قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 69 الى 71]
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)

اللغة:
(فاقِعٌ) : شديد الصفرة يقال في التوكيد أصفر فاقع كما يقال:
أسود حالك وأبيض يقق وأحمر قان وأخضر ناضر.
(لا ذَلُولٌ) لم تذلل للحراثة وإثارة الأرض.
(الشية) بكسر الشين: العلامة والمراد لا لمعة فيها من لون آخر سوى الصفرة. الإعراب:
(قالُوا) فعل وفاعل (ادْعُ) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله مستتر تقديره أنت والجملة مقول القول (لَنا) جار ومجرور متعلقان بادع (رَبَّكَ) مفعول به (يُبَيِّنْ) جواب الطلب (لَنا) متعلقان بيبين (ما) اسم استفهام مبتدأ (لَوْنُها) خبر والجملة في محل نصب مفعول (قالَ) فعل ماض (إِنَّهُ) ان واسمها وجملة (يَقُولُ) خبرها (إِنَّها بَقَرَةٌ) ان واسمها وخبرها والجملة مقول القول (صَفْراءُ) نعت لبقرة (فاقِعٌ) صفة ثانية (لَوْنُها) فاعل فاقع ويجوز أن يكون فاقع خبرا مقدّما ولونها مبتدأ مؤخر والجملة صفة ثانية لبقرة وكلاهما جيد (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به والجملة صفة ثالثة لبقرة (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) تقدم إعرابها بحروفه فجدّد به عهدا (إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (الْبَقَرَ) اسمها والجملة تعليل للسؤال لا محل لها (تَشابَهَ) فعل ماض وفاعله هو والجملة خبر إن (عَلَيْنا) جار ومجرور متعلقان بتشابه (وَإِنَّا) الواو حرف عطف وان واسمها (إِنَّ) حرف شرط جازم (شاءَ) فعل ماض في محل جزم فعل الشرط (اللَّهُ) فاعل وجواب إن محذوف تقديره اهتدينا (لَمُهْتَدُونَ) اللام المزحلقة ومهتدون خبر إن (قالَ) فعل ماض (إِنَّهُ يَقُولُ) ان واسمها وجملة يقول خبرها (إِنَّها بَقَرَةٌ) تقدم إعراب نظيرها تماما (لا) نافية (ذَلُولٌ) صفة بقرة (تُثِيرُ الْأَرْضَ) الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية والمقصود نفي اثارتها للارض (وَلا) الواو حرف عطف ولا مزيدة لتأكيد الأولى لأن المعنى لا ذلول تثير وتسقي على أن الفعلين صفتان لذلول فكأنه قيل لا ذلول صفتها انها مثيرة وساقية فالنفي مسلط على الموصوف وصفته ونرجىء القول في هذا التركيب العجيب الى باب الفوائد (تَسْقِي الْحَرْثَ) فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به (مُسَلَّمَةٌ) صفة ثالثة أي سلمها الله من العيوب (لا) نافية للجنس من أخوات إن (شِيَةَ) اسمها المبني على الفتح (فِيها) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة صفة رابعة (قالُوا) فعل وفاعل (الْآنَ) ظرف زمان متعلق بجئت (جِئْتَ) جملة جئت مقول القول (بِالْحَقِّ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي متلبسا بالحق (فَذَبَحُوها) معطوف على محذوف يتطلبه السياق أي فطلبوها فوجدوها وذبحوها ولك أن تجعل الفاء فصيحة أي فلما حصلت لهم هذه البقرة الجامعة لأشتات هذا الوصف ذبحوها (وَما) الواو عاطفة وما نافية (كادُوا) كاد واسمها لأنها من أفعال المقاربة العاملة عمل كان وجملة (يَفْعَلُونَ) خبر كادوا.

البلاغة:
1- في هذه الآيات المتقدمة فن التكرير وهو داخل في باب الاطناب كأنهم يكررون السؤال استكناها لحقيقة البقرة وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم» .
2- أسرار كاد في العربية كثيرة فهي تدخل على الفعل لإفادة معنى المقاربة في الخبر فإذا دخلت عليها النفي لم تكن إلا لنفي الخبر كأنك قلت: إذا أخرج يده يكاد لا يراها فكاد هذه إذا استعملت بلفظ الإيجاب كان الفعل غير واقع وإذا اقترن بها حرف النفي كان الفعل بعدها قد وقع ولهذا اختلف في معنى الكيدودة هنا وعلى كل حال هي صورة مجسدة لطبائع اليهود ولجوئهم الى اللجاج والمكابرة، فقد فعلوا الذبح بعد لجاج طويل وتعنت ما عليه مزيد.

الفوائد:
1- احتدم الخلاف بين المعربين حول قوله ولا تسقي الحرث فقد شجر الخلاف بين أبي حاتم وأبي البقاء من جهة وبين الزمخشري وأبي حيان من جهة ثانية وقد اخترنا في الإعراب أسهل الأوجه وأقربها الى المنطق.
2- الآن: ظرف زمان يقتضي الحال ويخلص المضارع وهو لازم للظرفية لا يتصرّف وبني لتضمنه معنى الاشارة كأنك قلت:
هذا الوقت، واختلف في حرف التعريف الداخل عليه فقيل هو لمحض التعريف الحضوري وقيل: هو حرف زائد لازم.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا ذَلُولٌ) : إِذَا وَقَعَ فَعُولٌ صِفَةً لَمْ يَدْخُلْهُ الْهَاءُ لِلتَّأْنِيثِ، تَقُولُ: امْرَأَةٌ صَبُورٌ شَكُورٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَذَلُولٌ: رُفِعَ صِفَةً لِلْبَقَرَةِ، أَوْ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ، وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ صِفَةً.
(تُثِيرُ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي ذَلُولٍ، تَقْدِيرُهُ: لَا تَذِلُّ فِي حَالِ إِثَارَتِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا إِتْبَاعًا لِذَلُولٍ.
وَقِيلَ: هُوَ مُسْتَأْنَفٌ ; أَيْ هِيَ تُثِيرُ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْبَقَرَةَ كَانَتْ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَمْ تَكُنْ تَسْقِي الزَّرْعَ، وَهُوَ قَوْلٌ بَعِيدٌ مِنَ الصِّحَّةِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ: (وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ) : فَنَفَى الْمَعْطُوفَ ; فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَلَا قَاعِدٍ، بَلْ تَقُولُ: لَا قَاعِدٍ بِغَيْرِ وَاوٍ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَوْ أَثَارَتِ الْأَرْضَ لَكَانَتْ ذَلُولًا، وَقَدْ نَفَى ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ هَذَا الْوَجْهَ أَنْ تَكُونَ تُثِيرُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِلْبَقَرَةِ.
(وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً أَيْضًا ; وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ. وَكَذَلِكَ: (مُسَلَّمَةٌ) ، وَ «لَا شِيَةَ فِيهَا» وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً. وَالْأَصْلُ فِي (شِيَةَ وَشِيَةَ) ; لِأَنَّهُ مِنْ وَشَا يَشِي، فَلَمَّا حُذِفَتِ الْوَاوُ فِي الْفِعْلِ حُذِفَتْ فِي الْمَصْدَرِ، وَعُوِّضَتِ التَّاءُ مِنَ الْمَحْذُوفِ، وَوَزْنُهَا الْآنَ عِلَةَ.
وَفِيهَا خَبَرٌ لَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. (قَالُوا الْآنَ) : الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْآنَ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ ; قَالَ الزَّجَّاجُ: بُنِيَ ; لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْإِشَارَةِ ; كَأَنَّكَ قُلْتَ هَذَا الْوَقْتَ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: بُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَامِ التَّعْرِيفِ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الْمَلْفُوظَ بِهِمَا لَمْ تُعَرِّفْهُ وَلَا هُوَ عَلَمٌ وَلَا مُضْمَرٌ ; وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَقْسَامِ الْمَعَارِفِ ; فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفُهُ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ، وَاللَّامُ هُنَا زَائِدَةٌ زِيَادَةً لَازِمَةً، كَمَا لَزِمَتْ فِي الَّذِي، وَفِي اسْمِ اللَّهِ.
وَفِي الْآنَ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: تَحْقِيقُ الْهَمْزَةِ ; وَهُوَ الْأَصْلُ.
وَالثَّانِي: إِلْقَاءُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ عَلَى اللَّامِ وَحَذْفُهَا وَحَذْفُ أَلِفِ اللَّامِ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ; لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ فِي الْأَصْلِ ; لِأَنَّ حَرَكَةَ اللَّامِ هَاهُنَا عَارِضَةٌ.
وَالثَّالِثُ: كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ حَذَفُوا أَلِفَ اللَّامِ لَمَّا تَحَرَّكَتِ اللَّامُ فَظَهَرَتِ الْوَاوُ فِي قَالُوا. وَالرَّابِعُ: إِثْبَاتُ الْوَاوِ فِي اللَّفْظِ وَقَطْعُ أَلِفِ اللَّامِ وَهُوَ بَعِيدٌ.
(بِالْحَقِّ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ ; وَالتَّقْدِيرُ أَجَأْتَ الْحَقَّ ; أَوْ ذَكَرْتَ الْحَقَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ التَّاءِ تَقْدِيرُهُ: جِئْتَ وَمَعَكَ الْحَقُّ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 71]
قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)
الإعراب:
(قال إنّه يقول إنّها بقرة) مرّ إعرابها . (لا) نافية (ذلول) نعت ل (بقرة) مرفوع مثله ، (تثير) فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الأرض) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) نافية (تسقي) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الحرث) مفعول به منصوب (مسلّمة) نعت ل (بقرة) مرفوع مثله (لا) نافية للجنس (شية) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا. (قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (الآن) ظرف زمان مبنيّ على الفتح في محلّ نصب متعلّق ب (جئت) وهو فعل وفاعل (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (جئت) والباء للتعدية .
(الفاء) عاطفة (ذبحوا) مثل قالوا و (ها) مفعول به (الواو) حاليّة (ما) نافية (كادوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كاد (يفعلون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّه يقول» في محلّ نصب مقول القول. وجملة: «يقول ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «إنّها بقرة» في محلّ نصب مقول القول لفعل يقول.
وجملة: «تثير الأرض» في محلّ رفع نعت ل (بقرة) داخلة في حكم النفي قبلها أي لا ذلول ولا تثير الأرض.
وجملة: «لا تسقي الحرث» في محلّ رفع معطوفة على جملة تثير الأرض.
وجملة: «لا شية فيها» في محلّ رفع نعت ل (بقرة) .
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «جئت بالحقّ» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ذبحوها» لا محلّ لها معطوفة على جملة مستأنفة مقدّرة أي بحثوا عنها. فوجدوها فذبحوها.
وجملة: «ما كادوا يفعلون» في محلّ نصب حال.. أي: ذبحوها في حال نصب انتفاء مقاربتهم لفعل الذبح، وكان زمن الانتفاء سابقا لزمن الذبح.
وجملة: «يفعلون» في محلّ نصب خبر كادوا.
الصرف:
(ذلول) ، صفة مشبّهة من فعل ذلّ يذل باب ضرب وزنه فعول بفتح الفاء، وهي من الصفات التي يستوي فيها التذكير والتأنيث.
(الحرث) ، اسم جامد للأرض أو المزروع، وزنه فعل بفتح فسكون، وفعله من باب نصر. واللفظ مصدر سماعيّ للفعل أيضا.
(مسلّمة) مؤنّث مسلّم، اسم مفعول من سلّم الرباعيّ بمعنى سليم، وزنه على وزن مضارعه المبنيّ للمجهول، بحذف حرف المضارعة وإبداله ميما مضمومة. (شية) ، هو في الأصل مصدر فعل وشيء من باب وعد إذا خلط لونا بلون آخر. والمراد هنا اللون نفسه. وفي الكلمة إعلال بالحذف، حذفت فاؤه كما جرى ذلك في عدة وزنه علة.
(الآن) ، الألف واللام فيه زائدة لازمة، وهو ظرف للزمان ملازم للبناء.
(جئت) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، حذفت عينه لمجيئها ساكنة بعد لامه المبنيّة على السكون، فحذفت العين لالتقاء الساكنين وزنه فلت بكسر الفاء لدلالة نوع حرف العلّة المحذوف وهو الياء.
(كاد) فيه إعلال بالقلب، أصله كود بكسر الواو، جاءت الواو متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا فأصبح كاد. ألفه منقلبة عن واو لأن مصدره كود زنة فعل بفتح فسكون، وإنّما يكسر فاؤه مع إسناده لضمير الرفع بسبب حركة عينه المكسورة فهو من باب فرح.
البلاغة
1- في هذه الآيات المتقدمة فن التكرير وهو داخل في باب الإطناب.
2- قوله تعالى وَما كادُوا صورة مجسدة لطبائع اليهود ولجوئهم الى اللجاج والمكابرة، فقد فعلوا الذبح بعد لجاج طويل.

النحاس

{قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ..} [71] قال الاخفش: "لاَّ ذَلُولٌ" ولا يجوز نصبه. قال أبو جعفر: يجوز أن يكون التقدير لا هي ذلول، وقد قرأ أبو عَبدِالرَّحمن السُلمي {لاَّ ذَلُولَ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ} وهو جائز على اضمار خبر النفي {تُثِيرُ ٱلأَرْضَ} متصل بالاول على هذا المعنى أي لا تثير الارض {وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ} وزعم عَلي ابن سليمان أنه لا يجوز أن يكون تثيرُ مستأنفاً لان بعده "وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ" فلو كان مُستَأنفاً لما جَمَع بين الواو و "لا" {مُسَلَّمَةٌ} أي هي مسلّمة ويجوز أن يكون "مُسَلَّمَةٌ" نعتاً أي انها بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب ولا يقال: مسلمة من العمل لانه لا يصلحُ سالمةٌ مما هو خير لها. {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} الاصل وشِيَةٌ حُذِفَتِ الواو كما حذفت من يَشِي والاصل يَوْشِى. {قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} فيه أربعة أوجهٍ الهمز كما قرأ الكوفيون {قَالُواْ ٱلآنَ} وتخفيف الهمزة مع حذف الواو لالتقاء الساكنين كما قرأ أهل المدينة {قَالُواْ ٱلآنَ} وحكى الاخفش وجهين آخرين: أحدهما اثبات الواو مع تخفيف الهمزة {قَالُواْ لآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} أثبتَ الواو لان اللام قد تَحَرّكَتْ بحركة الهمزة ونظير هذا {وأَنه أهلَكَ عاداً لُولا} على قراءة أهلِ المدينةِ وأبي عمرو، وقال أبو جعفر: سمعت محمد بن الوليد يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: ما علمتُ أنَّ أبا عمرو بن العلاء لَحَنَ في صَمَيمِ العربيةِ ألاّ في حرفين أحدُهما {عَاداً لُولا} والآخر {يُؤدّهْ اليكَ} وانما صار لَحْناً لانَّهُ أدغم حرفاً في حرف فأسكن الاول والثاني حُكمُه السكون وانّما حركته عارضة فكأنَّه/ 13 أ/ جمع بين ساكنين وحكى الاخفش {قَالُواْ ألآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} فقطع الالف الاولى وهي ألف وصل كما يقال: يا ألله. قال أبو إسحاق: الآنَ مَبنيّ على الفتح وفيها الالف واللام لأن الألف واللام دخلت لغير عهد تقول: كُنت اِلى الآن ههنا فالمعنى الى هذا الوقت فَبُنِيَتْ كما بُنِي هذا وفُتِحَتْ النون لالتقاء الساكنين. {فَذَبَحُوهَا} الهاء والالف نصب بالفعل والاسم الهاء ولا تُحذَفُ الألف لِخفّتها وللفرق بين المذكر والمؤنث {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} فعل مستقبل وأجاز سيبويه: كاد أنْ يفعلَ تَشبِيهاً بعسى.

دعاس

قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)
«الأصفر الفاقع» الشديد الصفرة. «لا ذَلُولٌ» لم تذلل بالعمل. «تُثِيرُ الْأَرْضَ» تحرثها. «مُسَلَّمَةٌ» سالمة من العيوب. «لا شِيَةَ» لا لون آخر مع لونها الأصفر.
«قالَ» فعل ماض والفاعل هو. «إِنَّهُ يَقُولُ» إن واسمها ، ويقول مضارع فاعله مستتر والجملة خبرها. والجملة الاسمية مقول القول. «إِنَّها بَقَرَةٌ» إن اسمها وخبرها والجملة مقول القول. «لا ذَلُولٌ» لا نافية ، ذلول صفة لبقرة أو خبر لمبتدأ محذوف لا هي ذلول. «تُثِيرُ الْأَرْضَ» فعل مضارع ومفعول به والفاعل ضمير مستتر.
و الجملة صفة لبقرة كذلك. «وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ» الواو عاطفة والجملة معطوفة على سابقتها ولا زائدة.
«مُسَلَّمَةٌ» صفة لبقرة. «لا شِيَةَ» لا نافية للجنس تعمل عمل إن ، شية اسمها مبني على الفتح في محل نصب. «فِيها» جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. والجملة في محل رفع صفة رابعة. «قالُوا» فعل ماض وفاعل والجملة مستأنفة. «الْآنَ» مفعول فيه ظرف زمان متعلق بالفعل قبلهما وقيل بمحذوف حال جئت متلبسا بالحق. «جِئْتَ» ماض وفاعله. «بِالْحَقِّ» متعلقان بجئت ، والجملة في محل جر بالإضافة.
«فَذَبَحُوها» الفاء عاطفة ، ذبحوها فعل ماض وفاعل والهاء مفعول به والجملة معطوفة على جمل محذوفة قبلها والتقدير فطلبوها فاشتروها فذبحوها. «وَما» الواو حالية ، ما نافية. «كادُوا» فعل ماض ناقص والواو اسمها وجملة وما كادوا في محل نصب حال. «يَفْعَلُونَ» مضارع والواو فاعله والجملة خبر.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ } "لا ذلول": "لا" نافية لا عمل لها، و "ذلول" صفة لبقرة. جملة "تثير" في محل نصب حال من الضمير المستتر في "ذلول" أي: لا تُذَلُّ حال إثارتها الأرض. "مسلمة": صفة لبقرة، وجملة "لا شية فيها" نعت لبقرة في محل رفع. جملة "قالوا" مستأنفة، و الجار "بالحق" متعلق بـ "جئت". جملة "فذبحوها" مستأنفة لا محل لها، وجملة "وما كادوا" حالية في محل نصب.