وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 53 الى 54]
وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)

اللغة:
(لِقَوْمِهِ) : القوم: اسم جمع لا واحد له من لفظه وإنما واحده امرؤ وقياسه أن لا يجمع وشذّ جمعه قالوا: أقوام وجمع جمعه قالوا:
أقاويم قيل: يختص بالرجال قال تعالى: «لا يسخر قوم من قوم ...
.. ولا نساء من نساء» وقال زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء
وقيل: لا يختص بالرجال بل يطلق على الرجال والنساء قال تعالى:
«إنا أرسلنا نوحا الى قومه» والقول الأول أصوب واندراج النساء في القوم هنا على سبيل الاتساع وتغليب الرجال على النساء وسمّوا قوما لأنهم يقومون بالأمور. (بارِئِكُمْ) : البارئ: الخالق يقال: برأ الله الخلق، أي خلقهم وأصل مادة برأ يدل على انفصال شيء وتميّزه عنه يقال: برأ المريض من مرضه إذا زال عنه المرض وانفصل، وبرىء المدين من دينه إذا زال عنه الدّين وسقط، ومنه البارئ في أوصاف الله تعالى لأنه الذي أخرج الخلق من العدم وفصلهم عنه الى الوجود.

الإعراب:
(وَإِذْ) تقدم القول فيها (آتَيْنا) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (مُوسَى) مفعول به أول (الْكِتابَ) مفعول به ثان (وَالْفُرْقانَ) الواو حرف عطف والفرقان معطوف على الكتاب والمراد بالكتاب التوراة والفرقان ما يفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلالة عطف عليه وان كان المعنى واحدا (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها (تَهْتَدُونَ) الجملة الفعلية خبر لعل وجملة الرجاء حالية (وَإِذْ قالَ مُوسى) عطف على ما تقدم (لِقَوْمِهِ) الجار والمجرور متعلقان بقال (يا قَوْمِ) يا حرف نداء وقوم منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة (إِنَّكُمْ) إن واسمها (ظَلَمْتُمْ) الجملة الفعلية خبر إن (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به (بِاتِّخاذِكُمُ) الجار والمجرور متعلقان بظلمتم والباء للسببية أي بسبب اتخاذكم (الْعِجْلَ) مفعول به للمصدر: اتخاذ (فَتُوبُوا) الفاء تعليلية لأن الظلم سبب التوبة وتوبوا فعل أمر مبني على حذف النون (إِلى بارِئِكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بتوبوا (فَاقْتُلُوا) الفاء للعطف والتعقيب (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به وسيأتي معنى القتل في باب البلاغة (ذلِكُمْ) اسم إشارة مبتدأ (خَيْرٌ) خبر (لَكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بخير لأنه اسم تفضيل على غير القياس إذا القياس أخير ومثله شر والقياس أشر (عِنْدَ) ظرف متعلق بمحذوف حال (بارِئِكُمْ) مضاف إليه (فَتابَ) الفاء عاطفة على محذوف والتقدير ففعلتم ما أمركم فتاب (عَلَيْكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بتاب (إِنَّهُ) إن واسمها (هُوَ) ضمير فصل أو عماد لا محل له (التَّوَّابُ) خبر ان الاول (الرَّحِيمُ) خبر إن الثاني أو هو مبتدأ خبراه التواب الرحيم والجملة الاسمية خبر إن.

البلاغة:
1- في قوله تعالى: «فاقتلوا أنفسكم» مجاز مرسل علاقته اعتبار ما يئول إليه أي أسلموها للقتل تطهيرا لها أي لينفذ هذا الحكم الصادر وهذا أحد الأقوال في القتل وقيل المراد بقتل الأنفس تذليلها وكبح جماحها فإن القتل يرد بمعنى التذليل ومنه قول حسان بن ثابت في وصف الخمر:
إن التي ناولتني فرددتها ... قتلت، قتلت، فهاتها لم تقتل
أراد مزجها بالماء لتذهب سورتها.
2- الالتفات في قوله: «فتاب عليكم» والالتفات هنا من التكلم الذي يتطلبه سياق الكلام إذ كان مقتضى المقام أن يقول:
فوفقتكم فتبت عليكم.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْفُرْقَانَ) : هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ مِثْلُ الرُّجْحَانِ وَالْغُفْرَانِ، وَقَدْ جُعِلَ اسْمًا لِلْقُرْآنِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 53]
وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا آتينا) مثل إذ نجّيناكم ، (موسى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الكتاب) مفعول به ثان منصوب (الفرقان) معطوف بالواو على الكتاب منصوب مثله (لعلّكم تهتدون) مثل لعلّكم تشكرون في الآية السابقة.
جملة: «آتينا ... » في محلّ جرّ بإضافة إذ إليها.
وجملة: «لعلّكم تهتدون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «تهتدون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(آتينا) ، المدّة منقلبة عن همزتين: الأولى مفتوحة والثانية ساكنة لأن المضارع يؤتي، وقد عادت الألف لام الكلمة الى أصلها لاتّصالها بضمير المتكلّم الجمع، وزن آتينا أفعلنا.
(الفرقان) ، هو في الأصل مصدر سماعيّ لفعل فرق يفرق من بابي نصر وضرب، ثمّ جعل اسما للقرآن الكريم، وزنه فعلان بضمّ فسكون.
(تهتدون) ، فيه إعلال بالحذف، وأصله تهتديون بضمّ الياء، والحذف فيه جرى مجرى (تشتروا) ، في الآية (41) . وزنه تفتعون.

النحاس

{وَإِذْ آتَيْنَا..} [53] بمعنى أعطينا {مُوسَى ٱلْكِتَابَ} مفعولان {وَٱلْفُرْقَانَ} عطف على الكِتاب. قال الفراء: وقُطْربٌ: يكون "وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ" أي التّوراة، ومحمداً صلى الله عليه وسلم الفرقانَ. قال أبو جعفر: هذا خطأ في الاعراب والمعنى أما الاعراب فإن المعطوف على الشيء مثله وعلى هذا القول يكون المعطوف على الشيء خِلافَهُ، وأما المعنى فقد قال فيه جل وعز: {ولقد آتينا موسى وهارونَ الفرقانَ}. قال أبو اسحاق: يكون الفرقانُ هذا الكتابَ أعِيدَ ذكرُهُ وهذا أيضاً بَعِيدٌ انما يَجيء في الشعر كما قال: * وألفَى قولَهَا كَذباً ومَيْنَا * وأحْسنُ ما قيل في هذا قول مجاهدٍ: فرقاناً بينَ الحق والباطل الذي علمه إيّاه.

دعاس

وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
«وَإِذْ» سبق إعرابها. «آتَيْنا» فعل ماض وفاعل والجملة مضاف إليه. «مُوسَى» مفعول به أول. «الْكِتابَ» مفعول به ثان. «وَالْفُرْقانَ» اسم معطوف على الكتاب. «لَعَلَّكُمْ»
لعل واسمها. «تَهْتَدُونَ» الجملة خبر.
و الجملة الاسمية حالية.

مشكل إعراب القرآن للخراط

لا يوجد إعراب لهذه الآية في كتاب "مشكل إعراب القرآن" للخراط