام المفتوحة هي المزحلقة والذي اسم موصول في محل رفع خبر إن وببكة جار ومجرور متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول (مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) مباركا حال من اسم الموصول أو من الضمير المستكن في متعلق الجار والمجرور وهدى عطف على مباركا وللعالمين جار ومجرور متعلقان بهدى أي هاديا لهم (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم وآيات مبتدأ مؤخر وبينات صفة لآيات والجملة مستأنفة لبيان بركته وهداه، ومقام مبتدأ خبره محذوف أي منها مقام إبراهيم أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره أحدها أي أحد تلك الآيات البينات مقام ابراهيم والجملة استئنافية.
وسترى في باب الفوائد مناقشة طريفة وما أوردناه هو الأولى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) الواو استئنافية ومن شرط جازم في محل رفع مبتدأ ويجوز أن تكون موصولية ودخله فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والفاعل هو والهاء مفعول به على السعة أو منصوب بنزع الخافض وقد تقدم إعرابه وكان فعل ماض ناقص في محل جزم جواب الشرط واسمه هو وآمنا خبر كان وفعل الشرط وجوابه خبر من
الشرطية والموصولة (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لفرض الحج والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وعلى الناس جار ومجرور متعلقان بما تعلق به الخبر وهو «لله» وحج مبتدأ مؤخر والبيت مضاف إليه ومن اسم موصول في محل جر بدل من الناس بدل بعض من كل أو اشتمال والضمير محذوف أي منهم وأعربها بعضهم فاعلا ب «حج» وفيه نظر يأتيك تفصيله الممتع في باب الفوائد، وجملة استطاع صلة الموصول وإليه جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لسبيلا فلما تقدمت عليه أعربت حالا (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) الواو عاطفة ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ أو اسم موصول وكفر فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله هو والفاء تعليل لجواب الشرط المقدر أي فلن يضر الله فان الله عنه غني، وعلى كل حال فالجملة لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول وفعل الشرط وجوابه خبر وإن حرف مشبه بالفعل والله اسمها وغني خبرها وعن العالمين جار ومجرور متعلقان بغني.
الفوائد:
1- للنحاة كلام طويل
اشتجر فيه الخلاف بينهم وشايعهم المفسرون فهاموا في كل واد، حتى كاد يفوتهم المراد، ولو أنهم جنحوا الى السهولة لاختاروا الوجه الذي اخترناه فأراحوا واستراحوا، ولكنهم خاضوا في القول واستغلوا طاقاتهم النحوية القوية، فأتوا في مناقشاتهم بالممتع المطرب، وسنعرض لك هنا خلاصة عن تلك المناقشات لتكون تسجيلا تاريخيا لاشتجار الآراء وشاهدا لموضوعية الفكر.
قال الزمخشري: مقام: عطف بيان من آيات، ورد عليه النحاة فقالوا: إنه خرق لإجماع النحاة الذين قرروا أن النكرة لا تبين بالمعرفة وجمع المؤنث السالم لا يبين بالمفرد المذكر. وقالوا: لا يجوز أن يكون بدلا من آيات لأنهم نصوا على أن المبدل منه إذا كان متعددا وكان البدل غير واف بالعدة تعين القطع. ورد عليهم أنصار الزمخشري بأنه أي الزمخشري كان مجتهدا فلا يبالي بمخالفة الإجماع.
وابن جني أجاز خرق الإجماع:
وقال ابن جني: إنه يجوز خرق الإجماع في الفنون الأدبية.
ما يقوله جلال الدين السيوطي:
وقال الجلال السيوطي في حاشيته على البيضاوي ما نصه:
«قوله، مبتدأ محذوف خبره، أي أحد الوجوه في «مقام» قال الشهاب الحلبي: وهو المختار. وقال الزمخشري هو عطف بيان ورد عليه بأن «آيات» نكرة و «مقام إبراهيم» معرفة، ولا يجوز التخالف في عطف البيان بإجماع البصريين والكوفيين. وقال الصفاقسي: يحتمل أن يكون الزمخشري أطلق عطف البيان وأراد به البدل كالجماعة تسمحا، وكذلك قال ابن هشام في المغني: قد يكون عبر عن البدل بعطف البيان لتآخيهما. ويؤيده قوله في «أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم» أن «من وجدكم» عطف بيان لقوله:
«حيث سكنتم» وهذا سيبويه إمام الصنعة يسمي التوكيد صفة،
وإنما نقلنا هذا الكلام وهو غيض من فيض- للاستمتاع وترويض الذهن، وقد أغنانا إعراب «مقام» مبتدأ خبره محذوف أو خبر لمبتدأ محذوف عن كل هذا التطويل.
2- المناقشة الثانية في «من استطاع» :
ما ارتئيناه من إعراب «من» بدلا من «الناس» هو المختار، وقال بعض النحاة: «من» فاعل حج لأنه مصدر يعمل عمل فعله، والمصدر مضاف إلى مفعوله. ورد النحاة عليه بأنه يجب على الناس أن يحج مستطيعهم، وذلك باطل. وأجاب التاج السبكي عن ابن السيد فقال: ولا مانع من أن يكون في الحج شيئان: فرض كفاية على كل الناس أن يحج مستطيعهم فإن لم يحج أثم الخلق كلهم، وفرض عين على المستطيع. ولا حاجة إلى كل هذا التكلف، والاخذ والرد. وذلك باعراب «من» بدلا من الناس، فتأمل والله يرشدك.
هذا وقد أعرب الكسائي «من» شرطية في محل رفع مبتدأ وجوابها محذوف والتقدير: من استطاع فليحج أو فعليه أن يباشر الحج بنفسه.
[المجلد الثاني]
[تتمة سورة آل عمران]
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً مُضْمِرَةً لِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَالْهُدَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهَا حَالًا أُخْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لِلْعَالَمِينَ ; وَالْعَامِلُ فِيهِ هُدًى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُبَارَكًا» وَهُوَ الْعَامِلُ فِيهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِهُدًى كَمَا أَنَّ لِلْعَالَمِينَ كَذَلِكَ. وَ (مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) : مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ مِنْهَا مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ. (وَمَنْ دَخَلَهُ) : مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ; أَيْ وَمِنْهَا أَمْنُ مَنْ دَخَلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ، تَقْدِيرُهُ: هِيَ مَقَامٌ. وَقِيلَ: بَدَلٌ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ قَدْ عَبَّرَ عَنِ الْآيَاتِ بِالْمَقَامِ، وَبِأَمْنِ الدَّاخِلِ. وَقِيلَ: (وَمَنْ دَخَلَهُ) : مُسْتَأْنَفٌ، وَمَنْ شَرْطِيَّةٌ. وَ (حِجُّ الْبَيْتِ) : مَصْدَرٌ يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَهُمَا لُغَتَانِ. وَقِيلَ: الْكَسْرُ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ «عَلَى النَّاسِ» . وَلِلَّهِ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْرَارِ فِي عَلَى، تَقْدِيرُهُ: اسْتَقَرَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ لِلَّهِ وَعَلَى النَّاسِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، إِمَّا حَالًا، وَإِمَّا مَفْعُولًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ حَالًا ; لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْحَالِ عَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى، وَالْحَالُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْعَامِلِ الْمَعْنَوِيِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ «الْحَجُّ» بِالْجَارِّ الْأَوَّلِ، أَوِ الثَّانِي، وَالْحَجُّ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ. (مَنِ اسْتَطَاعَ) : بَدَلٌ مِنَ النَّاسِ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، وَقِيلَ: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ تَقْدِيرُهُ: هُمْ مَنِ اسْتَطَاعَ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ مَنِ اسْتَطَاعَ، وَالْجُمْلَةُ بَدَلٌ أَيْضًا، وَقِيلَ: هُوَ مَرْفُوعٌ بِالْحَجِّ تَقْدِيرُهُ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحُجَّ الْبَيْتَ مَنِ اسْتَطَاعَ. فَعَلَى هَذَا فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ; تَقْدِيرُهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْهُمْ، لِيَكُونَ فِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: مَنْ مُبْتَدَأٌ شَرْطٌ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: مَنِ اسْتَطَاعَ فَلْيَحُجَّ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَفَرَ) : وَجَوَابُهَا.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة آل عمران (3) : آية 97]
فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)
الإعراب:
(في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (آيات) مبتدأ مؤخّر (بينات) نعت لآيات مرفوع مثله (مقام) بدل اشتمال من آيات مرفوع مثله ، والرابط مقدّر أي منها (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة ممنوع من الصرف (الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (دخل) والجملة إما حال من آيات أو نعت لها. كما يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هي.
فعل ماض في محلّ جزم فعل الشرط و (الهاء) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (كان) فعل ماض ناقص في محلّ جزم جواب الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (آمنا) خبر كان منصوب.
جملة: «فيه آيات ... » في محلّ نصب حال من الموصول في الآية السابقة .
وجملة: «من دخله كان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «دخله» في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة: «كان آمنا» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
(الواو) استئنافيّة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (على الناس) جارّ ومجرور متعلّق بالخبر المحذوف (حجّ) مبتدأ مؤخّر مرفوع (البيت) مضاف إليه مجرور (من) بدل بعض من كلّ وهو الناس، اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ، والرابط مقدّر أي استطاع منهم ، (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من (سبيلا) - نعت تقدّم على المنعوت- (سبيلا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (من كفر) مثل من دخل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) اسم إنّ منصوب (غنيّ) خبر مرفوع (عن العالمين) جارّ ومجرور متعلّق بغنيّ وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «لله على الناس حجّ» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «استطاع» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «من كفر ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) ..
وجملة: «إنّ الله غنيّ ... » في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء أو هي تعليل للجواب المحذوف أي فالله مستغن عنه إنّ الله غنيّ عن العالمين.
الفوائد
قوله تعالى: «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» .
ذكر علماء النحو معان تدل عليها أخوات كان وهي: (آ) - ما يدل على التوقيت:
1- أصبح وهي للتوقيت الصباحي مثال (أصبح الطير منتشرا في الحقل) .
2- أضحى- هي للتوقيت بالضحى- مثال (أضحى الجوّ صحوا) 3- أمسى- هي للتوقيت بالمساء: مثال (أمسى الفلاح عائدا إلى بيته) .
(ب) ما يدل على التحويل، نحو: صار مثل (صار البرتقال عصيرا) .
(ج) ما يدل على النفي، نحو: ليس: مثل (ليس الشجر مثمرا) .
(د) - ما يدل على الاستمرار: نحو (ما زال- ما برح- ما فتى- ما انفك) مثال (ما زال القمر منيرا) . (هـ) ما يدل على بيان المدة وهي (ما دام) مثل (ينجح الطالب ما دام مجدا) أي (مدة دوامه مجدا) .
النحاس
{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ..} [97]
رفع بالابتداء أو بِالصفةِ مقامٌ ابراهيمَ في رفعه ثلاثة أوجه: قال الأخفش: أي منها مقام ابراهيمَ وحُكِيَ عن محمد بن يزيد قال: "مَّقَامُ" بدل من آيات والقول الثالث بمعنى مَقامُ إِبراهيمَ وقول الأخفش معروفٌ في كلام العرب كما قال زهير:
لَهَا متاعٌ وأعوانٌ غَدَونَ لَهَا * قِتْبٌ وغَرْبٌ إِذا ما أُفرِغَ انسَحَقَا
وقول أبي العباس إِنّ مقاماً بمعنى مقامات لأنه مصدر قال الله جل وعز {خَتَم الله على قُلوبِهِمْ وعلى سَمْعِهِمْ} وقال الشاعر:
إِنّ العيونَ التي في طَرفِهَا مَرَضٌ * قَتَلنَنا ثُمّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانا
ويُقوّي هذا الحديثُ المرويّ "الحجُّ كلّه مَقَامُ ابراهيمَ". {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} يجوز أن يكون معطوفاً على مقام أي وفيهِ مِنَ الآياتِ مَنْ دَخَلهُ كان آمناً لأن ذلك من الآيات كان الناس يُتَخطّفُونَ حَوالَى الحَرمِ فإِذا قصده ملكٌ هَلَك. ويجوز أن يكون {مَنْ} رفعاً بالابتداء والخبر {كَانَ آمِناً} {وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} {مَنْ} في موضع خفض على بدل البعض من الكلّ هذا قولُ أكثرِ النحويين وأجاز الكسائي أن تكونَ "مَنْ" في موضع رفع، و {ٱسْتَطَاعَ} شرط والجواب محذوف أي مَن استطاع إليه سبيلاً فعليه الحج/ 39 ب/.
دعاس
فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)
«فِيهِ» متعلقان بالخبر المحذوف «آياتٌ» مبتدأ «بَيِّناتٌ» صفة «مَقامُ» خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أو مبتدأ والتقدير منها مقام إبراهيم وقيل بدل من آيات «إِبْراهِيمَ» مضاف إليه مجرور بالفتحة للعلمية والعجمة والجملة استئنافية. «وَمَنْ دَخَلَهُ» الواو للاستئناف من اسم شرط جازم دخله فعل ماض ومفعول به والفاعل مستتر ، وجملة من مستأنفة «كانَ آمِناً» كان وخبرها واسمها ضمير مستتر وهي في محل جزم فعل الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من «وَلِلَّهِ» لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بمحذوف خبر وكذلك «عَلَى النَّاسِ» «حِجُّ» مبتدأ «الْبَيْتِ» مضاف إليه «مَنِ اسْتَطاعَ» من اسم موصول في محل جر بدل من الناس وجملة استطاع صلة الموصول «إِلَيْهِ» متعلقان باستطاع. «سَبِيلًا» مفعول به. «وَمَنْ كَفَرَ» الواو للاستئناف من اسم شرط مبتدأ وكفر فعل الشرط «فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ» إن ولفظ الجلالة اسمها وغني خبرها والجملة في محل جزم جواب الشرط «عَنِ الْعالَمِينَ» متعلقان بغني.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا }
"مقام إبراهيم" مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: منها. وجملة "منها مقام" نعت لآيات. وجملة "ومن دخله" مستأنفة، وكذا جملة "ولله على الناس حج البيت". وقوله "من استطاع": بدل بعض من كل، والضمير الرابط مقدر أي: منهم.