۞وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : آية 203]
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) اللغة:
(تُحْشَرُونَ) : تجمعون، والحاء والشين إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة دلّتا على معنى الجمع والامتلاء والحشد، وهذا ما تقصيناه وحشدنا له كل ما وصلت إليه أيدينا من مظانّ اللغة ومراجعها المطولة، ومنه الحشّاش أي جامع الحشيش أو شاري الحشيشة، وهي نبات تستخرج منه مادة مسكرة، والحشمة: الحياء، وهي تدل على أن المرء جمع نفسه كيلا تبدر منه بادرة. ومنه الحشم أي الخدم المجتمعون.

الإعراب:
(وَاذْكُرُوا اللَّهَ) الواو عاطفة واذكروا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ومفعول به (فِي أَيَّامٍ) الجار والمجرور متعلقان باذكروا (مَعْدُوداتٍ) صفة لأيام، وهي أيام التشريق الثلاثة، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهو مذهب الشافعي، أو يوم النحر ويومان بعده وهو مذهب أبي حنيفة (فَمَنْ) الفاء استئنافية ومن شرطية مبتدأ (تَعَجَّلَ) فعل ماض في محل جزم فعل الشرط (فِي يَوْمَيْنِ) الجار والمجرور متعلقان بتعجل (فَلا إِثْمَ) الفاء رابطة ولا نافية للجنس وإثم اسمها المبني على الفتح (عَلَيْهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لا والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) تقدم إعرابها والجملة معطوفة (لِمَنِ اتَّقى) اللام حرف جر ومن اسم موصول في محل جرّ باللام والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي ذلك التّخيير. ونفي الإثم عن المتعجّل والمتأخر كائن لمن اتقى (وَاتَّقُوا اللَّهَ) الواو عاطفة واتقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به (وَاعْلَمُوا) عطف على اتقوا (أَنَّكُمْ) ان واسمها (إِلَيْهِ) الجار والمجرور متعلقان بتحشرون (تُحْشَرُونَ) فعل مضارع وفاعل والجملة الفعلية خبر أن، وأن وما بعدها في تأويل مصدر سدت مسد مفعولي اعلموا.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) : إِنْ قِيلَ: الْأَيَّامُ وَاحِدُهَا يَوْمٌ، وَالْمَعْدُودَاتُ
وَاحِدُهَا مَعْدُودَةٌ، وَالْيَوْمُ لَا يُوصَفُ بِمَعْدُودَةٍ ; لِأَنَّ الصِّفَةَ هُنَا مُؤَنَّثَةٌ وَالْمَوْصُوفُ مُذَكَّرٌ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ فَتَصِفُ الْجَمْعَ بِالْمُؤَنَّثِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَجْرَى مَعْدُودَاتٍ عَلَى لَفْظِ أَيَّامٍ وَقَابَلَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ مَجَازًا وَالْأَصْلُ مَعْدُودَةٌ كَمَا قَالَ: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) [الْبَقَرَةِ: 80] .
وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ الْأَيَّامَ تَشْتَمِلُ عَلَى السَّاعَاتِ، وَالسَّاعَةُ مُؤَنَّثَةٌ فَجَازَ الْجَمْعُ عَلَى مَعْنَى سَاعَاتِ الْأَيَّامِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالذِّكْرِ فِي كُلِّ سَاعَاتِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَوْ فِي مُعْظَمِهَا لَكَانَ جَوَابًا سَدِيدًا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الشَّهْرُ وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ، فَإِنَّهَا يُجَابُ بِهَا عَنْ كَمْ وَكَمْ، إِنَّمَا يُجَابُ عَنْهَا بِالْعَدَدِ وَأَلْفَاظُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَتْ عَدَدًا، وَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءٌ لِمَعْدُودَاتٍ، فَكَانَتْ جَوَابًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.: (فَلَا إِثْمَ) : عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ. وَقُرِئَ: «فَلِثْمَ» وَوَجْهُهَا أَنَّهُ لَمَّا خَلَطَ لَا بِالِاسْمِ حَذَفَ الْهَمْزَةَ لِشَبَهِهَا بِالْأَلِفِ ; ثُمَّ حَذَفَ أَلِفَ لَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الثَّاءِ بَعْدَهَا.
(لِمَنِ اتَّقَى) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: جَوَازُ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ لِمَنِ اتَّقَى.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 203]
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اذكروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (في أيام) جارّ ومجرور متعلّق ب (اذكروا) ، (معدودات) نعت لأيام مجرور مثله (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (تعجّل) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في يومين) جارّ ومجرور متعلّق ب (تعجّل) ، وعلامة الجرّ الياء (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) نافية للجنس (إثم) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا (الواو) عاطفة (من تأخّر فلا إثم عليه) مثل سابقتها تأخذ إعرابها مفردات وجملا (اللام) حرف جرّ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر، والمبتدأ محذوف تقديره هو يعود إلى جواز التعجيل والتأخير (اتّقى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة (اتّقوا) مثل اذكروا (الله) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (اعلموا) مثل اذكروا (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تحشرون) وهو مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب فاعل.
جملة: «اذكروا الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من تعجّل..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «تعجّل في يومين» في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة: «لا إثم عليه» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: « (هو) لمن اتّقى» لا محلّ لها اعتراضيّة أو استئناف بيانيّ.
وجملة: «اتّقى» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «اتّقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة اذكروا الله.
وجملة: «اعلموا» لا محلّ لها معطوفة على إحدى جملتي الطلب.
وجملة: «تحشرون» في محلّ رفع خبر أنّ.
والمصدر المؤوّل من أنّ واسمها وخبرها سدّ مسدّ مفعولي اعلموا.
الصرف:
(معدودات) ، جمع معدودة مؤنّث معدود، اسم مفعول من عدّ يعدّ باب نصر وزنه مفعول.

النحاس

{وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ..} [203] قال الكوفيون: الألف والتاء لأقل العدد، وقال البصريُّون: هما للقليل والكثير. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا المعدودات والمعلومات وقول العلماء فيهما. ونَشْرحُ ذلك ها هنا. أصحّ ما قيل في المعدودات: أنها ثلاثة أيامٍ: بعد يوم النحر، وقِيلَ المعدودات والمعلوماتُ واحد، وهذا غلط لقوله جل وعز "فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ"، والتقدير في العربية فمن تَعَجل في يومين منها والمعنى في أيام معدوداتٍ لذكر الله تعالى. وأصحّ ما قِيلَ فيه في المعلوماتِ قول ابن عمر رَحِمَهُ الله وهو مذهب أهل المدينة: إنها يوم النحر ويومان بعده لأن الله عز وجل قال {ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلوماتٍ} فلا يجوز أن يكونَ هذا إلاّ الأيام التي يُنْحَرُ فيها ولا يخلو يوم النحر من أن يكون أولها أو أوسطَها أو آخِرهَا فلو كان آخِرها أو أوسطها لكان النحر قبلهُ، وهذا مُحالٌ فوجب أن يكون أولهَا. {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} "مَن" رفع بالابتداء والخبر {فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} ويجوز في غير القرآن فلا إثم عليهم لأن معنى "مَنْ" / 23 أ/ جماعة كما قال عز وجل {ومنهم مَن يَسْتَمِعونَ إليك} وكذا {وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ} {لِمَنِ ٱتَّقَىٰ} يُقالُ: بأيّ شيءٍ اللام متعلقة؟ فالجواب وفيه أجوبة يكون التقدير المغفرةُ لِمَن اتقَى وهذا على تفسير ابن مسعود، وقال الأخفش: التقدير ذلك لِمَن اتّقَى، وقيل؛ التقدير السلامةُ لِمَن اتقى، وقيل، واذكروا يدلّ على الذكر فالمعنى الذكرُ لِمَن اتّقى.

دعاس

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)
«وَاذْكُرُوا اللَّهَ» فعل أمر والواو فاعله ولفظ الجلالة مفعوله والجملة معطوفة. «فِي أَيَّامٍ» متعلقان بالفعل قبلهما.
«مَعْدُوداتٍ» صفة لأيام. «فَمَنْ» الفاء استئنافية من اسم شرط جازم مبتدأ. «تَعَجَّلَ» فعل ماض وهو في محل جزم فعل الشرط والفاعل هو. «فِي يَوْمَيْنِ» اسم مجرور بالياء لأنه مثنى والجار والمجرور متعلقان بتعجل.
«فَلا» الفاء رابطة للجواب لا نافية للجنس. «إِثْمَ» اسمها مبني على الفتح. «عَلَيْهِ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر من. «وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» تعرب كإعراب سابقتها وهي معطوفة. «لِمَنِ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر التقدير : ذلك بمحذوف خبرها ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر من. «وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» تعرب كإعراب سابقتها وهي معطوفة. «لِمَنِ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر التقدير : ذلك التأخير أو التعجيل كائن لمن اتقى. «اتَّقى » فعل ماض والجملة صلة الموصول. «وَاتَّقُوا» الواو عاطفة اتقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل. «اللَّهَ» لفظ الجلالة مفعول به والجملة معطوفة. «وَاعْلَمُوا» عطف على اتقوا. «أَنَّكُمْ» أن واسمها وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي اعلموا. «إِلَيْهِ» متعلقان بالفعل بعده. «تُحْشَرُونَ» فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة خبر إن.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } جملة "واذكروا" مستأنفة، وجملة "فمن تعجَّل" معطوفة على المستأنفة. قوله "لمن اتقى": اللام جارة، "من" اسم موصول في محل جر بحرف الجر، متعلق بخبر محذوف لمبتدأ محذوف أي: انتفاء الإثم لمن اتقى، والجملة معترضة بين الأفعال الأمرية. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها سدَّ مسدَّ مفعولَيْ علم.