قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
ٱلۡكَٰفِرِينَ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة آل عمران (3) : الآيات 31 الى 32]
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (32)
الإعراب:
(قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) كلام مستأنف مسوق لبيان معنى محبة الله، وقل فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت وإن شرطية وكان فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والتاء اسمها وجملة تحبون الله خبرها والفاء رابطة لجواب الشرط واتبعوني فعل أمر والواو فاعل والنون للوقاية والياء مفعول به والجملة في محل جزم جواب الشرط وجملة إن كنتم مقول القول (يُحْبِبْكُمُ) جواب الطلب مجزوم والكاف مفعول به (اللَّهَ) فاعل (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) عطف على يحببكم (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ وغفور رحيم خبران للمبتدأ (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) كلام مستأنف أيضا وجملة أطيعوا في محل نصب مقول القول (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) الفاء استئنافية وإن شرطية وتولوا فعل مضارع حذفت منه إحدى التاءين وهو فعل الشرط والجملة لا محل لها. ويجوز أن يكون فعلا ماضيا مسندا لضمير الغيبة، فيكون من باب الالتفات من المخاطب إلى الغائب والجملة في محل جزم فعل الشرط والفاء رابطة لجواب الشرط وإن واسمها، وجملة لا يحب الكافرين خبرها وجملة فإن الله في محل جزم جواب الشرط.
البلاغة:
المجاز المرسل في حب العباد لله تعالى وحبه لهم والعلاقة ما يكون.
فأما حبهم له فالمراد ما تئول إليه المحبة من اختصاصه بالعبادة دون غيره، وأما حبه لهم فالمراد منه ما يئول إليه من الرضا عنهم والغفران لذنوبهم. وهذه لمحة لا مندوحة عن إيرادها عن الحب:
الحب عند الفلاسفة: أما الفلاسفة فيقررون كما يتحدث عنهم سويد نبرغ السويدي أن الحب هو حياة الإنسان، وأن الله وحده هو عين الحب، لأنه هو عين الحياة، فالمحبة لغة- ميل المتصف بها إلى أمر ملذّ واللذات الباعثة على المحبة منقسمة إلى مدرك بالحس كلذة الذوق في الطّعوم ولذة النظر واللمس في الصور المستحسنة ولذة الشم في الروائح العطرية ولذة السمع في النغمات الحسنة وإلى لذة تدرك بالعقل كلذة الجاه والرياسة والعلوم وما يجري مجراها. وإذا تفاوتت البواعث، فليس معلوم أكمل ولا أجمل من المعبود الحق، وإذا حصلت هذه المحبة بعثت على الطاعات والموافقات.
الحب عند المتصوفة: أما المتصوفة فهم يقولون: إن الحب هو سكر المشاهدة وشجاعة الباذل وإيمان الولي والأصل الأصيل للتحقق الخلقي والإدراك الروحي. قال الثوري لرابعة العدوية: ما حقيقة إيمانك؟ قالت: ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حبا له وشوقا إليه. وأنشدت:
أحبك حبين: حب الهوى ... وحبا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى ... فشغلي بذكرك عما سواكا
وأما الذي أنت أهل له ... فكشفك لي الحجب حتى أراكا
والكلام يطول فحسبنا ما تقدم.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ تَوَلَّوْا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا، فَتَكُونُ التَّاءُ مَحْذُوفَةً ; أَيْ فَإِنْ تَتَوَلَّوْا ; وَهُوَ خِطَابٌ كَالَّذِي قَبْلَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْغَيْبَةِ، فَيَكُونُ لَفْظُهُ لَفْظُ الْمَاضِي.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة آل عمران (3) : آية 32]
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (32)
الإعراب:
(قل) فعل أمر والفاعل أنت (أطيعوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الرسول) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (تولّوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعل ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الكافرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «قل..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أطيعوا..» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إن تولّوا» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «إنّ الله لا يحبّ..» في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
جملة: «لا يحبّ ... » في محلّ رفع خبر إنّ..
الفوائد
1- قوله تعالى: «فَإِنْ تَوَلَّوْا» يشكل على المرء إعراب هذا الفعل وذلك لوحدة اللفظ بين أن يكون فعلا ماضيا من فعل «تولّى» وقد أسند الى واو الجماعة وبين أن يكون فعلا مضارعا من الأفعال الخمسة «تتولون» وقد حذفت إحدى التائين لتخفيف اللفظ وجزم بحرف الشرط «إن» فحذفت نون الرفع فأصبح «تولوا» ويصح معنى الآية على كلا الاعتبارين، والفرق بينهما محصور في وجود «الالتفات أو عدمه» .
2- قوله تعالى «لا يحب» فإن حب الله مغاير لحب العباد وهو من المجاز المرسل وللحب أبعاد ومدارك فهو لدى الإنسان العادي ناموس من نواميس الخلق أودعه الله في طبيعة الإنسان، لتستمر الخليقة التي اتخذها سبحانه خليفة له في أرضه، وهو لدى الفلاسفة على درجات أعلاها محبة المعبود الحق وهي التي تبعث على حب الطاعات والموافقات.
وهو لدى الصوفية سكر المشاهدة والاستغراق لدى الاشراق والفناء في الله ساعة التجلّي والاتصال. والله أعلم.
النحاس
{.. فإِن تَوَلَّوْاْ..} [32]
شرط إلاّ أنهُ ماضٍ لا يُعْرَبُ والتقدير فإن تولوا على كفرهم والجواب {فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ}.
دعاس
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (32)
«قُلْ» الجملة مستأنفة و«أَطِيعُوا اللَّهَ» فعل أمر وفاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة مقول القول «وَالرَّسُولَ» عطف على اللّه «فَإِنْ تَوَلَّوْا» الفاء استئنافية إن شرطية جازمة وتولوا فعل مضارع حذفت منه التاء والواو فاعل وهو فعل الشرط. أو هو فعل ماض ... والجملة ابتدائية «فَإِنَّ اللَّهَ» الفاء واقعة في جواب الشرط وإن ولفظ الجلالة اسمها وجملة «لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ» خبرها وجملة «فَإِنَّ اللَّهَ ...» في محل جزم جواب الشرط.
مشكل إعراب القرآن للخراط
لا يوجد إعراب لهذه الآية في كتاب "مشكل إعراب القرآن" للخراط