وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ وَتُدۡلُواْ بِهَآ إِلَى ٱلۡحُكَّامِ لِتَأۡكُلُواْ فَرِيقٗا مِّنۡ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ بِٱلۡإِثۡمِ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : آية 188]
وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)

اللغة:
(تُدْلُوا بِها) تلقوا بها، وأدلى الدلو أرسلها في البئر، وسقى أرضه بالدّالية وبالدوالي وهي النواعير، ودلّى شيئا في مهواة وتدلّى هو بنفسه ودلّى برجليه من السرير ودلّاه بحبل من سطح أو جبل. قال الفرزدق:
هما دلّتاني من ثمانين قامة ... كما انقضّ باز أقتم الرّيش كاسره
والدوالي: عنب أسود غير حالك، ولا أدري علام استند صاحب المنجد في زعمه: إنها مولّدة. هذا وقد تقصيت كل ما فاؤه دال وعينه لام فاذا به يفيد معنى التّدلّي والانملاس، ومنه الدلج وهو السّرى بالليل، ولا يخفى ما فيه من الانملاس، ودلف الشيخ مشى فوق الدّبيب كأنه يتدلى من مكان عال. وهذا من العجب بمكان.

الإعراب:
(وَلا تَأْكُلُوا) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير حكم آخر يتعلق بالأموال وطرق اكتسابها، ولا ناهية، وتأكلوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل (أَمْوالَكُمْ) مفعول به (بَيْنَكُمْ) ظرف متعلق بمحذوف حال من أموالكم، أي لا تأكلوها كائنة بينكم (بِالْباطِلِ) الجار والمجرور متعلقان بتأكلوا أي لا تتناولوها بسبب باطل (وَتُدْلُوا) الواو عاطفة، وتدلوا فعل مضارع معطوف على تأكلوا داخل في حيز النهي، ولك أن تجعلها للمغية، وتدلوا منصوب بأن مضمرة بعدها (بِها) الجار والمجرور متعلقان بتدلوا (إِلَى الْحُكَّامِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي لاجئين متحاكمين (لِتَأْكُلُوا) اللام للتعليل، وتأكلوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، والواو فاعل والجار والمجرور في محل نصب مفعول لأجله (فَرِيقاً) مفعول به (مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة (بِالْإِثْمِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال، أي متشبثين بما يستوجب الإثم من شهادة الزور واليمين الكاذبة (وَأَنْتُمْ) الواو حالية، وأنتم ضمير منفصل مبتدأ (تَعْلَمُونَ) فعل مضارع مرفوع، وفاعل، والجملة خبر، والجملة بعد واو الحال حالية.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)) . قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَيْنَكُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِتَأْكُلُوا لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا تَتَنَاقَلُوهَا فِيمَا بَيْنَكُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَمْوَالِ ; أَيْ كَائِنَةٌ بَيْنَكُمْ، أَوْ دَائِرَةٌ بَيْنَكُمْ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) [الْبَقَرَةِ: 282] .
وَ (بِالْبَاطِلِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَأْكُلُوا ; أَيْ لَا تَأْخُذُوهَا بِالسَّبَبِ الْبَاطِلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَمْوَالِ أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ فِي تَأْكُلُوا ; أَيْ مُبْطِلِينَ. (وَتُدْلُوا) : مَجْزُومٌ عَطْفًا عَلَى تَأْكُلُوا. وَاللَّامُ فِي (لِتَأْكُلُوا) : مُتَعَلِّقَةٌ بِتُدْلُوا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُدْلُوا مَنْصُوبًا بِمَعْنَى الْجَمْعِ ; أَيْ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ أَنْ تَأْكُلُوا وَتُدْلُوا وَ (بِالْإِثْمِ) : مِثْلُ بِالْبَاطِلِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 188]
وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (أموال) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (تأكلوا) ، (بالباطل) جار ومجرور متعلّق ب (تأكلوا) ، (الواو) واو المعيّة (تدلوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة وجوبا بعد واو المعيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تدلوا) ، (إلى الحكّام) جارّ ومجرور متعلّق ب (تدلوا) . والمصدر المؤوّل (أن تدلوا ... ) معطوف على مصدر مسبوك من مضمون الكلام السابق أي: لا يكن أكل للأموال وإدلاء بها إلى الحكّام.
(اللام) للتعليل (تأكلوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام ...
الواو فاعل (فريقا) مفعول به منصوب (من أموال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (فريقا) ، (الناس) مضاف إليه مجرور، (بالإثم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في (تأكلوا) أي متلبسين بالإثم .
والمصدر المؤوّل (أن تأكلوا) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (تدلوا) ، أو بفعل الطلب: لا تأكلوا ...
(الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبتدأ (تعلمون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل.
وجملة: «لا تأكلوا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تدلوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي.
وجملة: «تأكلوا فريقا..» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: «أنتم تعلمون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «تعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) .
الصرف:
(الباطل) ، اسم فاعل من بطل يبطل على وزن فاعل، ثمّ استعمل اسما بمعنى ضدّ الحقّ.
(تدلوا) ، فيه إعلال بالحذف أصله تدليوا بضمّ الياء، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت إلى الحرف الذي قبلها، التقى ساكنان فحذفت الياء وأصبح الفعل تدلوا وزنه تفعوا.
(الحكّام) ، جمع الحاكم، أصله اسم فاعل من حكم يحكم باب نصر ثمّ أصبح اسما يطلق على من يحكم بين الناس، وزنه فاعل.
الفوائد
1- تتقدم لام التعليل على الفعل المضارع فينصب وقد اختلف النحاة بأسباب النصب ولهم في ذلك رأيان: أحدهما انه منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام وهو الرأي المعمول به اليوم وهو رأي البصريين وثانيهما وهو رأي الكوفيين وهو أن الفعل منصوب ب «كي» مضمرة جوازا بعد اللام، ويبدو أن الرأي الأول هو الراجح «لأنه من الشائع عمل «أن» ظاهرة ومضمرة وجوازا أو وجوبا» .
2- من عجائب فقه اللغة دلالة الحروف منفصلة على معان خاصة بها من ذلك أن كل فعل فاؤه دال وعينه لام يدل على الحركة مقرونة بالتدلّي أو الانملاس ومن أحب الاستزادة من خصائص الحروف فعليه بالرجوع الى كتب فقه اللغة ...

النحاس

{وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ..} [188] عطف على تأكلوا، وفي قراءة أبيّ {ولا تُدْلُواْ} ويجوز أن يكون ولا تدلُوا جواب النهي بالواو كما قال: لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتَأتيَ مِثْلَه * عَارٌ عَليكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ {بِهَا} الهاء تعود على الأموال أي ترشوا بها أو تخاصمُوا من أجلها فكأنكم قد أدليتم بها ويجوز أن تكونَ الهاء تعود على الحجة وان لم يتقدم لها ذكر كما يقال: أدلَى بحجته. "أَمْوَالَكُمْ" إضافة الجنس اي الأموال التي لكم.

دعاس

وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)
«وَلا» الواو للاستئناف لا ناهية جازمة. «تَأْكُلُوا» فعل مضارع مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل والجملة استئنافية. «أَمْوالَكُمْ» مفعول به. «بَيْنَكُمْ» ظرف متعلق بمحذوف حال من أموالكم.
«بِالْباطِلِ» جار ومجرور متعلقان بتأكلوا. «وَتُدْلُوا» الواو عاطفة تدلوا عطف على تأكلوا ، وقيل منصوب بأن المضمرة. «بِها» جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. «إِلَى الْحُكَّامِ» جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. «لِتَأْكُلُوا» اللام لام التعليل ، تأكلوا فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل والمصدر المؤول في محل جر باللام والجار والمجرور في محل نصب مفعول لأجله. «فَرِيقاً» مفعول به. «مِنْ أَمْوالِ» متعلقان بفريقا.
«النَّاسِ» مضاف إليه. «بِالْإِثْمِ» جار ومجرور متعلقان بالفعل لتأكلوا. «وَأَنْتُمْ» الواو حالية ، أنتم مبتدأ. «تَعْلَمُونَ» فعل مضارع والواو فاعل والجملة خبر المبتدأ. والجملة الاسمية حالية.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } قوله "وتدلوا بها": الواو للمعية، والفعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الواو، والمصدر المؤول معطوف على مصدر متصيَّد من الكلام السابق، التقدير: لا يكن أكلٌ للأموال وإدلاء بها، والمصدر "لتأكلوا" مجرور متعلق بـ "تدلوا". والجار "بالإثم" متعلق بحال من الضمير في "تأكلوا" أي: ملتبسين بالإثم. جملة "وأنتم تعلمون" حالية.