لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتۡ
قُلُوبُكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة البقرة (2) : الآيات 224 الى 225]
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)
اللغة:
(عُرْضَةً) العرضة بالضم: الشيء الذي ينصب ويعرض، ويقال: هو عرضة لكذا، أي قوي عليه، وهو عرضة للناس، أي:
لا يزالون يقعون فيه، وجعلته عرضة كذا، أي نصبته. أي لا تجعلوا الله كالغرض المنصوب للرماة، فكلما أردتم الامتناع من شيء- ولو كان خيرا- تتوصلون الى ذلك بالحلف (اللغو) الساقط الذي لا يؤبه له ولا يعتدّ به من كلام وغيره، والمراد به هنا ما يسيق اليه اللسان من غير قصد الحلف.
الإعراب:
(وَلا تَجْعَلُوا) الواو استئنافية مسوقة لمعالجة مشكلة اجتماعية خطيرة، وهي جعل اسم الله معرضا لايمانكم تبتذلونه بكثرة الحلف به. أو لا تجعلوه برزخا حاجزا بأن تحلفوا به، فذلك لأن العرضة إما بمعنى فاعل وإما بمعنى مفعول، ولا ناهية وتجعلوا فعل مضارع مجزوم بها (اللَّهَ) مفعول به أول لتجعلوا (عُرْضَةً) مفعول به ثان (لِأَيْمانِكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بعرضة (أَنْ تَبَرُّوا) أن وما في حيزها مصدر مؤول مفعول لأجله أو بدل (وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) عطف على أن تبروا وبين ظرف متعلق بتصلحوا (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب، والله مبتدأ وسميع عليم خبراه (لا) نافية (يُؤاخِذُكُمُ) فعل مضارع ومفعول به (اللَّهُ) فاعله والجملة مستأنفة (بِاللَّغْوِ) الجار والمجرور متعلقان بيؤاخذكم (فِي أَيْمانِكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (وَلكِنْ) الواو عاطفة ولكن مهملة للاستدراك (يُؤاخِذُكُمُ) فعل مضارع ومفعول به (بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) الجار والمجرور متعلقان بيؤاخذكم وما مصدرية أو اسم موصول وقلوبكم فاعل (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ وغفور حليم خبراه.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي أَيْمَانِكُمْ) : يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ «فِي» بِالْمَصْدَرِ، كَمَا تَقُولُ لَغَا فِي يَمِينِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْهُ تَقْدِيرُهُ: بِاللَّغْوِ كَائِنًا فِي أَيْمَانِكُمْ، وَيُقَرِّبُ عَلَيْكَ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّكَ لَوْ أَتَيْتَ بِالَّذِي لَكَانَ الْمَعْنَى مُسْتَقِيمًا، وَكَانَ صِفَةً كَقَوْلِكَ بِاللَّغْوِ الَّذِي فِي أَيْمَانِكُمْ.
(بِمَا كَسَبَتْ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ضَمِيرٍ، وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَيَكُونُ الْعَائِدُ مَحْذُوفًا.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة البقرة (2) : آية 225]
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)
الإعراب:
(لا) نافية (يؤاخذ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير في محلّ نصب مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (باللغو) جارّ ومجرور متعلّق ب (يؤاخذ) ، (في أيمان) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من اللغو أو بالمصدر اللغو و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك لا عمل له (يؤاخذكم) مثل الأول والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (يؤاخذكم) ، (كسب) فعل ماض (التاء) تاء التأنيث (قلوب) فاعل مرفوع و (كم) مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (الله غفور حليم) مثل الله سميع عليم .
جملة: «لا يؤاخذكم الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يؤاخذكم الثانية» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «كسبت قلوبكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «الله غفور» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(اللغو) مصدر لغا يلغو وزنه فعل بفتح فسكون.
(حليم) ، صفة مشبّهة من حلم يحلم باب كرم، وزنه فعيل.
الفوائد
ولكن: معناها الاستدراك وإنما يستدرك فيها بعد النفي، وهي من أخوات «إنّ» وأحكامها نفس أحكامها. وإذا خفّفت تهمل وجوبا. وتهمل أيضا إذا اتصلت بها «ما» الزائدة وهي الكافة كقول امرئ القيس:
ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي.
النحاس
{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ..} [225]
يقال: لَغَا يَلغُوا ويَلْغَى لَغْواً ولَغِيَ يَلْغَى لِغىً إذا أتى بما لا يُحْتاجُ إليه في الكلام أو بما لا خَيرَ فيه أو بما لا يُلغَى اثمهُ.
دعاس
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)
«لا يُؤاخِذُكُمُ» لا نافية يؤاخذكم فعل مضارع والكاف مفعوله «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل والجملة استئنافية «بِاللَّغْوِ» متعلقان بيؤاخذكم «فِي أَيْمانِكُمْ» متعلقان باللغو أو بحال منه «وَلكِنْ» الواو عطف لكن حرف استدراك «يُؤاخِذُكُمُ» فعل مضارع ومفعول به والفاعل هو يعود إلى اللّه تعالى والجملة معطوفة «بِما» متعلقان بالفعل قبلهما «كَسَبَتْ» فعل ماض والتاء للتأنيث والجملة صلة الموصول لا محل لها «قُلُوبُكُمْ» فاعل «وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ» لفظ الجلالة مبتدأ وغفور وحليم خبران.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }
"بما كسبت": الباء جارة، "ما" مصدرية، والمصدر المؤول مجرور بالباء ، والجار والمجرور متعلق بـ "يؤاخذكم". وجملة "والله غفور" مستأنفة لا محل لها.