يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 275 الى 276]
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)

اللغة:
(الرِّبا) الإرباء. الزيادة على الشيء، يقال منه: أربى فلان على فلان إذا زاد عليه. وإنما قيل للرابية رابية لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها.
(الْمَسِّ) : الجنون.

الإعراب:
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) كلام مستأنف مسوق لذكر حكم الربا وهي الزيادة في المعاملة بالنقود. والذين مبتدأ وجملة يأكلون الربا لا محل لها لأنها صلة الموصول (لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ) لا نافية ويقومون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل والجملة الفعلية في محل رفع خبر الذين وإلا أداة حصر وكما يقوم الكاف حرف جر وما مصدرية وهي مع مدخولها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول مطلق أو حال وجملة يقوم لا محل لها لأنها واقعة بعد موصول حرفي والذي فاعل وجملة يتخبطه الشيطان لا محل لها لأنها صلة الموصول ومن المس جار ومجرور متعلقان بيقومون أي لا يقومون من جراء المس إلا كما يقوم المصروع، ولك أن تعلقهما بيقوم أي كما يقوم المصروع من جنونه. واختار أبو حيّان تعليقهما بيتخبطه على سبيل التأكيد ورفع ما يتحمله «يتخبطه» من المجاز، وهو وارد، وما اخترناه أولى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا) اسم الإشارة مبتدأ والإشارة الى العذاب النازل بهم، والباء حرف جر وان واسمها وخبرها في تأويل مصدر مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر «ذلك» أي: بسبب قولهم وجملة الإشارة استئنافية وقالوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) إنما كافة ومكفوفة مهملة والبيع مبتدأ ومثل خبر البيع والربا مضاف إليه علامة جره الكسرة المقدرة والجملة في محل نصب مقول القول (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) الواو حالية بتقدير قد بعدها، وفيه دلالة على أن القياس يهدمه النص، لأنه قد يكون فاسدا، وليس ثمة أفسد من قياسهم لتحليل ما حرم الله. وأحل فعل ماض والله فاعله والبيع مفعول به وحرم الربا عطف والجملة بعد الواو حالية (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) الفاء استئنافية ومن اسم شرط جازم مبتدأ وجاءه فعل ومفعول به وهو في محل جزم فعل الشرط وموعظة فاعل ومن ربه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لموعظة (فَانْتَهى) الفاء عاطفة، انتهى عطف على جاءه وفاعله هو (فَلَهُ ما سَلَفَ) الفاء رابطة لجواب الشرط والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وما اسم موصول مبتدأ مؤخر وجملة سلف صلة الموصول (وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) الواو عاطفة أو حالية وأمره مبتدأ والى الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر وجملة فله ما سلف في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من (وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ)
الواو عاطفة ومن اسم شرط جازم مبتدأ وعاد فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والفاء رابطة واسم الإشارة مبتدأ وأصحاب النار خبر والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من (هُمْ فِيها خالِدُونَ) هم مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بخالدون وخالدون خبر «هم» والجملة الاسمية في محل نصب على الحال (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا) الجملة مستأنفة مسوقة لبيان مصير الربا ويمحق فعل مضارع والله فاعله والربا مفعوله (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) عطف على يمحق الله الربا (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) الواو استئنافية والله مبتدأ وجملة لا يحب خبر وكل مفعول به وكفار مضاف إليه وأثيم صفة لكفار.

البلاغة:
1- التشبيه التمثيلي في تشبيه آكلي الربا عند خروجهم من أجداثهم بمن أصابه مسّ فاختل طبعه، وانتكست حاله، وصار يتهافت في مشيته ويتكاوس في خطوته، ويترنح ترنح الشارب السكران ثم يهوي مكبا على وجهه من سوء الطالع وقبح المنقلب، وشناعة المصير، والجزاء عادة وعقلا من جنس العمل.
2- التشبيه المقلوب: في قولهم: «إنما البيع مثل الربا» وهم يريدون القول بأن الربا مثل البيع ليصلوا الى غرضهم، وهو تحليل ما حرّمه الله، فعكسوا الكلام للمبالغة، وهو في البلاغة مرتبة عليا يصبح المشبّه به قائما بالمشيّه وتابعا له. ومنه في الشعر قول البحتري يصف بركة بناها المتوكل على الله:
كأنّها حين لجّت في تدفّقها ... يد الخليفة لمّا سال واديها والأصل تشبيه يد الخليفة بالبركة، فقلب الكلام للمبالغة.
وقول الآخر:
وبدا الصباح كأن غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) : رَوَى أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَضَمِّ الْبَاءِ، وَوَاوٍ سَاكِنَةٍ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ بَعِيدَةٌ إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ فِي آخِرِهِ وَاوٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ، لَا سِيَّمَا وَقَبْلَ الضَّمَّةِ كَسْرَةٌ، وَقَدْ يُئَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ هَذِهِ افْعُوا، فَتُقْلَبُ الْأَلِفُ فِي الْوَقْفِ وَاوًا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَضْبِطِ الرَّاوِي حَرَكَةَ الْبَاءِ، أَوْ يَكُونَ سَمَّى قُرْبَهَا مِنَ الضَّمَّةِ ضَمًّا.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 276]
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)
الإعراب:
(يمحق) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الربا) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (يربي) مثل يمحق وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على الياء والفاعل هو (الصدقات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يحبّ) مثل يمحق والفاعل هو (كلّ) مفعول به منصوب (كفّار) مضاف إليه مجرور (أثيم) نعت لكفّار مجرور مثله.
جملة: «يمحق الله الربا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يربي الصدقات» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «الله لا يحب ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «لا يحبّ كلّ كفّار» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(كفّار) ، مبالغة اسم الفاعل من فعل كفر يكفر باب نصر وزنه فعّال.
(أثيم) ، صفة مشبّهة زنة فعيل من فعل أثم يأثم باب فرح.

النحاس

{يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَا..} [276] الأصل في الربا الواو. قال سيبويه: تثنية ربَوان. قال الكوفيون: تكتبه بالياء وتثنيته بالياء وقال أبو جعفر: سمعت أبا اسحاق يقول: ما رأيتُ خطأً أقبح من هذا ولا أشنع لا يكفيهم الخطأ في الخط حتى يخطئون في التثنية وهم يقرءون {وما آتيتم من رباً ليربو في أموال الناس} وقال محمد بن يزيد: كتب الربا في المصحف بالواو فرقاً بينه وبين الزنا وكان الربا أولى بالواو لأنه من ربا يربو.

دعاس


يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)
«يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا» فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل والربا مفعول به والجملة استئنافية «وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ» فعل مضارع والفاعل هو يعود إلى اللّه والصدقات مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. والجملة معطوفة على ما قبلها «وَاللَّهُ» الواو استئنافية اللّه لفظ الجلالة مبتدأ «لا يُحِبُّ» لا نافية يحب فعل مضارع والفاعل هو «كُلَّ» مفعول به «كَفَّارٍ» مضاف إليه «أَثِيمٍ» صفة.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } جملة "والله لا يحب كل كفار" مستأنفة لا محل لها.