وَإِذۡ وَٰعَدۡنَا مُوسَىٰٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 50 الى 52]
وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)

اللغة:
(واعَدْنا) ووعدنا بمعنى واحد وليس هو من باب المفاعلة التي تقتضي المشاركة مثل قولك: عافاه الله وعاقبت اللص.
(مُوسى) علم أعجمي لا ينصرف وهو في الأصل مركب والأصل موشى بالشين المعجمة لأن الماء بالعبرية يقال له مو والشجر يقال له شا فعربته العرب وقالوا: موسى، أما موسى الحلق المعروفة فهي مشتقة من ماس يميس إذا تبختر في مشيته وقلبت الياء واوا لأنها وقعت بعد ضم كموقن لأن الموسى تتحرك عند الحلق بها وقيل: هي مشتقة من اوسيت رأسه إذا حلقته والموسى تذكّر وتؤنث وتجمع على مواسي وموسيات.

الإعراب:
(وَإِذْ) تقدم إعرابها كثيرا (فَرَقْنا) فعل وفاعل والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (بِكُمُ) الجار والمجرور متعلقان بفرقنا أو بمحذوف حال أي فصلناه ملتبسا بكم والمعنى أن فرق البحر حصل بدخولكم إياه (الْبَحْرَ) مفعول به (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا) عطف أيضا (آلَ فِرْعَوْنَ) مفعول به وفرعون مضاف اليه (وَأَنْتُمْ) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (تَنْظُرُونَ) الجملة الفعلية في محل رفع خبر أنتم والجملة الاسمية في محل نصب على الحال من الكاف في أنجيناكم (وَإِذْ) عطف على وإذا الأولى (واعَدْنا) الجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها (مُوسى) مفعول به أول (أَرْبَعِينَ) مفعول به ثان ولا يجوز أن ينصب على الظرفية لفساد المعنى إذ ليس وعده في أربعين ليلة وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم (لَيْلَةً) تمييز ملفوظ والعامل في هذا النوع اسم العدد قبله (ثُمَّ) حرف عطف للترتيب مع التراخي (اتَّخَذْتُمُ) معطوف على واعدنا (الْعِجْلَ) مفعول به أول والمفعول الثاني محذوف لأنه مفهوم من سياق الكلام أي إليها (مِنْ بَعْدِهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (وَأَنْتُمْ) الواو حالية وأنتم مبتدأ (ظالِمُونَ) خبره والجملة الاسمية في محل نصب على الحال (ثُمَّ عَفَوْنا) عطف على ما تقدم (عَنْكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بعفونا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال والاشارة الى المصدر المفهوم من اتخذ أي من بعد ذلك الاتخاذ (لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها (تَشْكُرُونَ) الجملة الفعلية في محل رفع خبر لعل وجملة الرجاء حالية.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاعَدْنَا مُوسَى) : وَعَدَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، تَقُولُ وَعَدْتُ زِيدًا مَكَانَ كَذَا، وَيَوْمَ كَذَا، فَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مُوسَى، وَ «أَرْبَعِينَ» الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ تَمَامَ أَرْبَعِينَ، وَلَيْسَ أَرْبَعِينَ ظَرْفًا، إِذْ لَيْسَ الْمَعْنَى وَعَدَهُ فِي أَرْبَعِينَ.
وَيُقْرَأُ وَاعَدْنَا بِأَلِفٍ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ الْوَاقِعَةِ مِنَ اثْنَيْنِ، بَلْ مِثْلَ قَوْلِكَ: عَافَاهُ اللَّهُ، وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَعْدَ مِنَ اللَّهِ، وَالْقَبُولَ مِنْ مُوسَى، فَصَارَ كَالْوَعْدِ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَعِدَ بِالْوَفَاءِ فَفَعَلَ.
وَ (مُوسَى) : مُفْعَلٌ، مِنْ أَوْسَيْتُ رَأْسَهُ، إِذَا حَلَقْتُهُ ; فَهُوَ مِثْلُ أَعْطَى فَهُوَ مُعْطًى.
وَقِيلَ: هُوَ فُعْلَى مِنْ مَاسَ يَمِيسُ إِذَا تَبَخْتَرَ فِي مَشْيِهِ، فَمُوسِيُّ الْحَدِيدِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ; لِكَثْرَةِ اضْطِرَابِهَا وَتَحَرُّكِهَا وَقْتَ الْحَلْقِ، فَالْوَاوُ فِي مُوسَى عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ لِسُكُونِهَا وَانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا.
وَمُوسَى اسْمُ النَّبِيِّ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالِاشْتِقَاقِ ; لِأَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ وَإِنَّمَا يُشْتَقُّ مُوسَى الْحَدِيدِ. (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) : ; أَيْ إِلَهًا، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ الثَّانِي، وَمِثْلُهُ: بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ، وَقَدْ تَأْتِي اتَّخْذَتُ مُتَعَدِّيَةً إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى جَعَلَ وَعَمِلَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) [الْبَقَرَةِ: 116] وَكَقَوْلِكَ: اتَّخَذْتُ دَارًا وَثَوْبًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ إِدْغَامُ الذَّالِ فِي التَّاءِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا، وَيَجُوزُ الْإِظْهَارُ عَلَى الْأَصْلِ.
(مِنْ بَعْدِهِ) : أَيْ مِنْ بَعْدِ انْطِلَاقِهِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 51]
وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (51)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذ واعدنا) مثل إذ فرقنا ... أو نجّينا (موسى) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدّرة على الألف (أربعين) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (ليلة) تمييز منصوب (ثمّ) حرف عطف (اتّخذتم) فعل ماض وفاعله (العجل) مفعول به منصوب وهو المفعول الأول، أمّا الثاني فمحذوف تقديره (إلها) . (من بعد) جار ومجرور متعلّق ب (اتّخذتم) ، و (الهاء) ضمير متّصل مضاف اليه، (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبتدأ (ظالمون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «واعدنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «اتخذتم ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة واعدنا.
وجملة: «أنتم ظالمون» في محلّ نصب حال.
الصرف:
(موسى) ، اسم أعجمي علم. وقيل هو من أوسيت رأسه إذا حلقته، فهو على وزن اسم المفعول وقيل هو فعلى بضمّ الفاء من ماس يميس إذا تبختر، فالواو في موسى على هذا بدل من الياء لسكونها وانضمام ما قبلها، ولكنّ هذا الكلام لا ينطبق على اسم النبيّ، بل ينطبق على الموسى الذي يقطع. (أربعين) ، اسم من أسماء ألفاظ العقود في الأعداد، وهو ملحق بجمع المذكر.
(ليلة) ، مؤنث ليل من مغرب الشمس الى طلوع الفجر، وقيل الليلة واحدة الليل على أنّه اسم جمع، وقيل الليل والليلة بمعنى واحد، والجمع الليالي.
(العجل) ، اسم جامد للحيوان المعروف وزنه فعل بكسر فسكون.

النحاس

{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ..} [51] وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر وشَيْبَةُ {وإذ وَعَدْنَا} بغير ألف وهو اختيار أبي عُبَيْدٍ وأنكر "وَاعَدْنَا" قال: لأن المواعدة انما تكون من البشر، فأما الله جل وعز فإِنما هو المُنْفرِد بالوعد والوعيد. على هذا وجدنا القرآن كقوله: {وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحقّ} وقوله: {وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنُوا وعملُوا الصَّالِحَاتِ} وقوله {وإذ يَعِدُكم الله احدَى الطائِفَتَيْنِ أنّها لكُم}. قال أبو جعفر: قد ذكرنا قول أبي اسحاق في الكتاب الذي قِيْلَ هذا. وكلام أبي عُبَيد هذا غلطَ بيّن لأنه أدخل باباً في بابٍ وأنكَرَ ما هو أحْسَنُ وأجود و "وَاعَدْنَا" أحسن وهي قراءة مجاهد والأعرج وابن كثير ونافع والأعمش وحمزة/ 11/ أ والكسائي، وليس قوله سبحانه: {وَعَدَ الله الذين آمَنُوا} من هذا في شيء، لأن "وَاعَدْنَا مُوسَىٰ" انما هو من باب الموافاة وليس هو من الوَعْدِ والوعيدِ في شيء وانما هو من قول: مَوْعِدُكَ يوم الجمعة، وموعدك موضع كذا، والفصيح في هذا ان يقال: واعدتُهُ. {مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} مفعولان. قال الأخفش: التقدير وإذ واعَدنَا موسى تمام أربعين لَيلةً ثم حَذَفَ كما قال: {وسْئَل القريةَ}. {ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ} بالادغام، وانْ شئتَ أظهرتَ لأن الذال مجهورة والتاء مهموسة فالاظهار حَسَنٌ، وانّما جاز الادغام لأن الثاني بمنزلة المنفصل.. "ٱلْعِجْلَ" مفعول أول والمفعول الثاني محذوف.

دعاس

وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (51)
«وَإِذْ» معطوفة. «واعَدْنا» فعل ماض وفاعله نا الدالة على الفاعلين. «مُوسى » مفعول به أول منصوب بالفتحة المقدرة. «أَرْبَعِينَ» مفعول به ثان منصوب بالياء ملحق بجمع المذكر.
«لَيْلَةً» تمييز. والجملة في محل جر بالإضافة. «ثُمَّ» حرف عطف. «اتَّخَذْتُمُ» فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة. «الْعِجْلَ» مفعول به أول والمفعول الثاني محذوف تقديره ثم اتخذتم العجل معبودا.
«مِنْ بَعْدِهِ» متعلقان بالفعل اتخذتم. «وَأَنْتُمْ» الواو حالية ، أنتم مبتدأ. «ظالِمُونَ» خبره والجملة في محل نصب حال.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } "إذ" اسم ظرفي معطوف على "إذ" المتقدمة. "أربعين": مفعول ثانٍ أي: تمام أربعين، منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، و "ليلة" تمييز منصوب. جملة "وأنتم ظالمون" حالية في محل نصب.