لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 284 الى 286]
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286) اللغة:
(الوسع) : ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه.
(الطاقة) : المجهود والقدرة. وهي مصدر جاء على حذف الزوائد، والأصل الإطاقة.
(الإصر) : العب، وأصره حبسه، وبابه ضرب. والمراد به التكاليف الشاقة التي ينوء بها الجسم، وتعيا عنها النفس.

الإعراب:
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كلام مستأنف لا محل له من الإعراب مسوق للاستدلال على قوله: «والله بما تعلمون عليم» وغلب غير العقلاء على غيرهم من العقلاء باستعمال «ما» لأنهم أكثر.
والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وما اسم موصول مبتدأ مؤخر وفي السموات جار ومجرور متعلقان بمحذوف لا محل له من الإعراب لأنه صلة الموصول، وما في الأرض عطف على «ما في السموات» (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ) الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق لبيان التكليف. والمؤاخذة تكون بالخواطر التي لا ندحة للمرء عنها. وقد نظم بعضهم مراتب القصد بقوله:
مراتب القصد خمس: هاجس ذكروا ... وخاطر فحديث النفس فاستمعا
يليه همّ فعزم كلها رفعت ... سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا
وتفصيل ذلك مبسوط في المطوّلات فليرجع إليها من يشاء.
وإن شرطية وتبدوا فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والجملة لا محل لها وما اسم موصول مفعول به وفي أنفسكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول (أَوْ تُخْفُوهُ) عطف على تبدوا والهاء مفعول به (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) جواب الشرط مجزوم والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجار والمجرور متعلقان بيحاسبكم، والله فاعل والجملة لا محل لها (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) الفاء استئنافية ويغفر فعل مضارع مرفوع، أي فهو يغفر، ويجوز أن تكون الفاء عاطفة ويغفر فعل مضارع مجزوم بالعطف على يغفر، وكلتا القراءتين من السبع، وقرىء أيضا بالنصب على إضمار «أن» فينسبك من ذلك مصدر مرفوع معطوف على متوهم، أي تكن محاسبة فغفران. ويتخرّج على ذلك بيت النابغة الذبيانيّ:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام
يروى بجزم نأخذ ورفعه ونصبه، على أن سيبويه استضعف النصب لأن القارئ الزعفراني ليس من السبعة، ولأنه موجب. ونص عبارة سيبويه «وقد يجوز النصب في الواجب في ضرورة الشعر وهو ضعيف في الكلام» . ولمن جار ومجرور متعلقان بيغفر وجملة يشاء صلة (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) عطف على ما تقدم (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ وعلى كل شيء متعلقان بقدير، وقدير خبر «الله» (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) جملة مستأنفة مسوقة للإخبار بأن الرسول صلى الله عليه وسلم آمن بكل ما فرض الله على العباد، من الصلاة والزكاة والصوم والحج والطلاق والإيلاء والحيض والجهاد، وما ورد ذكره في السورة من قصص الأنبياء. وآمن الرسول فعل وفاعل وبما جار ومجرور متعلقان بآمن وجملة أنزل لا محل لها لأنها صلة الموصول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو وإليه جار ومجرور متعلقان بأنزل ومن ربه جار ومجرور متعلقان بأنزل أيضا، ولك أن تعلقهما بمحذوف حال أي حالة كونه نازلا من ربه لأنه يضمن السعادة للمجتمع البشري (وَالْمُؤْمِنُونَ) يجوز أن تكون الواو عاطفة والمؤمنون عطف على الرسول، فيكون الوقف هنا. ويشهد لهذا الإعراب ما قرأه علي بن أبي طالب: «وآمن المؤمنون» فأظهر الفعل، ويجوز أن تكون الواو استئنافية والمؤمنون مبتدأ أول (كُلٌّ آمَنَ) كل مبتدأ ثان وجملة آمن خبره والجملة الاسمية خبر المبتدأ الأول وهو المؤمنون والرابط محذوف على الوجه الثاني. وعلى الوجه الأول تكون جملة «كل آمن» مستأنفة. وساغ الابتداء بكل وهو نكرة لأنه بنية الإضافة أي كل واحد منهم والتنوين عوض عن الكلمة المحذوفة (بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) الجار والمجرور متعلقان بآمن وما بعده عطف عليه (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) هذه الجملة مقول قول محذوف وجملة القول في محل نصب على الحال أي قائلين لا نفرق، ولا نافية ونفرق فعل مضارع مرفوع وبين ظرف مكان متعلق بنفرق وأحد مضاف إليه ومن رسله جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لأحد، ولم يقل: بين آحاد، لأن الأحد يتناول الواحد والجمع كما في قوله تعالى «فما منكم من أحد عنه حاجزين» فوصفه بالجمع لكونه في معناه ولذلك دخل عليه بين وسيرد في هذا الكتاب تفصيل ممتع عن أحد (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) الواو استئنافية وقالوا فعل ماض والواو فاعل وجملتا سمعنا وأطعنا مقول القول (غُفْرانَكَ رَبَّنا) مفعول مطلق بإضمار عامله، ومنه قولهم: غفرانك لا كفرانك، أي نستغفرك ولا نكفرك. وربنا منادى مضاف محذوف منه حرف النداء (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) الواو عاطفة والمعطوف عليه محذوف داخل في حيز القول أي:
قائلين منك المبدأ وإليك المصير. وإليك جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم والمصير مبتدأ مؤخر (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) جملة مستأنفة مسوقة لإزالة الحرج عن النفوس ولبيان أن المؤاخذة قاصرة على ما في الوسع والطاقة فما عداه من خواطر النفس وهواجسها لا محاسبة عليه وبذلك يزول الإشكال الذي ساور بعض المفسرين فقد قالوا: إن الخطأ والنسيان مغفوران غير مؤاخذ بهما، فما معنى الدعاء بذلك وهو يكاد يكون من تحصيل الحاصل؟ ولا نافية ويكلف فعل مضارع مرفوع والله فاعله ونفسا مفعول به أول وإلا أداة حصر ووسعها مفعول به ثان (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) الجملة مفسرة لما أجمله في قوله «وسعها» وسيأتي بيان ذلك في باب البلاغة.
ولها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وما اسم موصول مبتدأ مؤخر وجملة كسبت لا محل لها لأنها صلة الموصول، وعليها ما اكتسبت: عطف على ما تقدم وقد ذكر إعرابه (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا) ربنا منادى مضاف ولا ناهية معناها هنا الدعاء وتؤاخذنا فعل مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به والفاعل أنت والجملة داخلة في حيز القول المتقدم وجملة النداء استئنافية (إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) إن شرطية ونسينا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط ونا فاعل أو أخطأنا عطف عليه والجواب محذوف أي فلا تؤاخذنا وجملة الشرط وجوابه في محل نصب على الحال (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) تقدم إعرابه وتوسيط النداء بين المتعاطفين لإظهار مدى الضراعة والاسترحام والمبالغة في التذلل والاعتراف لله سبحانه بربوبيته (كَما حَمَلْتَهُ) تقدم في مثل هذا التركيب أنه مفعول مطلق أو حال وما مصدرية على كل حال (عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) على الذين متعلقان بجملة ومن قبلنا متعلقان بمحذوف صلة الذين أي كانوا من الأمم السالفة (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) عطف على ما تقدم وما مفعول به ثان لتحملنا ولا نافية للجنس وطاقة اسمها المبني على الفتح في محل نصب ولنا جار ومجرور متعلقان بطاقة وبه جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لا (وَاعْفُ عَنَّا) دعاء معطوف على ما تقدم وعنا متعلقان بأعف (وَاغْفِرْ لَنا) عطف آخر (وَارْحَمْنا) عطف آخر (أَنْتَ مَوْلانا) أنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ومولانا خبر والجملة مستأنفة بمثابة الاعتراف لله تعالى بأنه المولى، لأن المولى مصدر ميمي من ولي يلي، والمعنى أنت مولانا بك نلوذ، وإليك نلتجىء، وعليك نتكل، ومن حق المولى أن ينصر من يليه ويجيره إذا خاف ويحوطه بعنايته ويكلأه برعايته. (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) الفاء للتعليل والجملة مسوقة لتعليل ما تقدم، فإن كونه مولانا سبب سبب لطلب النصرة منه، وعلى القوم متعلقان بانصرنا وذكر لفظ القوم للتعميم لأن النصر على الأفراد لا يستلزم النصر على المجموع فدفع ذلك الإيهام بذكر لفظ القوم والكافرين صفة. البلاغة:
في هذه الأبيات طائفة من فنون البلاغة نجملها بما يلي:
1- حسن الختام: وقد تقدّم بحثه، ومن حق سورة البقرة وقد اشتملت على العديد من الأحكام، وانطوت على التشريع البيان- أن يتناول ختامها شكر المنعم الذي منّ على الإنسان بالعقل ليفكّر، ومن حق المنعم عليه أن يعترف لمن أسدى إليه الآلاء أن يشكرها ولمن نصب أمامه محاريب الفكر ومجالي الإبداع أن يفكر فيها ويتدبرها، ويشهد لمن أبدعها بالحول والطّول والانفراد بالوحدانية المتجلية على قلوب المؤمنين. فبالفكر وحده يحيا الإنسان وبالفكر استدل على وجوده وما أجمل قوله صلى الله عليه وسلم: «السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها، فإن تعلمها بركة، وتركها حسرة، ولن تستطيعها البطلة» قيل: وما البطلة؟ قال: السحرة. ومعنى كونها فسطاط القرآن أنها اشتملت على معظم أمور الدين أصولا وفروعا، والإرشاد الى ما فيه حسن المعايش في الدنيا والفوز في الآخرة.
2- المقابلة: في قوله: «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» فقد طابق بين لها وعليها، وبين كسبت واكتسبت. فالفعل الأول يختص بالخير، والفعل الثاني يختص بالشر فإن في الاكتساب اعتمالا، والشر تتشهّاه النفس وتجنح إليه بالطبع بخلاف الخير فإنه يهبط على النفس كما يهبط الفيض من آلاء الله، وكما يشرق اليقين في النفس.
إشراقا جعل من فلاسفة الإشراق مؤمنين، ومن الغزالي وديكارت أوّابين متبتّلين ... الفوائد:
1- (بَيْنَ) ظرف للمكان أو الزمان لا يضاف إلا لمتعدّد، وقد أضيف في الآية الى «أحد» لأنه اسم لمن يصلح أن يخاطب، يستوي فيه الواحد والاثنين والجمع كما يستوي فيه المذكر والمؤنث. فمعنى لا نفرّق بين أحد من الرسل: لا نفرق بين جمع من الرسل. وقد اختلف علماء اللغة: هل تعاد بين بعد ورودها بين المتعاطفين أم لا؟
نحو: جلست بين زيد وعمرو. هل يقال: جلست بين زيد وبين عمرو؟
أجاز ذلك قوم على أن تكون بين للتأكيد.
ومن روائع النكت أنه لا يعطف بعدها إلا بالواو فلا يقال:
جلست بين زيد فعمرو. وقد اعترض على ذلك بقول امرئ القيس في مطلع معلقته:
فقا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدّخول فحومل
قال الأصمعي: الصواب أن يقال: بين الدخول وحومل، لأن البينية لا يعطف عليها بالفاء لأنها تدل على الترتيب، وقال يعقوب بن السكيت في الدفاع عن امرئ القيس: إنه على حذف مضاف وأن التقدير: بين أهل الدخول فحومل. وقال المرادي: إنه على اعتبار المتعدّد حكما لأن الدخول مكان لا يجوز أن يشتمل على أمكنة متعددة، كما تقول قعدت بين الكوفة، تريد بين دورها وأماكنها.
هذا وتشبع حركة النون فتصير «بينا» و «بينما» . وتضاف عندئذ الى الجمل، قال أبو ذؤيب:
بينا تعنقه الكماة وروغه ... يوما أتيح له جريء سلفع (3) سورة آل عمران مدنية وآياتها مائتان

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَسَبَتْ) وَفِي الثَّانِيَةِ (اكْتَسَبَتْ) : قَالَ قَوْمٌ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: «وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا» . وَقَالَ: «ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ» ; فَجَعَلَ الْكَسْبَ فِي السَّيِّئَاتِ، كَمَا جَعَلَهُ فِي الْحَسَنَاتِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: اكْتَسَبَ افْتَعَلَ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ الْكُلْفَةِ، وَفِعْلُ السَّيِّئَةِ شَدِيدٌ لِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ.
(لَا تُؤَاخِذْنَا) : يُقْرَأُ بِالْهَمْزَةِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَاضِي آخَذْتُهُ، وَهُوَ مِنَ الْأَخْذِ بِالذَّنْبِ، وَحُكِيَ: وَاخَذْتُهُ بِالْوَاوِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 286]
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)
الإعراب:
(لا) نافية (يكلّف) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (نفسا) مفعول به منصوب (إلا) أداة حصر (وسع) مفعول به ثان منصوب و (ها) ضمير مضاف إليه (اللام) حرف جرّ و (ها) ضمير في تقديره يقولون أو قولوا..
وجملة: «لا تؤاخذنا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إن نسينا» لا محلّ لها في حكم التعليل.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما سبق أي: إن نسينا أو أخطأنا فلا تؤاخذنا.
وجملة: «أخطأنا» لا محلّ لها معطوفة على جملة نسينا.
وجملة النداء: «ربّنا» لا محلّ لها اعتراضيّة لإظهار مزيد من التضرّع.
وجملة: «لا تحمل علينا إصرا» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: «حملته» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ (ما) .
وجملة: «لا تحمّلنا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: «لا طاقة لنا به» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «اعف عنّا» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: «اغفر لنا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف أو لا تؤاخذ.
وجملة: «ارحمنا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف أو لا تؤاخذ.
وجملة: «أنت مولانا» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «انصرنا..» لا محلّ لها استئنافيّة مسبّبة عن سبب .
الصرف:
(وسعها) ، بضمّ الواو- وقد تفتح وتكسر- الاسم من وسع، أو هو مصدر له (الآية 233) . (إصرا) ، مصدر أصر يأصر باب ضرب، وزنه فعل بكسر فسكون.
(الطاقة) ، مصدر طاق يطوق ومثله الطوق، وزنه فعلة بفتحتين فيه إعلال بالقلب، قلبت الواو ألفا لتحركها وفتح ما قبلها.
(اعف) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، وزنه افع بضمّ العين.
(مولى) ، وزنه مفعل بفتح العين، وهو في الأصل مصدر ميميّ سميّ به المتصرّف في وجوه الضرّ والنفع أو السيّد، أو الناصر أو ابن العمّ فأصبح في حكم الصفة المشبّهة، فعله ولي يلي باب وثق، وفيه إعلال الياء وقلبها ألفا لانفتاح ما قبلها وأصله مولي بفتح اللام.
البلاغة
1- «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» أي ينفعها ما كسبت من خير ويضرها ما اكتسبت من شر، وكما نلاحظ فقد طابق بين لها وعليها، وبين كسبت واكتسبت فالفعل الأول يختص بالخير، والفعل الثاني يختص بالشر 2- حسن الختام: من حق سورة البقرة وقد اشتملت على العديد من الأحكام، وانطوت على التشريع الجلي- ان يتناول ختامها شكر المنعم الذي منّ على الإنسان بالعقل ليفكّر، ومن حق المنعم عليه أن يعترف لمن أسدى إليه الآلاء أن يشكرها ويشهد له بالحول والطول والانفراد بالوحدانية المتجلية على قلوب المؤمنين.
[انتهت سورة البقرة ويليها سورة آل عمران] سورة آل عمران:
من الآية 1- حتى الآية 92

النحاس

{.. لاَ تُؤَاخِذْنَا..} [286] جزم لأنه طلب، وكذا {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً} {وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ}. ولفظه لفظ النهي {وَٱعْفُ عَنَّا} طلب أيضاً ولفظه لفظ الأمر، ولذلك لم يعرب عند البصريين وجزم عند الكوفيين وكذا {وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ} وكذا {فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ}.

دعاس


لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)
«لا يُكَلِّفُ» لا نافية يكلف فعل مضارع «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل «نَفْساً» مفعول به أول «إِلَّا» أداة حصر «وُسْعَها» مفعول به ثان ، والجملة مستأنفة «لَها» متعلقان بمحذوف خبر «ما» اسم موصول مبتدأ مؤخر وجملة «كَسَبَتْ» صلة الموصول ومثلها «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» والجملة الاسمية استئنافية. «رَبَّنا» منادى مضاف «لا تُؤاخِذْنا» فعل مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به والفاعل أنت والجملة ابتدائية «إِنْ نَسِينا» إن شرطية جازمة نسينا فعل ماض ونا فاعل وهو فعل الشرط وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله. «أَوْ أَخْطَأْنا» عطف على نسينا «رَبَّنا» منادى بأداة نداء محذوفة «وَلا» الواو عاطفة ولا ناهية «تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً» مضارع مجزوم ومفعوله والفاعل مستتر والجار والمجرور متعلقان بتحمل «كَما» ما مصدرية والجار والمجرور متعلقان بتحمل «حَمَلْتَهُ» فعل ماض وفاعل ومفعول به وهو مع ما في تأويل مصدر في محل جر بالكاف متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق. «عَلَى الَّذِينَ» متعلقان بحملته «مِنْ قَبْلِنا» متعلقان بمحذوف صلة الموصول. «رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» تحملنا مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به ما اسم موصول مفعول به ثان لا نافية للجنس طاقة اسمها مبني على الفتح لنا وبه كلاهما متعلقان بمحذوف خبر لا. «وَاعْفُ» فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت والجملة معطوفة. «عَنَّا» متعلقان بأعف «وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا» عطف على ما قبلهما. «أَنْتَ مَوْلانا» أنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ «مَوْلانا» خبر مرفوع بالضمة المقدرة ، ونا مضاف إليه والجملة استئنافية «فَانْصُرْنا» الفاء عاطفة أو للتعليل انصرنا فعل دعاء ونا مفعول به. «عَلَى الْقَوْمِ» متعلقان بانصرنا «الْكافِرِينَ» صفة.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } "إلا": أداة حصر، و "وسعها" مفعول به ثانٍ منصوب، وجملة "لها ما كسبت" مستأنفة لا محل لها، وجملة "ربّنا" مقول القول لقول محذوف أي: قولوا ربّنا. وجملة "ربنا" الثانية، والثالثة، معترضتان. "كما حملته": الكاف نائب مفعول مطلق و "ما" مصدرية أي: حملا مثل حملك. وجملة "أنت مولانا" مستأنفة، وجملة "فانصرنا" معطوفة على المستأنفة لا محل لها.