وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ فَإِنۡ خَرَجۡنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِي مَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعۡرُوفٖۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 238 الى 240]
حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)

اللغة:
(الْوُسْطى) : الفضلى من قولهم للأفضل: الأوسط، وليست من الوسط الذي معناه التوسط بين شيئين، لأن فعلى معناها التفضيل، ولا يبنى للتفضيل إلا ما يقبل التفاوت أي الزيادة والنقص، والوسط بمعنى الخيار يقبلهما بخلاف التوسط بين الشيئين فإنه لا يقبلهما، ولذلك لا يجوز أن يبنى منه أفعل التفضيل.
(قانِتِينَ) : طائعين أو ساكتين.
(رجالا) : جمع راجل أي مشاة. الإعراب:
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) كلام مستأنف مسوق لبيان أحكام صلاة الخوف. وحافظوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل وعلى الصلاة جار ومجرور متعلقان بحافظوا (وَالصَّلاةِ) عطف على الصلوات (الْوُسْطى) صفة (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) الواو حرف عطف وقوموا عطف على حافظوا ولله جار ومجرور متعلقان بقانتين وقانتين حال من فاعل قوموا (فَإِنْ خِفْتُمْ) الفاء استئنافية وإن شرطية وخفتم فعل ماض وفاعله وهو في محل جزم فعل الشرط (فَرِجالًا) الفاء رابطة لجواب الشرط ورجالا حال والعامل محذوف تقديره فصلوا أو فحافظوا عليها رجالا والجملة في محل جزم جواب الشرط (أَوْ رُكْباناً) عطف على «رجالا» (فَإِذا أَمِنْتُمْ) الفاء استئنافية وإذا ظرف مستقبل متعلق بالجواب وجملة أمنتم في محل جر بالإضافة (فَاذْكُرُوا اللَّهَ) الفاء رابطة لجواب إذا واذكروا الله فعل وفاعل ومفعول به والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (كَما عَلَّمَكُمْ) الكاف ومدخولها في محل نصب على المفعولية المطلقة أو على الحال وما مصدرية وجملة علمكم لا محل لها لأنها جواب موصول حرفي (ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) ما اسم موصول مفعول ثان لعلمكم وجملة لم تكونوا صلة وجملة تعلمون خبر نكونوا، والمراد ما لم تكونوا تعلمونه من صلاة الخوف وهي مبسوطة في كتب الفقه (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) الواو استئنافية والذين مبتدأ وجملة يتوفون صلة والواو نائب فاعل ومنكم متعلقان بمحذوف حال (وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) عطف على يتوفون وأزواجا مفعول به (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) وصية مفعول مطلق لفعل محذوف أي يوصون وصية وهذه الجملة الفعلية خبر الذين والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لوصية (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) يجوز أن تنصب متاعا على المفعولية المطلقة لفعل محذوف، أي يمتعوهن متاعا أو على أنها بدل من وصية أو على الحال. وقيل منصوب بوصية، وقيل بفعل محذوف، أي متعوهن متاعا. والى الحول جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمتاعا أي ممتدا الى الحول (غَيْرَ إِخْراجٍ) غير حال، أي حالة كونهن عير مخرجات من مسكنهن. وقال الأخفش هي صفة لقوله متاعا، كأنه قال: لا إخراجا. واختاره ابن جرير الطبري، ولا مانع منه. وقيل:
منصوب بنزع الخافض. وإنما أوردنا هذه الأوجه لأنها متساوية الرجحان (فَإِنْ خَرَجْنَ) الفاء استئنافية وإن شرطية وخرجن فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) الفاء رابطة لجواب الشرط والجملة في محل جزم جواب الشرط (فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال وجملة فعلن صلة الموصول وفي أنفسهن متعلقان بقوله فعلن، ومن معروف جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الجملة استئنافية والله مبتدأ وعزيز حكيم خبراه.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)) . قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) : الَّذِينَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: يُوصُونَ وَصِيَّةً، هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ: «وَصِيَّةً» . وَمَنْ رَفَعَ الْوَصِيَّةَ فَالتَّقْدِيرُ: وَعَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ، وَ «عَلَيْهِمُ» الْمُقَدَّرَةُ خَبَرٌ لِوَصِيَّةً.
وَ (لِأَزْوَاجِهِمْ) : نَعْتٌ لِلْوَصِيَّةِ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرُ الْوَصِيَّةِ، وَعَلَيْهِمْ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ تَبْيِينٌ.
وَقِيلَ: الَّذِينَ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: لِيُوصِ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ وَصِيَّةً، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ وَصِيَّةً. (مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ) : مَصْدَرٌ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ دَلَّتْ عَلَى يُوصُونَ وَيُوصُونَ بِمَعْنَى يُمَتِّعُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْوَصِيَّةِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَهَا، أَوْ صِفَةً لِوَصِيَّةٍ.
وَإِلَى الْحَوْلِ مُتَعَلِّقٌ بِمَتَاعٍ، أَوْ صِفَةٌ لَهُ. وَقِيلَ: مَتَاعًا حَالٌ ; أَيْ مُتَمَتِّعِينَ أَوْ ذَوِي مَتَاعٍ.
(غَيْرَ إِخْرَاجٍ) : غَيْرَ هُنَا تَنْتَصِبُ انْتِصَابَ الْمَصْدَرِ عِنْدَ الْأَخْفَشِ ; تَقْدِيرُهُ: لَا إِخْرَاجًا. وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حَالٌ. وَقِيلَ: هُوَ صِفَةُ مَتَاعٍ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: مِنْ غَيْرِ إِخْرَاجٍ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 240]
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (الذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا) سبق إعرابها ،، (وصيّة) مفعول به لفعل محذوف تقديره يتركون وصيّة ، (لأزواج) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لوصيّة و (هم)
(3) يجوز أن يكون (وصيّة) مفعولا مطلقا لفعل محذوف تقديره يوصون وصيّة، والجملة المقدّرة خبر الذين. ضمير متّصل مضاف إليه (متاعا) مصدر في موضع الحال أي متمتّعات ، (إلى الحول) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمتاع أو ب (متاعا) ، (غير) حال منصوبة من الزوجات أو من الأزواج أي غير مخرجات أو غير مخرجين ، (إخراج) مضاف إليه مجرور. (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (خرجن) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط..
و (النون) نون النسوة فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا جناح عليكم) مرّ إعرابها ، (في) حرف جرّ (ما) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بخبر لا (فعلن) مثل خرجن والفاعل لا محلّ له (في أنفس) جارّ ومجرور متعلّق ب (فعلن) ، و (هنّ) ضمير متّصل مضاف إليه (من معروف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من العائد المقدّر أي فعلنه من معروف (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عزيز) خبر مرفوع (حكيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «الذين يتوفّون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يتوفّون منكم..» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يذرون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول.
وجملة: « (يتركون) وصيّة» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة: «إن خرجن» لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «لا جناح عليكم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «فعلن» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «الله عزيز» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(يتوفون) ، (انظر الآية 234 في الصرف) .
(متاعا) ، اسم مصدر لفعل متّع، ومصدره القياسيّ تمتيع، وانظر الآية (236) .
البلاغة
المجاز المرسل: في قوله تعالى «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً.
فالمرأة التي توفي عنها زوجها لا تسمى زوجة بعد الوفاة، لأن الزوجية تنقضي بالموت والمراد اللائي كن أزواجا لهم. فعلاقة المجاز باعتبار ما كان.
الفوائد
«غَيْرَ إِخْراجٍ» ورد في الكشاف للزمخشري ثلاثة وجوه لاعرابها، الأول: مصدر مؤكد والثاني بدل من «متاعا» والثالث حال من الأزواج، والأوجه الثلاثة وجيهة ولكن الوجه الأخير أوضحها وأبسطها.
وقد نسخت هذه الوصية بآية التمتع السابقة وحددت ذلك ب «أربعة أشهر عشرا» .

النحاس

{وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ..} [240] الذين في موضع رفع إن شئتَ بالابتداء، والتقدير يوصون وَصيّةً. والمعنى ليُوصُوا وصيّةً، وإن شئت كان الذين رفعاً باضمارِ فعلٍ أي يُوصّي الذينَ يُتَوفَّونَ منكم وصيّة، وفي الرفع وجه ثالث أي وفِيما فرض عليكم الذي يُتَوفَّون منكم ويَذَرُونَ أزواجاً يُوصُون وَصيّةً لأزواجِهِم والذينَ مَبنيّ على حالٍ واحدة لأنه لا تتمّ الا بصلةٍ ويقال: الّذونَ في موضع الرفع ومن قرأ {وَصِيّةٌ} بالرفع فتقديره والذين يُتَوفّون منكم عليهم وصِيّةٌ لأزواجِهِم، {مَّتَاعاً} مصدر عند الأخفش وعند أبي العباس أي ذوي متاع {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} في نصبه ثلاثة أوجه: قال الفراء: أي من غير إخراج وقال الأخفش: هو مصدر أي لا اخراجاً ثم جعل غيرا في موضع "لا" وقيل: هو حال/ 27/ أ أي غير ذوي اخراج، والمعنى يُوصونَ بهنّ غير مُخْرجينَ لهنّ وهذا كلُّهُ منسوخ {بالربع والثمن} و {أربعةَ أشهر وعشراً} و "لا وَصِيّةَ لوارثٍ" {فَإِنْ خَرَجْنَ} شرط والجواب {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فيما فعلنَ في أنفسهنّ من معروف.

دعاس


وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)
«وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً» سبق إعرابها مع الآية 233 «وَصِيَّةً» مفعول مطلق لفعل محذوف تقدير : يوصون وصية والجملة المقدرة خبر المبتدأ الذين «لِأَزْواجِهِمْ» متعلقان بمحذوف صفة وصية «مَتاعاً» حال منصوبة وقيل بدل من وصية «إِلَى الْحَوْلِ» متعلقان بصفة متاع «غَيْرَ إِخْراجٍ» غير حال منصوبة وقيل صفة لمتاع إخراج مضاف إليه «فَإِنْ» الفاء استئنافية إن شرطية «خَرَجْنَ» فعل ماض وفاعل وهو فعل الشرط «فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ» تقدم إعرابها مع الآية 233 «وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» الواو استئنافية اللّه لفظ الجلالة مبتدأ وعزيز حكيم خبران.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } قوله "وصية لأزواجهم": مفعول مطلق عامله مقدر أي: يوصون وصية، وهذا المقدر هو جملة خبر المبتدأ "الذين"، و "متاعا" نائب مفعول مطلق أي: متعوهن متاعا، وهو اسم مصدر، و "غير" نعت لـ "متاعا". وجملة "فإن خرجن" معطوفة على الجملة الاسمية "الذين يُتَوَفَّون" لا محل لها. والجار "من معروف" متعلق بحال من العائد المقدر أي: فَعَلْنه كائنًا من معروف. وقوله "عزيز حكيم": خبران للمبتدأ لفظ الجلالة.