۞أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 44 الى 46]
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (46)

اللغة:
(بِالْبِرِّ) البر بكسر الباء الصلة والطاعة والصلاح والصدق والبر بفتح الباء الصحراء والبر بضمها القمح والواحدة برّة.
(الْخاشِعِينَ) الخشوع: الخضوع والذل ومن مجاز هذه المادة أرض خاشعة أي متطامنة وخشعت الجبال وخشعت دونه الابصار.

الإعراب:
(أَتَأْمُرُونَ) الهمزة للاستفهام الإنكاريّ بل تجاوز هنا الإنكار الى التوبيخ والتقريع والتعجب من حال هؤلاء اليهود لأنه ليس هناك أقبح في العقول من أن يأمر الإنسان غيره بخير وهو لا بأتيه، وتأمرون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل (النَّاسَ) مفعول به (بِالْبِرِّ) الجار والمجرور متعلقان بتأمرون (وَتَنْسَوْنَ) عطف على تأمرون (أَنْفُسَكُمْ) مفعول به (وَأَنْتُمْ) الواو واو الحال وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (تَتْلُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وجملة تتلون الفعلية خبر أنتم وجملة وأنتم الاسمية حالية من فاعل تنسون (الْكِتابَ) مفعول به (أَفَلا) الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء حرف عطف ولا نافية (تَعْقِلُونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وسيأتي سر هذا التركيب (وَاسْتَعِينُوا) عطف على ما تقدم (بِالصَّبْرِ) جار ومجرور متعلقان باستعينوا (وَالصَّلاةِ) عطف على الصبر (وَإِنَّها) الواو حالية وان واسمها (لَكَبِيرَةٌ) اللام هي المزحلقة وكبيرة خبر إن (إِلَّا) أداة حصر (عَلَى الْخاشِعِينَ) الجار والمجرور متعلقان بكبيرة فهو استثناء مفرّغ لأن ما قبل إلا ليس فيه ما يتعلق بكبيرة لتستثنى منه فهو كقولك هو كبير عليّ ولأن الكلام مؤول بالنفي أي وإنها لا تخف ولا تسهل إلا على الخاشعين فتنبه لهذا فإنه من الدقائق (الَّذِينَ) اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة للخاشعين (يَظُنُّونَ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (أَنَّهُمْ) ان واسمها (مُلاقُوا) خبرها (رَبِّهِمْ) مضاف اليه وإن وما في حيزها سدت مفعولي يظنون (وَأَنَّهُمْ) عطف على انهم (إِلَيْهِ) جار ومجرور متعلقان براجعون (راجِعُونَ) خبر انهم.

البلاغة:
في قوله: وأنتم تتلون الكتاب فقد صدّر الكلام بالضمير زيادة في المبالغة وتسجيلا للتبكيت والتوبيخ عليهم بعد أن عبّر عن تركهم فعلهم البر بالنسيان زيادة في مبالغة الترك أي فكأن البرّ لا يخالج نفوسهم ولا يدور لهم في خلد لأن نسيان الشيء يترتب عليه تركه أو استعمال السبب في المسبب. الفوائد:
1- القاعدة في العربية أن ضمير الغائب لا يعود على غير الأقرب إلا بدليل وقد كان مقتضى الظاهر أن يعود الضمير في قوله: انها على الصلاة لأنها الأقرب جريا على مقتضى الظاهر وكف عن خبر الأول لعلم المخاطب بأن الأول داخل ضمنا فيما دخل فيه الآخر وهو مطرّد في كلامهم. قال الانصاري:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والأمر مختلف
أراد نحن راضون وأنت بما عندك راض فكف عن خبر الأول إذ قام دليل على معناه. ومنه قول الآخر:
إن شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا وقيل يعود على المصدر المفهوم من قوله واستعينوا أي الاستعانة.
2- إذا اجتمعت همزة الاستفهام وحرف العطف ففيها مذهبان:
آ- مذهب سيبويه وهو أن الهمزة في نية التأخير عن حرف العطف ولما كان لها صدر الكلام قدمت عليه وذلك بخلاف هل.
ب- مذهب الزمخشري وهو أن الواو والفاء وثم بعد الهمزة واقعة موقعها وليس في الأمر تقديم ولا تأخير ويجعل بين الهمزة وحرف العطف جملة مقدرة يصح العطف عليها وتلائم سياق الكلام فيقدر هنا: أتفعلون فلا تعقلون ولا نرى مرجحا لأحد المذهبين على الآخر. 3- اللام المزحلقة: هي لام الابتداء زحلقت الى الخبر لدخول إن عليها وقد تزحلق الى الاسم نحو: «إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا» .

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَنْسَوْنَ) : أَصْلُهُ تُنْسِيُونَ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ) [الْبَقَرَةِ: 16] (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) : اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى التَّوْبِيخِ، وَلَا مَوْضِعَ لَهُ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 44]
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري (تأمرون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (الناس) مفعول به منصوب (بالبرّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأمرون) ، (الواو) عاطفة (تنسون) مثل تأمرون (أنفس) مفعول به منصوب و (كم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (تتلون) مثل تأمرون (الكتاب) مفعول به منصوب. (الهمزة) للاستفهام التوبيخي الإنكاري (الفاء) عاطفة (لا) نافية (تعقلون) مثل تأمرون.
جملة: «تأمرون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
جملة: «تنسون ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
جملة: «أنتم تتلون ... » في محلّ نصب حال من فاعل تنسون.
جملة: «تتلون..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) .
جملة: «تعقلون» لا محلّ لها (معطوفة) على الاستئنافيّة» .
الصرف:
(البرّ) ، اسم لجميع أنواع الخير وفعله برّ يبرّ باب فرح، وزنه فعل بكسر فسكون.
(تنسون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله تنساون، التقى سكونان الألف والواو، فحذفت الألف تخلّصا من الساكنين وبقي ما قبل الواو مفتوحا دلالة عليها، وزنه تفعون. (تتلون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله تتلوون، التقى ساكنان لام الكلمة وواو الجماعة، حذفت لام الكلمة تخلّصا من التقاء الساكنين، وزنه تفعون.
البلاغة
- قوله تعالى وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ حيث صدّر الكلام بالضمير للتبكيت وزيادة التقبيح.

النحاس

{أَتَأْمُرُونَ..} [44] فعل مستقبل {وَتَنْسَوْنَ} عطف عليه {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} مثله.

دعاس

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44)
«أَتَأْمُرُونَ» الهمزة للاستفهام والتوبيخ. تأمرون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل. «النَّاسَ» مفعول به.
«بِالْبِرِّ» متعلقان بتأمرون. «وَتَنْسَوْنَ» الجملة معطوفة على تأمرون لا محل لها مثلها مستأنفة. «أَنْفُسَكُمْ» مفعول به. «وَأَنْتُمْ» الواو واو الحال ، أنتم ضمير منفصل مبتدأ «تَتْلُونَ» فعل مضارع وفاعل وجملة تتلون خبر المبتدأ والجملة الاسمية أنتم تتلون في محل نصب حال. «الْكِتابَ» مفعول به. «أَفَلا» الهمزة للاستفهام الإنكاري ، الفاء عاطفة ، لا نافية. «تَعْقِلُونَ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ } جملة "وأنتم تتلون" حالية. "أفلا": الهمزة للاستفهام، والفاء عاطفة، عطفت جملة "تعقلون" على جملة "تأمرون".