وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ
وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا
جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة البقرة (2) : الآيات 89 الى 90]
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (90)
اللغة:
(يَسْتَفْتِحُونَ) : يستنصرون وفتح الله على نبيّه نصره وهنا ناحية طريفة من وصف اليهود، فقد كانوا يستنصرون الكافرين إذا قاتلوهم قائلين: اللهم انصرنا بالنبي المذكور عندنا في التوراة.
الإعراب:
(وَلَمَّا) الواو استئنافية ولما ظرفية بمعنى حين أو هي حرف لمجرد الربط وهي متضمنة معنى الشرط (جاءَهُمْ) فعل ومفعول به (كِتابٌ) فاعل (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لكتاب والجملة في محل جر بإضافة الظروف إليها إذا أعربنا لما ظرفية أو لا محل لها إذا كانت رابطة وجواب لما محذوف تقديره كذبوا أو نحوه (مُصَدِّقٌ) نعت لكتاب أيضا (لَمَّا) اللام حرف جر وما اسم موصول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بمصدق (مَعَهُمْ) مفعول به ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (وَكانُوا) الواو حرف عطف والمعطوف هو الجواب المحذوف وكان واسمها (مِنْ قَبْلُ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (يَسْتَفْتِحُونَ) فعل مضارع والواو فاعل والجملة فعلية في محل نصب خبر كانوا (عَلَى الَّذِينَ) جار ومجرور متعلقان بيستفتحون (كَفَرُوا) فعل وفاعل والجملة لا محل لأنها صلة الموصول (فَلَمَّا) الفاء عاطفة ولما حينية أو رابطة (جاءَهُمْ) تقدم اعرابها (ما) اسم موصول فاعل (عَرَفُوا) فعل وفاعل والجملة صلة الموصول (كَفَرُوا بِهِ) جملة فعلية لا محل لها من الإعراب لأنها جواب لما (فَلَعْنَةُ) الفاء للتعليل ولعنة مبتدأ والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها في حكم الاستئنافية (اللَّهِ) مضاف اليه (عَلَى الْكافِرِينَ)
جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لعنة والمعنى أن لعنة الله متسببة عما تقدم (بِئْسَمَا) بئس فعل ماض لانشاء الذم وما نكرة تامة بمعنى شيء في محل نصب على التمييز وهي مفسرة لفاعل بئس بمعنى بئس شيئا (اشْتَرَوْا) فعل وفاعل والجملة صفة لما (بِهِ) الجار والمجرور
متعلقان باشتروا (أَنْفُسَهُمْ) مفعول به (أَنْ يَكْفُرُوا) أن وما في حيزها في تأويل مصدر مبتدأ لأنه المخصوص بالذم وجملة بئس هي الخبر المقدم (بِما) الباء حرف جر وما اسم موصول في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بيكفروا (أَنْزَلَ اللَّهُ) فعل وفاعل والجملة صلة الموصول (بَغْياً) مفعول لأجله وهو علة اشتروا أو علة يكفروا (أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ) أن وما بعدها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض أي بغوا لانزال الله (مِنْ فَضْلِهِ) الجار والمجرور متعلقان بينزل أيضا (عَلى مَنْ يَشاءُ) جار ومجرور متعلقان بينزل ويشاء فعل وفاعله مستتر (مِنْ عِبادِهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال مبنية لمن يشاء (فَباؤُ بِغَضَبٍ) الفاء حرف عطف وباءوا فعل وفاعل والجار والمجرور متعلقان بباءوا (عَلى غَضَبٍ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لغضب أو مترادف (وَلِلْكافِرِينَ) الواو استئنافية وللكافرين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (مُهِينٌ) صفة لعذاب.
الفوائد:
1- (ما) المتصلة بنعم وبئس من أفعال المدح والذم اختلف فيها النحاة والأكثر أنها نكرة تامة بمعنى شيء فتكون موضع نصب على التمييز وقيل هي موصولة فتكون هي الفاعل.
2- المخصوص بالمدح والذّم يعرب مبتدأ والجملة الفعلية قبله خبر ولك أن تعربه خبرا لمبتدأ محذوف واجب الحذف.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الْمَجِيءِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةً لِكِتَابٍ.
(مُصَدِّقٌ) : بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِكِتَابٍ. وَقُرِئَ شَاذًّا بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ وَفِي صَاحِبِ الْحَالِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْكِتَابُ ; لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ فَقَرُبَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ، وَيَكُونَ الْعَامِلُ الظَّرْفُ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الظَّرْفُ وَمِثْلُهُ: (رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ) [الْبَقَرَةِ 101] .
قَوْلُهُ: (مِنْ قَبْلُ) : بُنِيَتْ هَهُنَا لِقَطْعِهَا عَنِ الْإِضَافَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ.
(فَلَمَّا جَاءَهُمْ) : أَتَى بِلِمَا بَعْدَ لَمَّا مِنْ قَبْلِ جَوَابِ الْأُولَى، وَفِي جَوَابِ الْأُولَى وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: جَوَابُهَا لَمَّا الثَّانِيَةُ وَجَوَابُهَا ; وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْفَاءَ مَعَ لَمَّا الثَّانِيَةِ، وَلَمَّا لَا تُجَابُ بِالْفَاءِ إِلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ زِيَادَةَ الْفَاءِ عَلَى مَا يُجِيزُهُ الْأَخْفَشُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ كَفَرُوا جَوَابُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ.
وَقِيلَ: الثَّانِيَةُ تَكْرِيرٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إِلَى جَوَابٍ.
وَقِيلَ: جَوَابُ الْأُولَى مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: أَنْكَرُوهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
(فَلَعْنَةُ اللَّهِ) : هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة البقرة (2) : آية 89]
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب (جاء) فعل ماض و (هم) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به (كتاب) فاعل مرفوع (من عند) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (مصدّق) نعت ل (كتاب) مرفوع مثله (اللام) حرف جرّ ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (مصدّق) ، (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما و (هم) ضمير متّصل مضاف إليه (الواو) اعتراضيّة (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان (من) حرف جرّ (قبل) اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يستفتحون) وهو مضارع مرفوع.. والواو فاعل (على) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يستفتحون) بتضمينه معنى يستنصرون (كفروا) فعل ماض وفاعله (الفاء) عاطفة (لّما جاءهم) كالسابق (ما) اسم
موصول في محلّ رفع فاعل (عرفوا) فعل ماض وفاعله (كفروا) مثل عرفوا (الباء) حرف جرّ (الهاء) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (كفروا) .
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لعنة) مبتدأ مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (على الكافرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ.. وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «جاءهم كتاب» في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب الشرط الثاني.
وجملة: «كانوا ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «يستفتحون» في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «جاءهم (الثانية) » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «عرفوا» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «كفروا به» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.. والجملة المكوّنة من الشرط وفعله وجوابه معطوفة على الجملة الأولى من الشرط وفعله وجوابه لأنها معطوفة على استئناف متقدّم.
وجملة: «لعنة الله على الكافرين» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي ان كانوا كذلك فلعنة الله على الكافرين.
الصرف:
(مصدّق) ، اسم فاعل من صدّق الرباعيّ، فهو على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر.
(لعنة) ، مصدر بمعنى اللعن لفعل لعن يلعن باب فتح، أو هو مصدر المرّة من لعن وزنه فعلة بفتح الفاء.
النحاس
{وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ..} [89]
نعت لكتاب، ويجوز في غير القرآن نصبُهُ على الحال، وفي قراءة عبدالله منصوب في {آل عمران} قال الأخفش سعيد: جواب لمّا محذوف لعلم السامع كما قال: {فإذا جاءَ وعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُئُوا وجُوهكُم} أي فإِذا جاء وعدُ الآخرة خلّيناكم واياهم بذنوبكُم ولم نحُلْ بينكم وبينهم، ومثله، {وإذا قِيلَ لهُمْ اتّقُوا ما بينَ أيديكُمْ وما خَلْفَكُم} أي وإذا قِيلَ لهم هذا أعرَضُوا ودلّ عليه {فإِذا هُم معرضُونَ}، وقال الفراء: {فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ} كأن الفاء جواب لِلمّا الأولى والثانية ولم تَحْتَجْ الأولى الى جواب.
قال سيبويه: وقال جل وعز:
{بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ..}
دعاس
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89)
«وَلَمَّا» الواو استئنافية ، لما ظرفية حينية شرطية. «جاءَهُمْ كِتابٌ» فعل ماض ومفعول به وفاعل. «مِنْ عِنْدِ» متعلقان بمحذوف صفة لكتاب. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه. «مُصَدِّقٌ» صفة لكتاب. «لَمَّا» اسم موصول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمصدق. «مَعَهُمْ» ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة. «وَكانُوا» الواو حرف عطف ، كان واسمها. «مِنْ قَبْلُ» من حرف جر ، قبل اسم مبني على الضم في محل جر بحرف الجر وبني لقطعه عن الإضافة والأصل من قبل ذلك. والجار والمجرور متعلقان بالفعل المؤخر يستفتحون وجملة «يَسْتَفْتِحُونَ» مضارع وفاعله والجملة في محل نصب خبر كان. «عَلَى الَّذِينَ» متعلقان بيستفتحون. «كَفَرُوا» الجملة صلة الموصول. «فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا» لما ظرفية شرطية غير جازمة ، جاءهم ماض ومفعوله ، ما اسم موصول في محل رفع فاعل وجملة عرفوا صلته وجملة فلما جاءهم معطوفة وجملة جاءهم في محل جر بالإضافة أما جملة «كَفَرُوا بِهِ» فهي جواب لما الشرطية. «فَلَعْنَةُ» الفاء للتعليل.
لعنة مبتدأ. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه. «عَلَى الْكافِرِينَ» متعلقان بمحذوف خبر. والجملة الاسمية مستأنفة.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }
الواو استئنافية، "لما" حرف وجوب لوجوب. الجار "من عند" متعلق بصفة لكتاب، "مصدق" صفة ثانية لكتاب. "لِما": اللام زائدة مقوية لتعدية اسم الفاعل إلى معموله، و "ما" اسم موصول مفعول به. "معهم": ظرف مكان للمصاحبة متعلق بالصلة المقدرة. قوله "وكانوا": الواو اعتراضية، والجملة اعتراضية. "فلما": الفاء عاطفة، "لمَّا" حرف وجوب لوجوب. "فلعنة": الفاء مستأنفة، والجملة بعدها مستأنفة. وجملة "كفروا" الأولى صلة الموصول، وجملة "فلما جاءهم" الثانية معطوفة على الأولى، وكررت لطول الفاصل. جملة "كفروا" جواب الشرط غير الجازم، وهو "لما" الأولى، وحذف جواب الثانية لدلالة جواب الأولى عليه.