إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلصَّٰبِِٔينَ مَنۡ
ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ
رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة البقرة (2) : آية 62]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
اللغة:
(هادُوا) تهوّدوا يقال: هاد يهود وتهوّد ويتهوّد إذا دخل في اليهودية وهو هائد والجمع هود.
(النَّصارى) جمع نصران ونصرانيّ، يقال: رجل نصران ونصرانيّ وامرأة نصرانة ونصرانيّة والياء في نصرانيّ للمبالغة سمّوا بذلك لأنهم نصروا السيد المسيح أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها:
نصران أو ناصرة فسموا باسمها قال سيبويه: لا يستعمل في الكلام إلا مع ياء النسب.
(الصَّابِئِينَ) : جمع صابىء من صبأ فلان إذا خرج من الدين والصابئة قوم كانوا يعبدون النجوم ومنهم أبو اسحق الصابىء الكاتب الشاعر المشهور.
الإعراب:
(إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (الَّذِينَ) اسم موصول اسمها (آمَنُوا) الجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول (وَالَّذِينَ) عطف على الذين الأولى وجملة (هادُوا) لا محل لها وجملة إن وما تلاها مستأنفة (وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) عطف على اسم ان (مَنْ) اسم موصول بدل من اسم إن وجملة (آمَنَ) صلة الموصول لك أن تجعلها شرطية في محل رفع مبتدأ (بِاللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بآمن (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) عطف على الله (وَعَمِلَ) عطف على آمن (صالِحاً) مفعول به لعمل أو مفعول مطلق
أي عمل عملا صالحا (فَلَهُمْ) الفاء جيء بها لتضمن الموصول معنى الشرط أو رابطة لجواب الشرط ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (أَجْرُهُمْ) مبتدأ مؤخر والجملة خبر إن إذا جعلنا من موصولة أو في محل جزم جواب الشرط إذا جعلناها شرطية والجملة بكاملها في محل رفع خبر إن (عِنْدَ رَبِّهِمْ) الظرف متعلق بمحذوف حال أي مستحقا أو مستقرا (وَلا خَوْفٌ) الواو عاطفة ولا نافية وخوف مبتدأ ساغ الابتداء به لتقدم النفي عليه (عَلَيْهِمْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر خوف (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) عطف على ما تقدم وقد تقدم إعراب نظيرها تماما.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالصَّابِئِينَ) : يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ مِنْ صَبَأَ يَصْبَأُ إِذَا مَالَ، وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَذَلِكَ عَلَى قَلْبِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا فِي صَبَا، وَعَلَى قَلْبِهَا يَاءً فِي صَابِي، وَلَمَّا قَلَبَهَا يَاءً حَذَفَهَا مِنْ أَجْلِ يَاءِ الْجَمْعِ.
وَالْأَلِفُ فِي هَادُوا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ ; لِأَنَّهُ مَنْ هَادَ يَهُودُ إِذَا تَابَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: «إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ» ، وَيُقَالُ هُوَ مِنَ الْهَوَادَةِ، وَهُوَ الْخُضُوعُ، وَيُقَالُ أَصْلُهَا يَاءٌ مِنْ هَادَ يَهِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ: مَنْ آمَنُ مَنْ هُنَا شُرْطِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ مُبْتَدَأٍ وَالْخَبَرُ آمَنَ، وَالْجَوَابُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ الَّذِينَ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْ بِمَعْنَى الَّذِي غَيْرُ جَازِمَةٍ، وَيَكُونَ بَدَلًا مِنَ اسْمِ إِنَّ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْضًا، وَخَبَرُ إِنَّ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ.
وَقَدْ حُمِلَ عَلَى لَفْظِ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ، فَوَحَّدَ الضَّمِيرَ، وَحَمَلَ عَلَى مَعْنَاهَا: «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ» فَجَمَعَ. وَ (أَجْرُهُمْ) : مُبْتَدَأٌ، وَلَهُمْ خَبَرُهُ، وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّ أَجْرَهُمْ مَرْفُوعٌ بِالْجَارِّ وَ (عِنْدَ) : ظَرْفٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْأَجْرِ، تَقْدِيرُهُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَابِتًا عِنْدَ. «رَبِّهِمْ» وَالْأَجْرُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ يُقَالُ أَجَرَهُ اللَّهُ يَأْجُرُهُ أَجْرًا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَجْرَ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُجَازَى بِهِ الْمُطِيعُ فَهُوَ مَأْجُورٌ بِهِ.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة البقرة (2) : آية 62]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ (آمنوا) فعل ماضي مبني على الضمّ..
والواو فاعل (الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول معطوف على الاسم الأول في محلّ نصب (هادوا) مثل آمنوا (والنصارى والصابئين) اسمان معطوفان بحرفي العطف على الاسم الموصول الأول، منصوبان وعلامة النصب في الأول الفتحة المقدرة على الألف وعلامة نصب الثاني الياء.
(من) اسم موصول في محلّ نصب بدل من الأسماء السابقة ، (آمن)
فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمن) ، (اليوم) معطوف بالواو على لفظ الجلالة مجرور مثله (الآخر) نعت ل (اليوم) مجرور مثله، (الواو) عاطفة (عمل) مثل آمن (صالحا) مفعول به منصوب (الفاء) زائدة (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أجر) مبتدأ مؤخر مرفوع و (هم) متّصل مضاف اليه، (عند) ظرف متعلّق بمحذوف حال من أجر (ربّ) مضاف إليه مجرور و (هم) متّصل مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) نافية مهملة (خوف) مبتدأ مرفوع (على) حرف جرّ و (هم) متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (يحزنون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون و (الواو) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل.
جملة: «إنّ الذين آمنوا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة: «هادوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «آمن ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «لهم أجرهم» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لا خوف عليهم» في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم أجرهم.
وجملة: «لا هم يحزنون» في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم أجرهم.
وجملة: «يحزنون» في محل رفع خبر (هم) .
الصرف:
(هادوا) ، فيه إعلال بالقلب إذ الألف منقلبة عن واو لأنه من هاد يهود إذا تاب. وبعضهم قال إن أصلها ياء من هاد يهيد إذا تحرّك.
(النصارى) ، جمع نصرانيّ نسبة الى نصران أو ناصرة.. وهي من النسبة الشاذّة في اللغة.
(الصابئين) ، جمع الصابئ، اسم فاعل من صبأ الثلاثي وزنه فاعل.
(صالحا) ، اسم فاعل من صلح الثلاثي، وزنه فاعل.
(أجر) ، في الأصل مصدر أجره الله يأجره من بابي نصر وضرب، وقد يعبّر به عن الشيء نفسه المجازي به، والآية الكريمة تحتمل المعنيين، وزنه فعل بفتح فسكون.
النحاس
{إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [62]
اسم "إنَّ" آمنوا صلته {وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ} عطف كلّهُ {مَنْ آمَنَ} مبتدأ وآمن في موضع جزم بالشرط والفاء الجواب، وخبر المبتدأ {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} والجملة خبر إنّ والعائد على الذينَ من الجملة محذوف أي من آمن منهم. وقرأ الحسن البَصرِيّ {وَلاَ خَوْفَ عَلَيْهِمْ} على التبرئة والرفع على الابتداء أجود، ويجوز أن تجعل "لاَ" بمعنى ليس فأما {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فلا يكون إلاّ بالابتداء لأن "لاَ" لا تعمل في معرفة.
دعاس
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
«الَّذِينَ هادُوا» اليهود. «الصابئ» التارك لدينه.
«إِنَّ» حرف مشبه بالفعل. «الَّذِينَ» اسم موصول في محل نصب اسمها. «آمَنُوا» فعل ماض وفاعل
و الجملة صلة الموصول. «وَالَّذِينَ» معطوف على الذين الأولى. «هادُوا» مثل آمنوا. «وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ» معطوفان على الذين. «مَنْ» اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بدل من اسم إن ، ويجوز إعرابها شرطية مبتدأ. «آمَنَ» فعل ماض والفاعل هو والجملة صلة الموصول. «بِاللَّهِ» متعلقان بالفعل. «وَالْيَوْمِ» معطوف على اللّه. «الْآخِرِ» صفة اليوم. «وَعَمِلَ» الجملة معطوفة على أمن.
«صالِحاً» مفعول به. «فَلَهُمْ» الفاء رابطة لجواب الشرط في المعنى ولهم متعلقان بالخبر المحذوف.
«أَجْرُهُمْ» مبتدأ والجملة خبر إن ، أو جواب الشرط. «عِنْدَ» ظرف مكان متعلق بالمصدر أجر أو بحال محذوفة تقديرها محفوظا عند ربهم. «رَبِّهِمْ» مضاف إليه. «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» لا نافية لا عمل لها لأنها تكررت. وهذه الجملة سبق إعرابها مع الآية «38».
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }
"مَن": اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. جملة "فلهم أجرهم" جواب شرط جازم مقترن بالفاء. "عند ربهم": ظرف مكان متعلق بالاستقرار الذي تعلَّق به الخبر. "ولا خوف عليهم": "لا" نافية تعمل عمل ليس، "خوف" اسمها مرفوع. وجملة "مَنْ آمن فلهم أجرهم" في محل رفع خبر "إن الذين". وجملة "ولا خوف عليهم" معطوفة على جواب الشرط في محل جزم.