كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ
ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ
ٱلۡفَٰسِقُونَ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة آل عمران (3) : آية 110]
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (110)
الإعراب:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) كلام مستأنف مسوق لبيان حال هذه الأمة في الفضل على غيرها من الأمم ولتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الجنوح إلى الخير والصدوف عن المنكر، وكان واسمها وخير أمة خبرها وقيل: كان تامة، أي وجدتم وخلقتم خير أمة، والأول أرجح وأخرجت فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هي، وللناس جار ومجرور متعلقان بأخرجت والجملة في محل نصب خبر ثان لكنتم وقيل نصب على الحال وقيل نعت لأمة والأوجه متساوية الرجحان (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) الجملة خبر ثالث لكنتم أو نصب على الحال، واختار الزمخشري أن تكون مستأنفة مبينة كونهم خير أمة، كما تقول: زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم ويقوم بما يصلحهم وأرى انها مفسرة لا محل لها، وتأمرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو فاعل وبالمعروف جار ومجرور متعلقان بتأمرون ومثلها وتنهون عن المنكر (وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) الجملة معطوفة (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لتكون جوابا عن سؤال فحواه: كيف قال ذلك مع أن غير الإيمان لا خير فيه حتى يقال: إن الإيمان خير منه، ولو شرطية وآمن فعل ماض مبني على الفتح وأهل الكتاب فاعل واللام واقعة في جواب لو، وكان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو يعود على المصدر وهو الإيمان المدلول عليه بفعله وخيرا خبر كان ولهم جار ومجرور متعلقان ب «خيرا» والجملة واقعة في جواب الشرط (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) الجملة مستأنفة مسوقة لتكون جوابا عما ينشأ من لو الشرطية الدالة على انتفاء الإيمان، ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم والمؤمنون مبتدأ مؤخر وأكثرهم مبتدأ والفاسقون خبره.
البلاغة:
(المقابلة) في الآية فن المقابلة، فقد تعدّد الطباق بين تأمرون وتنهون وبين المعروف والمنكر وبين «المؤمنون» و «الفاسقون» ، وقد تقدم الكلام عن المقابلة.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) : قِيلَ: كُنْتُمْ فِي عِلْمِي. وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى صِرْتُمْ. وَقِيلَ: كَانَ زَائِدَةٌ ; وَالتَّقْدِيرُ: أَنْتُمْ خَيْرَ، وَهَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّ كَانَ لَا تُزَادُ فِي أَوَّلِ الْجُمْلَةِ، وَلَا تَعْمَلُ فِي خَيْرٍ. (تَأْمُرُونَ) : خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ تَفْسِيرٌ لِخَبَرٍ، أَوْ مُسْتَأْنَفٌ.
(لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) : أَيْ لَكَانَ الْإِيمَانُ، لَفْظُ الْفِعْلِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَصْدَرِ. (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة آل عمران (3) : آية 110]
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (110)
الإعراب:
(كنتم) فعل ناقص واسمه (خير) خبر كان منصوب (أمّة) مضاف إليه مجرور (أخرجت) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هي (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (أخرجت) (تأمرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأمرون) ، (الواو) عاطفة (تنهون عن المنكر) مثل تأمرون بالمعروف والتعليق ب (تنهون) ، (الواو) عاطفة (تؤمنون بالله) مثل تأمرون بالمعروف، والتعليق ب (تؤمنون) . (الواو) استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (آمن) فعل ماض (أهل) فاعل مرفوع (الكتاب) مضاف إليه مجرور (اللام) واقعة في جواب لو (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الإيمان (خيرا) خبر منصوب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خيرا) ، (منهم) مثل لهم متعلّق بخبر محذوف (المؤمنون) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (أكثر) مبتدأ مرفوع- أو خبر مقدّم- و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاسقون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو- أو مبتدأ مؤخّر- جملة: «كنتم خير أمّة» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أخرجت للناس» في محلّ جرّ نعت لأمة .
وجملة: «تأمرون بالمعروف» في محلّ نصب خبر ثان للفعل الناقص .
وجملة: «تنهون ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة تأمرون. ، ويجوز أن تكون في محلّ نصب خبرا ثانيا للفعل الناقص.
(2) أو في محلّ نصب حال من (خير أمة) - لأن النكرة هنا وصفت بالجملة- أو نعت ل (خير أمّة) أو استئناف بياني.
وجملة: «تؤمنون..» في محلّ نصب معطوفة على جملة تأمرون ...
وجملة: «آمن أهل الكتاب» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان خيرا لهم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «منهم المؤمنون» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «أكثرهم الفاسقون» لا محلّ لها معطوفة على جملة منهم المؤمنون.
الصرف:
(الفاسقون) ، جمع الفاسق، اسم فاعل من فسق يفسق من البابين الأول والثاني، ومن الباب الخامس، وزنه فاعل.
البلاغة
1- المقابلة: في الآية فن المقابلة، فقد تعدّد الطباق بين «تأمرون» و «تنهون» وبين «المعروف» و «المنكر» وبين «المؤمنون» و «الفاسقون» .
الفوائد
1- «لكان» اللام واقعة في أول جواب شرط «لو» الشرطية، فكما أن الفاء تقع في جواب أدوات الشرط الجازمة فإن اللام تقع في جواب لو ولولا غير الجازمتين وهي تفيد التوكيد.
النحاس
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ..} [110]
يجوز أن تكون كنتم زائدة أي خير أمّةٍ وأنشد سيبويه:
* وَجيرانٍ لَنا كانُوا كِرامِ *
ويجوز أن يكون المعنى كنتم في اللوح المحفوظ خير أمة ورَوَى سفيان عن مَيْسَرَة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}/ 40 أ/ قال: تَجُرّونَ الناس في السلاسل الى الاسلام فالتقدير على هذا كنتم خير أُمّةٍ وعلى قول مجاهد كنتم خير أمةٍ إذا كنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقيل إنّما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى، وقيل هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "خَيرُ الناسِ قَرنِي الذينَ بُعِثْتُ فيهم".
دعاس
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (110)
«كُنْتُمْ» كان واسمها «خَيْرَ» خبرها «أُمَّةٍ» مضاف إليه وقال بعضهم كان تامة بمعنى وجد «أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله مستتر والجار والمجرور متعلقان بأخرجت والجملة في محل جر صفة «تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ» فعل مضارع والواو فاعل والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب خبر ثان أو حال من التاء «وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» عطف وكذلك «وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» «وَلَوْ» الواو استئنافية لو حرف شرط غير جازم «آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ» فعل ماض وفاعل ومضاف إليه «لَكانَ خَيْراً لَهُمْ» اللام واقعة في جواب الشرط كان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر والتقدير : كان الإيمان خيرا لهم خيرا خبرها لهم متعلقان بخيرا والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها «مِنْهُمُ» متعلقان بمحذوف خبر مقدم «الْمُؤْمِنُونَ» مبتدأ «وَأَكْثَرُهُمُ» مبتدأ «الْفاسِقُونَ» خبره وأعرب بعضهم
و «مِنْهُمُ» مبتدأ لأنها بمعنى بعضهم والمؤمنون خبره والجملة معطوفة.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }
جملة "تأمرون" في محل نصب خبر ثانٍ لـ "كان". واسم كان ضمير يعود على المصدر المدلول عليه بفعله أي: لكان الإيمان. وجملة "منهم المؤمنون" مستأنفة لا محلَّ لها. وجملة "وأكثرهم الفاسقون" معطوفة على جملة "منهم المؤمنون".