يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ إِذَا
ضَرَبُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُواْ غُزّٗى لَّوۡ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ
وَمَا قُتِلُواْ لِيَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسۡرَةٗ فِي قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ يُحۡيِۦ
وَيُمِيتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة آل عمران (3) : آية 156]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)
اللغة:
(ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) : سافروا فيها وأبعدوا في سفرهم للتجارة أو للغزو أو لغير ذلك من المقاصد.
(غُزًّى) جمع غاز، والقياس غزاة كرام ورماة وساع وسعاة، ولكنهم حملوا المعتل على الصحيح.
الإعراب:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم اعرابها (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) لا ناهية وتكونوا فعل مضارع ناقص مجزوم بلا والواو اسمها وكالذين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ولك أن تجعل الكاف اسما بمعنى مثل فتكون هي الخبر والذين اسم موصول مضاف اليه وجملة كفروا صلة، وجملة النهي مستأنفة مسوقة لتحذير المؤمنين من الاحتذاء بالمنافقين والنطق بمثل ما قالوه (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) عطف على الصلة والمراد بالاخوة اتفاق الجنس أو النسب. وإذا لمجرد الظرفية يراد بها حكاية الحال الماضية تجسيدا للصورة والظرف متعلق بقالوا وجملة ضربوا في الأرض في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف (أَوْ كانُوا غُزًّى) عطف على جملة ضربوا في الأرض وغزّى خبر كانوا والواو اسمها (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) الجملة في محل نصب مقول القول ولو شرطية وكان واسمها، وعندنا ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر كانوا أي مقيمين عندنا وجملة ما ماتوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وجملة وما قتلوا عطف على جملة ما ماتوا (لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) اللام لام العاقبة أو الصيرورة أي قالوا ذلك ليصيروا الى هذه العاقبة، ويجعل فعل مضارع بأن مضمرة جوازا بعد لام العاقبة وهي والمصدر المجرور بها متعلقان بفعل محذوف يفهم من السياق أي: قالوا ذلك واعتقدوه، والله فاعل وذلك مفعول به أول وحسرة مفعول به ثان وفي قلوبهم
جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لحسرة. والمشار اليه هو الجهر بالقول والاعتقاد، وجعله الزجاج ظنهم بأنهم لو لم يحضروا لم يقتلوا (وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ) الواو استئنافية والله مبتدأ وجملة يحيي خبر وجملة يميت عطف على جملة يحيي (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ بما جار ومجرور متعلقان ببصير وجملة تعملون لا محل لها لأنها صلة الموصول وبصير خبر «الله» .
البلاغة:
1- في هذه الآية فن رائع من فنون البلاغة وهو حكاية الحال الماضية استحضارا للصورة في الذهن وتجسيدا للمعنى المراد وتشخيصا لما يريد المتكلم عرضه، فإذا ظرف للمستقبل وقد جاء متعلقا بقالوا، وهي فعل ماض، وكان ظاهر الكلام يقضي باستعمال «إذ» المفيدة للمضيّ، ولكنه عدل عنها الى «إذا» لحكاية الحال الماضية، واستحضارها في الذهن، وفائدتها استمرار الزمان المنتظم للحال الذي يدور عليه الحديث الى وقت التكلم، وقد فصل الزجّاج هذا المعنى تفصيلا بارعا بقوله: «إذا هنا تنوب عما مضى من الزمان وما يستقبل يعني أنها لمجرد الوقت أو يقصد بها الاستمرار» .
2- الطباق بين يحيي ويميت، وهو من أوجز الحديث وأصدقه وأبعده في الدلالة على المعنى المراد، فانه سبحانه قد يحيي المسافر والغازي مع اقتحامهما موارد الهلكة، ثم يميت المقيم والقاعد مع أخذهما بأسباب الحيطة والحذر. وقد رمق أبو الطيب المتنبي هذه السماء العالية من البلاغة بقوله:
يقتل العاجز الجبان وقد يعجز عن قطع بخنق المولود
ويوقّى الفتى المخشّ وقد خوّ ... ض في ماء لبة الصنديد
يقول: لا تجبن، ولا تحرص على الحياة، فالعجز والجبن ليسا من أسباب البقاء وليسا بمنجيين من الموت، ويرحم الله خالد بن الوليد أنه قال عند موته: «ما فيّ موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وها أنا ذا أموت كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء» .
الفوائد:
(لام العاقبة) أو الصيرورة هي التي تدل على مآل الشيء وعقباه وحكمها في العمل حكم لام التعليل في إضمار أن بعدها جوازا وستأتي أمثلة منها.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ إِذَا هُنَا يُحْكَى بِهَا حَالُهُمْ، فَلَا يُرَادُ بِهَا الْمُسْتَقْبَلُ لَا مَحَالَةَ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا قَالُوا وَهُوَ لِلْمَاضِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَفَرُوا، وَقَالُوا مَاضِيَيْنِ. وَيُرَادُ بِهَا الْمُسْتَقْبَلُ الْمَحْكِيُّ بِهِ الْحَالَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَكْفُرُونَ وَيَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ. (أَوْ كَانُوا غُزًّى) : الْجُمْهُورُ عَلَى تَشْدِيدِ الزَّايِ، وَهُوَ جَمْعُ غَازٍ، وَالْقِيَاسُ غُزَاةٌ، كَقَاضٍ وَقُضَاةٍ، لَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى فُعَّلٍ حَمْلًا عَلَى الصَّحِيحِ ; نَحْوَ شَاهِدٍ وَشُهَّدٍ وَصَائِمٍ وَصُوَّمٍ. وَيُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَهُ غُزَاةٌ، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ تَخْفِيفًا ; لِأَنَّ التَّاءَ دَلِيلُ الْجَمْعِ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الصِّفَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ، فَحَذَفَ إِحْدَى الزَّايَيْنِ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. لِيَجْعَلَ اللَّهُ: اللَّامُ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ; أَيْ نَدَمَهُمْ أَوْ أَوْقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ ذَلِكَ لِيَجْعَلَهُ حَسْرَةً، وَجَعَلَ هُنَا بِمَعْنَى صَيَّرَ، وَقِيلَ: اللَّامُ هُنَا لَامُ الْعَاقِبَةِ ; أَيْ صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) .
الجدول في إعراب القرآن
[سورة آل عمران (3) : آية 156]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل من أيّ- تبعه في المحلّ- أو نعت له (آمنوا) فعل وفاعله (لا) ناهية جازمة (تكونوا) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو اسم كان (الكاف) حرف جرّ (الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر تكون (كفروا) مثل آمنوا (الواو) عاطفة (قالوا) مثل آمنوا (لإخوان) جارّ ومجرور متعلّق ب (قالوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (إذا) ظرف للزمن المستقبل، ومستعار هنا للماضي وينتظم الحال والمستقبل، وهو مجرّد من الشرط متعلّق ب (قالوا) ، (ضربوا) مثل آمنوا (في الأرض) جارّ ومجرور ومتعلّق ب (ضربوا) ، (أو) حرف عطف (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ ... والواو اسم كان (غزّى) خبر كانوا منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (لو) شرط غير جازم
(كانوا) مثل الأول (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر كانوا و (نا) ضمير مضاف إليه (ما) نافية (ماتوا) مثل آمنوا (الواو) عاطفة (ما قتلوا) ما نافية، وفعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ والواو نائب فاعل. (اللام) للتعليل- أو لام العاقبة- (يجعل) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب مفعول به أوّل و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (حسرة) مفعول به ثان منصوب (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لحسرة و (هم) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يجعل.) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (قالوا) .. أي قالوا ذلك ليدخل الحسرة في قلوبهم.. أو قالوا ذلك فكان عاقبة قولهم ومصيره إلى الحسرة والندامة.
(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحيي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة (يميت) مثل يحيي والضمّة ظاهرة (الواو) عاطفة (الله) مثل الأول (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ببصير ، (تعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بصير) خبر المبتدأ، مرفوع.
جملة النداء «يأيّها ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تكونوا..» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «قالوا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة كفروا.
وجملة: «ضربوا» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «كانوا غزّى» في محلّ جرّ معطوفة على جملة ضربوا.
وجملة: «لو كانوا عندنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما ماتوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «ما قتلوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة ما ماتوا.
وجملة: «يجعل الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «الله يحيي..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحيي» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة: «يميت» في محلّ رفع معطوفة على جملة يحيي.
وجملة: «الله..» بصير لا محلّ لها معطوفة على جملة الله يحيي.
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ (ما) .
الصرف:
(غزّى) ، جمع غاز، وقياسه أن يجمع على غزاة، كرام جمعه رماة، ولكن حمل المعتلّ على الصحيح كضارب ضرّب ...
وغاز أصله الغازي والياء منقلبة عن واو لسكونها وانكسار ما قبلها، وحذفت الياء للتنوين.. وأصل غزّى هو غزّو، قلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ثمّ حذفت الألف لفظا لمناسبة التنوين.
البلاغة
1- «إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ» إيثار إذا المفيدة لمعنى الاستقبال على إذ المفيدة لمعنى المضي لحكاية الحال الماضية إذ المراد بها الزمان المستمر المنتظم للحال الذي عليه يدور أمر استحضار الصورة. وهذا فن رائع من فنون البلاغة.
2- الطباق: بين يحيي ويميت، وهو من أوجز الحديث وأصدقه وأبعده في الدلالة على المعنى المراد.
3- «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» إظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار، لتربية المهابة وإلقاء الروعة والمبالغة في التهديد والتشديد في الوعيد.
الفوائد
1- في هذه الآية استشراف إلى أن الآجال مقطوع بها، وأن الشجاعة لا تقرب الآجال والجبن لا يبعدها، وقد عكس المنفلوطي هذا النوع من تفكير الجبناء فقال:
«إن الموت في الإدبار أكثر منه في الإقبال» وألمح إلى هذا المعنى سيف الله خالد بن الوليد بقوله وهو على فراش الموت ما معناه: «لقد خضت من المعارك ما خضت حتى لم يبق في جسمي موضع شبر الا وفيه طعنة رمح أو ضربة سيف، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء» .
2- لام الصيرورة ليست سوى إحدى لامات التعليل، إلا أنها تدل على مآل الشيء وعقباه، وحكمها في الاعراب كحكم لام التعليل، فهي تنصب الفعل المضارع ب «أن» مضمرة بعدها جوازا.
النحاس
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى..} [156]
جمع غازٍ مثل صائم وصُوَّم ويقال: غُزّاء كما يقال: صُوّام ويقال: غُزَاة وغَزِيّ كما قال:
* قُل لِلْقَوافِلِ والغَزِيّ إذا غَزَوا *
ورُوِيَ عن الزهري أنه قرأ {غُزَىً} بالتخفيف. {لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} فيه قولان أحَدُهُما أنّ المعنى أنّ اللهَ جل وعز جَعَلَ ظَنَّهم أن اخوانهم لو قعدوا عندهم ولم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ما قُتِلُوا، والقول الآخر انّهم لما قالوا هذا لم يَلتَفِتِ المؤمنون الى قولهم فكان ذلك حسرة. {وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ} أي يقدر على أن يحيي من خرج الى القتال ويميت من أقام في أهله.
دعاس
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» تكرر إعرابها «لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا» لا ناهية جازمة تكونوا مضارع مجزوم بحذف النون والواو اسمها كالذين متعلقان بمحذوف خبرها أو يمكن إعراب الكاف اسم بمعنى مثل هو الخبر وجملة كفروا صلة الموصول «وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ» عطف على كفروا «إِذا ضَرَبُوا» إذا ظرف زمان متعلق بقالوا والجملة بعده في محل جر بالإضافة «فِي الْأَرْضِ» متعلقان بضربوا «أَوْ كانُوا غُزًّى» كان واسمها وخبرها والجملة معطوفة «لَوْ كانُوا عِنْدَنا» لو شرطية وكان واسمها والظرف متعلق بالخبر «ما ماتُوا» فعل ماض وفاعل وما نافية والجملة لا محل لها جواب شرط لو وجملة «لَوْ كانُوا» الجملة مقول القول «وَما قُتِلُوا» مثل ما كانوا والجملة معطوفة. «لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً» اللام لام العاقبة وفعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام العاقبة ولفظ الجلالة فاعله واسم الإشارة مفعوله الأول حسرة مفعوله الثاني والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بقالوا «فِي قُلُوبِهِمْ» متعلقان بحسرة أو بمحذوف صفة. «وَاللَّهُ يُحْيِي» الواو استئنافية ولفظ الجلالة مبتدأ والجملة مستأنفة وجملة يحيي خبر المبتدأ اللّه وجملة «وَيُمِيتُ» عطف «وَاللَّهُ» بصير الجملة الاسمية مستأنفة والجار والمجرور «بِما» متعلقان ببصير «تَعْمَلُونَ» الجملة صلة.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ }
"إذا ضربوا": ظرفية محضة متعلقة بـ "قالوا". وقوله "ليجعل": اللام للتعليل، والفعل مضارع منصوب بأن مضمرة، والمصدر مجرور باللام متعلق بالفعل المقدر أوقع، والجملة المقدرة مستأنفة لا محل لها.