۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة آل عمران (3) : آية 15]
قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15) الإعراب:
(قُلْ) : فعل أمر وفاعله أنت، أي: يا محمد، والكلام مستأنف مسوق لتقرير وتحقيق الخير لما عند الله وأفضليته على شهوات الدنيا (أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) الهمزة للاستفهام التقريري وأنبئ فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به وبخير جار ومجرور متعلقان بأنبئكم على أنه ناب مناب المفعول الثاني كما سيأتي في باب الفوائد، ومن ذلك جار ومجرور متعلقان بخير والإشارة إلى أنواع الشهوات الآنفة الذكر. وجملة الاستفهام في محل نصب مقول القول (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وجملة اتقوا لا محل لها لأنها صلة الموصول وعند ربهم ظرف متعلق بمحذوف حال من جنات لأنه كان في الأصل صفة لها فلما تقدم عليها أعرب حالا. وجنات مبتدأ مؤخر. ولك أن تعلق الظرف بما تعلق به «للذين» من الاستقرار لأنه من جملة الخير، ولك أن تجعل الكلام موصولا فلا تقف عند ذلكم وعندئذ يكون للذين نعتا للخير وجنات خبر لمبتدأ محذوف (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) الجملة صفة لجنات والأنهار فاعل تجري ومن تحتها متعلقان بتجري (خالِدِينَ فِيها) حال من الذين اتقوا وفيها جار ومجرور متعلقان بخالدين (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) أزواج عطف على جنات ومطهرة نعت لأزواج (وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ) عطف على جنات أيضا (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) الواو استئنافية والله مبتدأ وبصير خبر وبالعباد متعلقان ببصير.

الفوائد:
(أنبأ ونبأ) فعلان يتعديان إلى ثلاثة مفاعيل إذا كانا بمعنى العلم. وأما في الآية فهو بمعنى الاخبار، فيتعديان لاثنين فقط. والحقيقة أن الذي يتعدى لثلاثة مفاعيل فعلان، وهما أرى وأعلم، أما الخمسة الباقية وهي أخبر وخبّر وأنبأ ونبأ وحدث فقد ألحقت في بعض استعمالاتها بأعلم المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل، ومنه قول الحارث بن حلزة اليشكريّ:
إن منعتم ما تسألون فمن حدّ ... ثتموه له علينا العلاء
فهو شاهد على أنه متعد لثلاثة مفاعيل، فالتاء هي المفعول الأول والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع ضمة الميم والهاء هي المفعول الثاني وجملة له علينا العلاء جملة اسمية في موضع المفعول الثالث فافهم ذلك جيدا لأنه عزيز المنال. هذا وتستعمل هذه الأفعال الخمسة متعدية لواحد بأنفسها وإلى مضمون الثاني والثالث بالباء نحو حدثتك بأمر.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَتُقْلَبُ الثَّانِيَةُ وَاوًا خَاصَّةً ; لِانْضِمَامِهَا وَتَلْيِينِهَا، وَهُوَ جَعْلُهَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، وَسَوَّغَ ذَلِكَ انْفِتَاحُ مَا قَبْلَهَا.
(بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ) : «مِنْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِخَيْرٍ ; تَقْدِيرُهُ: بِمَا يَفْضُلُ ذَلِكَ، وَلَا
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِخَيْرٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا رَغِبُوا فِيهِ بَعْضًا لِمَا زَهِدُوا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا. (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) : خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ «جَنَّاتٌ» . وَ (تَجْرِي) : صِفَةٌ لَهَا.
وَ (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِلِاسْتِقْرَارِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْجَنَّاتِ فِي الْأَصْلِ قُدِّمَ فَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ تَجْرِي. وَ (مِنْ تَحْتِهَا) : مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَنْهَارِ ; أَيْ تَجْرِي الْأَنْهَارُ كَائِنَةً تَحْتَهَا وَيُقْرَأُ جَنَّاتٌ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَجْرُورٌ بَدَلًا مِنْ خَيْرٍ، فَيَكُونُ لِلَّذِينِ اتَّقَوْا عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِخَيْرٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ بَدَلًا مِنْ مَوْضِعِ بِخَيْرٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هُوَ جَنَّاتٌ ; وَمِثْلُهُ: (بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ) [الْحَجِّ: 27] وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَ (خَالِدِينَ فِيهَا) : حَالٌ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْهَاءِ فِي تَحْتِهَا، وَإِنْ شِئْتَ مِنَ الضَّمِيرِ فِي اتَّقَوْا، وَالْعَامِلُ الِاسْتِقْرَارُ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ.
(وَأَزْوَاجٌ) : مَعْطُوفٌ عَلَى جَنَّاتٍ بِالرَّفْعِ. فَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ «وَلَهُمْ أَزْوَاجٌ» . (وَرِضْوَانٌ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَنَظِيرُ الْكَسْرِ الْإِتْيَانُ وَالْحِرْمَانُ، وَنَظِيرُ الضَّمِّ الشُّكْرَانُ وَالْكُفْرَانُ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة آل عمران (3) : آية 15]
قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15)
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الهمزة) للاستفهام (أنبّئ) فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا و (كم) ضمير متّصل مفعول به (بخير) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنبّئ) (من) حرف جرّ (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق- (خير) و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (اللام) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (اتّقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف حال من جنات - صفة تقدّمت على الموصوف- (ربّ) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (جنّات) مبتدأ مؤخّر مرفوع (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (من تحت) جارّ ومجرور متعلّق ب (تجري) ، و (ها) مضاف إليه (الأنهار) فاعل مرفوع (خالدين) حل منصوبة من الموصول وعلامة النصب الياء (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخالدين (الواو) عاطفة (أزواج) معطوف على جنّات مرفوع مثله (مطهّرة) نعت لأزواج مرفوع مثله (الواو) عاطفة (رضوان) معطوف على جنّات مرفوع مثله (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لرضوان (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (بصير) خبر مرفوع (بالعباد) جارّ ومجرور متعلّق ببصير.
جملة: «قل..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أأنبّئكم» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «للذين اتّقوا.. جنّات» لا محلّ لها استئناف بيانيّ .
وجملة: «تجري من تحتها الأنهار» في محلّ رفع نعت لجنّات.
وجملة: «الله بصير» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(مطهّرة) ، مؤنّث مطهّر، اسم مفعول من الرباعيّ طهّر، وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشدّدة (الآية 25 البقرة) .
(رضوان) ، مصدر سماعيّ لفعل رضي يرضى باب فرح وزنه فعلان بضمّ الفاء، ويجوز في المصدر كسرها. الفوائد
- المتعدي الى ثلاثة مفاعيل وهو «اعلم وأرى» وقد أجمع عليهما، وزاد سيبويه «نبأ وأنبأ» . وزاد الفراء في معانيه «خبر وأخبر» وزاد الكوفيون (حدّث)

النحاس

{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي..} [15] رفع بالابتداء أو بالصفة. قال أبو حاتم: ويجوز {جَنَّاتٍ} بالخفض على البدل من خير، سمعتُ يعقوبَ يذكر ذلك وغيره ويجوز {بِشَرٍّ من ذلكم النارِ} بالخفض. قال ابن كيسان: ويجوز "جنّاتٍ" بالخفض على البدل وبالنصب على إِعادة الفعل ويكون للذين مُتَعلقاً بقوله: "أَؤُنَبِّئُكُمْ" على قول الفراء وتَبْيِيناً على قول الأخفش أي ملغاة. {وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} عطف على جنات.

دعاس

قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15)
«قُلْ» فعل أمر والفاعل أنت «أَأُنَبِّئُكُمْ» الهمزة للاستفهام أنبئكم : فعل مضارع والكاف مفعول به أول «بِخَيْرٍ» متعلقان بالفعل قبلهما وهما المفعول الثاني «مِنْ ذلِكُمْ» متعلقان باسم التفضيل خير «لِلَّذِينَ» متعلقان بمحذوف خبر مقدم «اتَّقَوْا» فعل ماض والواو فاعل «عِنْدَ» ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم«رَبِّهِمْ» مضاف إليه «جَنَّاتٌ» مبتدأ وجملة «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» في محل رفع صفة لجنات «خالِدِينَ» حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم «فِيها» متعلقان بخالدين «وَأَزْواجٌ» عطف على جنات «مُطَهَّرَةٌ» صفة «وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ» عطف على أزواج «وَاللَّهُ بَصِيرٌ» لفظ الجلالة مبتدأ وبصير خبر «بِالْعِبادِ» متعلقان ببصير.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } الجار "من ذلكم" متعلق بـ "خير"، و "كم" حرف خطاب. جملة "للذين اتقوا جنات" تفسيرية للخيرية لا محل لها. الجار "من الله" متعلق بنعت لـ "رضوان"، الجار "بالعباد" متعلق بـ "بصير".