وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِيقٗا يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة آل عمران (3) : آية 78]
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)

اللغة:
(يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ) يفتلونها ويديرونها عن الصحيح إلى المزيف، يقال: لويت عنقه: أي فتلته، والمصدر: اللّيّ واللّيّان، وأصل اللّي الفتل والقلب، من قول القائل: لوى فلان يد فلان، ومنه قول فرعان بن الأعرف السعدي في ابنه منازل:
تخون مالي ظالما ولوى يدي ... لوى يده الله الذي هو غالبه
وهذا البيت من أبيات جميلة، وقبله:
جزت رحم بيني وبين منازل ... جزاء كما يستنزل الدّين طالبه
وما كنت أخشى أن يكون منازل ... عدّوي وأدنى شانىء أنا راهبه
حملت على ظهري وفديت صاحبي ... صغيرا إلى أن أمكن الطّر شاربه
وأطعمته حتى إذا صار شيظما ... يكاد يساوي غارب الفحل غاربه
تخون مالي ظالما ... البيت.

الإعراب:
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) كلام مستأنف مسوق لوصف فريق منهم ككعب بن الأشرف ومالك بن الصّيف وحيّي بن أخطب وأبي ياسر وشعبة بن عمرو الشاعر كانوا يلوون ألسنتهم ويتشدقون بها محرفين ما فيها من نعت النبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيره، والواو استئنافية وإن حرف مشبه بالفعل ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم واللام المزحلقة وفريقا اسم إن المؤخر وجملة يلوون صفة ل «فريقا» وجمع الضمير اعتبارا بالمعنى لأنه اسم جمع كالرهط والقوم، والواو فاعل وألسنتهم مفعول به وبالكتاب:
جار ومجرور متعلقان بيلوون (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ) اللام لام التعليل وتحسبوه فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وحذفت النون لأنه من الأفعال الخمسة والهاء مفعول تحسبوه الأول ومن الكتاب جار ومجرور في موضع المفعول الثاني وأن المضمرة وما بعدها في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بيلوون (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) الواو حالية وما نافية حجازية تعمل عمل ليس وهو ضمير منفصل في محل رفع اسمها ومن الكتاب جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها (وَيَقُولُونَ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) الواو حرف عطف ويقولون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وهو معطوف على يلوون وهو مبتدأ ومن عند الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) تقدم إعرابها بحروفها. (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) عطف على ما سبق ويقولون فعل مضارع والواو فاعل وعلى الله جار ومجرور متعلقان بيقولون الكذب مفعول به أو مفعول مطلق وقد تقدم إعرابه قريبا، (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الواو حالية وهم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ وجملة يعلمون خبرها.

البلاغة:
التشبيه في قوله: «لتحسبوه» أي يعطفون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا ذلك الشبه من الكتاب.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لتحسبوه من الْكتاب وَمَا هُوَ من الْكتاب (78)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَلْوُونَ) : هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ صِفَةٌ لِفَرِيقٍ، وَجُمِعَ عَلَى الْمَعْنَى، وَلَوْ أُفْرِدَ جَازَ عَلَى اللَّفْظِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى إِسْكَانِ اللَّامِ، وَإِثْبَاتِ وَاوَيْنِ بَعْدَهَا. وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَضَمِّ الْيَاءِ عَلَى التَّكْثِيرِ. وَيُقْرَأُ بِضَمِّ اللَّامِ وَوَاوٍ وَاحِدَةٍ سَاكِنَةٍ، وَالْأَصْلُ يَلْوُونَ كَقِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، إِلَّا أَنَّهُ هَمَزَ الْوَاوَ لِانْضِمَامِهَا، ثُمَّ أَلْقَى حَرَكَتَهَا عَلَى اللَّامِ. وَالْأَلْسِنَةُ: جَمْعُ لِسَانٍ، وَهُوَ عَلَى لُغَةِ مَنْ ذَكَّرَ اللِّسَانَ، وَأَمَّا مَنْ أَنَّثَهُ فَإِنَّهُ يَجْمَعُهُ عَلَى أَلْسُنٍ.
وَ (بِالْكِتَابِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْأَلْسِنَةِ ; أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِالْكِتَابِ، أَوْ نَاطِقَةٌ بِالْكِتَابِ.
وَ (مِنَ الْكِتَابِ) : هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِحَسِبَ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة آل عمران (3) : آية 78]
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (اللام) لام التوكيد (فريقا) اسم إنّ مؤخّر منصوب (يلوون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (ألسنة) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (بالكتاب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يلوون) ، والباء بمعنى في أي في قراءة الكتاب (اللام) لام التعليل (تحسبوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام.. والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (من الكتاب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف مفعول به ثان أي معدودا من الكتاب .
والمصدر المؤوّل (أن تحسبوه ... ) في محلّ جرّ متعلّق ب (يلوون) .
(الواو) حاليّة (ما) نافية عاملة عمل ليس (هو) ضمير منفصل في محلّ رفع اسم ما (من الكتاب) مثل الأول متعلّق بمحذوف خبر ما (الواو) عاطفة (يقولون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (هو) ضمير مثل الأول (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (وما هو من عند الله) مثل وما هو من الكتاب (الواو) عاطفة (يقولون على الله ... يعلمون) مرّ إعراب هذه الآية سابقا .
جملة: «إنّ منهم لفريقا» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في الآية السابقة.
وجملة: «يلوون» في محلّ نصب نعت ل (فريقا) .
وجملة: «تحسبوه» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «ما هو من الكتاب» في محلّ نصب حال.
وجملة: «يقولون..» في محلّ نصب معطوفة على جملة يلوون.
وجملة: «هو من عند الله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما هو من عند الله» في محلّ نصب حال.
وجملة: «يقولون على الله..» في محلّ نصب معطوفة على جملة يلوون.
وجملة: «هم يعلمون» في محلّ نصب حال. وجملة: «يعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
الصرف:
(يلوون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يلويون، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت حركتها إلى الواو وحذفت الياء لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة فأصبح يلوون، وزنه يفعون.
(ألسنة) ، جمع لسان، اسم جامد وهو- على الغالب- مذكّر، وبعضهم يجعله مؤنثا إن كان جمعه ألسن.
البلاغة
1- التشبيه: في قوله «لتحسبوه» أي يعطفون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا ذلك الشبه من الكتاب.
2- وإظهار «الاسم الجليل» و «الكتاب» في محلّ الإضمار لتهويل ما أقدموا.
عليه في القول.
الفوائد
(لوى) الحبل فتله يلويه ليّا. ولوى رأسه وألوى برأسه أماله وأعرض. وقوله تعالى: «وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا» . قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو القاضي يكون ليّه وإعراضه لأحد الخصمين على الآخر، وألوى بالكلام: خالف به عن جهته. وألوى بهم الدهر: أهلكهم قال الشاعر:
أصبح الدهر وقد ألوى بهم، غير تقوالك من قيل وقال

النحاس

{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً..} [78] اسم "إِنّ" واللام توكيد. {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ} وقرأ أبو جعفر وشيبة {يُلَوُّونَ ألسِنَتَهُم} على التكثير وقرأ حُمَيْدُ بن قيس {يَلُونَ ألسنتهم} وتقديره يَلْوونَ ثم هَمزَ الواو لانضمامها وخَفّفَ الهمزة وألقى حَركتَها على ما قبلها. ألسِنَة جَمعُ لِسَانٍ في لغة من ذكّر ومن أنّثَ قال: أَلسُن.

دعاس

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)
«وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً» إن وفريقا اسمها واللام المزحلقة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر «يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ» فعل مضارع والواو فاعل وألسنتهم مفعول به والجار والمجرور متعلقان بيلوون «لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ» اللام لام التعليل. تحسبوه مضارع منصوب بأن مضمرة وعلامة نصبه حذف النون ، والواو فاعل والهاء مفعول به من الكتاب متعلقان بالفعل قبلهما وهما المفعول الثاني لتحسبوه.
«وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ» الواو حالية. ما نافية حجازية تعمل عمل ليس هو ضمير رفع منفصل في محل رفع اسمها من الكتاب متعلقان بمحذوف خبر والجملة في محل نصب حال. «وَيَقُولُونَ» فعل مضارع وفاعل والجملة معطوفة «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» هو مبتدأ من عند متعلقان بمحذوف خبر اللّه لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مقول القول «وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» إعرابها كسابقتها «وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» فعل مضارع والواو فاعل والكذب مفعوله ولفظ الجلالة مجرور بعلى متعلقان بالكذب والجملة معطوفة. «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» جملة يعلمون خبر المبتدأ هم وجملة وهم يعلمون حالية.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } اللام في "لفريقا" للتوكيد. قوله "وما هو من الكتاب": الواو حالية و "ما" نافية تعمل عمل ليس، والجملة حالية. وجملة "وما هو من عند الله" حالية. وجملة "وهم يعلمون" حالية.