لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة آل عمران (3) : الآيات 126 الى 127]
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (127)

اللغة:
(طَرَفاً) : أراد به الجانب أو الطائفة منهم.
(يَكْبِتَهُمْ) : يخزيهم ويغيظهم من الكبت وهو الإصابة بالمكروه، وقيل: هو الصرع للوجه واليدين. وعلى هذين المعنيين تكون التاء أصلية، وليست بدلا من شيء بل هي مادة مستقلة بذاتها. وقيل التاء بدل من الدال، وأصله كبده إذا أصابه بمكروه أثر في كبده وجعا، كقولك رأسته إذا ضربت رأسه. ويدل على ذلك قراءة بعضهم: أو يكبدهم، بالدال. والعرب قد تبدل التاء من الدال، ولعل أبا الطيب المتنبي قد رمق هذا الإبدال فلاءم بين لفظين ملاءمة غريبة عند ما قال:
لأكبت حاسدا وأري عدوا ... كأنهما وداعك والرحيل
فقد لاحظ أبو الطيب إبدال التاء من الدال فتوهمها لأكبد، وناسب أن يأتي بأري من الوري، وهو إصابة الرئة يقال: وراه الحب ريا وتورية، وهو فساد الجوف من حزن أو صبابة، قال عبد بني الحسحاس:
وراهن ربي مثلما قد ورنيني ... وأحمي على أكبادهن المكاويا
ومنه الحديث الشريف «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتى يريه» . وهذا من أوابد أبي الطيب التي لا تلحق.

الإعراب:
(وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) كلام مستأنف مسوق لشرح كيفية النصر والواو استئنافية وما نافية وجعله الله فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر وإلا أداة حصر وبشرى مفعول به ثان إذا كان الجعل هنا بمعنى التصيير، ولك أن تعتبر الجعل هنا بمعنى الخلق فتكون متعدية لواحد، وبشرى منصوب على أنه استثناء من أعم العلل فهو مفعول لأجله وقد استوفى شروط النصب ولكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لبشرى (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) الواو عاطفة واللام للتعليل وتطمئن فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور في محل نصب عطف على بشرى وجر باللام لاختلال شرط من شروط النصب وهو عدم اتحاد الفاعل فإن فاعل الجعل هو الله تعالى وفاعل الاطمئنان القلوب، ولك أن تعلق الجار والمجرور بفعل محذوف تقديره: فعل هذا لتطمئن قلوبكم، وقلوبكم فاعل تطمئن وبه جار ومجرور متعلقان بتطمئن (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الواو استئنافية وما نافية والنصر مبتدأ وإلا أداة حصر ومن عند الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر والعزيز الحكيم صفتان لله تعالى (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اللام للتعليل ويقطع فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بنصركم في قوله «ولقد نصركم الله ببدر» ، وقيل بمحذوف تقديره أمدكم ونصركم، ورجح أبو حيان أن يكونا متعلقين بأقرب مذكور وهو العامل في قوله: «من عند الله» كأن التقدير: وما النصر إلا كائن من عند الله لا من عند غيره، لأحد أمرين: إما قطع جانب من الكفار بقتل وأسر، وإما بخزي وانقلاب بخيبة. وطرفا مفعول به ومن الذين جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة وجملة كفروا لا محل لها لأنها صلة الموصول (أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) أو حرف عطف ويكبتهم فعل مضارع معطوف على يقطع والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والفاء حرف عطف وبنقلبوا عطف على يكبتهم وخائبين حال وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.

البلاغة:
الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: «ليقطع طرفا» فقد شبه من قتل منهم وتفرق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه واختل نظامه.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِيَقْطَعَ طَرَفًا) : اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ ; تَقْدِيرُهُ: لِيَقْطَعَ طَرَفًا أَمَدَّكُمْ بِالْمَلَائِكَةِ، أَوْ نَصَرَكُمْ. (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) : قِيلَ: أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَقِيلَ: هِيَ لِلتَّفْصِيلِ ; أَيْ كَانَ الْقَطْعُ لِبَعْضِهِمْ، وَالْكَبْتُ لِبَعْضِهِمْ، وَالتَّاءُ فِي يَكْبِتَهُمْ أَصْلٌ، وَقِيلَ: هِيَ بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ، وَهُوَ مِنْ كَبَدْتُهُ أَصَبْتُ كَبِدَهُ. (فَتَنْقَلِبُوا) : مَعْطُوفٌ عَلَى يَقْطَعُ أَوْ يَكْبِتَهُمْ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة آل عمران (3) : آية 127]
لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (127)
الإعراب:
(اللام) للتعليل (يقطع) مضارع منصوب ب (إن) مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (طرفا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (طرفا) ، (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يقطع) في محلّ جرّ باللام متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به (من عند) في الآية السابقة، أي النّصر كائن من عند الله لقطع طرف من الذين كفروا .
(أو) حرف عطف (يكبت) مثل يقطع ومعطوف عليه و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) عاطفة (ينقلبوا) مضارع منصوب معطوف على (يكبتهم) وعلامة النصب حذف النون..
والواو فاعل (خائبين) حال منصوبة وعلامة النصب الياء.
جملة: «يقطع ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ المقدّر (أن) .
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يكبتهم لا محلّ لها معطوفة على جملة يقطع وجملة: «ينقلبوا لا محلّ لها معطوفة على جملة يكبتهم.
الصرف:
(طرفا) ، اسم بمعنى طائفة أو قسم، وزنه فعل بفتحتين. (خائبين) ، جمع خائب، اسم فاعل من خاب يخيب باب ضرب وزنه فاعل، وفيه قلب حرف العلّة همزة بعد ألف فاعل اطّرادا.
البلاغة
«لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي ليهلك طائفة منهم بالقتل والأسر، فقد شبه من قتل منهم وتفرق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه واختل نظامه وهذا من قبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

النحاس

{لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ..} [127] أي بالقتل أي ليقطع طرفاً نَصْرُكُم ويجوز أن يكون مُتَعَلقاً بِيُمْدِدْكُم. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا {أَو يَكْبِتَهُمْ} {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [128]

دعاس


لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (127)
«لِيَقْطَعَ» اللام للتعليل يقطع فعل مضارع منصوب بأن المضمرة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بفعل نصركم المحذوف «طَرَفاً» مفعول به. «مِنَ الَّذِينَ» متعلقان بمحذوف صفة طرفا وجملة «كَفَرُوا» صلة الموصول «أَوْ يَكْبِتَهُمْ» عطف على يقطع «فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ» الفاء عاطفة ومضارع منصوب ، وهو منصوب بحذف النون والواو فاعل وخائبين حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ } "ليقطع": اللام للتعليل، والفعل منصوب بأن مضمرة جوازًا، والجار والمجرور من المصدر المؤول متعلقان بفعل محذوف تقديره: أمدّكم.وجملة "أمدّكم" مستأنفة لا محل لها. والجار "من الذين" متعلق بنعت لـ "طرفاً". وقوله "فينقلبوا": معطوف على "يكبتهم" منصوب بحذف النون، وقوله "خائبين": حال من الواو.