إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ
ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ
غَفُورٞ رَّحِيمٌ
إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش
[سورة البقرة (2) : الآيات 172 الى 173]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)
اللغة:
(الاهلال) : سبق القول إنه رفع الصوت عند مباشرة أمر من الأمور، وقد كان دينهم في جاهليتهم أن يرفعوا أصواتهم عند مباشرتهم هذه الأمور كالذبح وغيره فيقولون: باسم اللات والعزّى.
(باغٍ) : ظالم.
(عادٍ) : معتد على غيره.
الإعراب:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم إعرابها فجدّد به عهدا، وجملة النداء وما بعده مستأنفة تمهيدا للشروع في بيان أنواع من المحرمات بعد ما أمر سبحانه بأكل الطيبات (كُلُوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل (مِنْ طَيِّباتِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة للمفعول المحذوف ليذهب السامع في تقديره أيّ مذهب تصبو اليه نفسه ومعنى من الجارّة هنا التبعيض أي كلوا بعضها فما أكثر الطيبات المتاحة لنا (ما) اسم موصول في محل جر بالاضافة (رَزَقْناكُمْ) فعل وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) معطوف على كلوا، ولله جار ومجرور متعلقان باشكروا، وسيأتي بحث عنه في باب الفوائد (إِنْ) شرطية تجزم فعلين (كُنْتُمْ) فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والتاء اسمها (إِيَّاهُ) ضمير منفصل مفعول
مقدم لتعبدون (تَعْبُدُونَ) الجملة الفعلية في محل نصب خبر كنتم وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها ما قبلها أي فاشكروا (إِنَّما) كافة ومكفوفة (حَرَّمَ) فعل ماض والفاعل مستتر تقديره هو يعود على الله تعالى (عَلَيْكُمُ) الجار والمجرور متعلقان بحرم (الْمَيْتَةَ) مفعول به (وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) معطوفان على الميتة (وَما) الواو حرف عطف وما اسم موصول منصوب عطفا على ما تقدم (أُهِلَّ) فعل ماض مبني للمجهول (بِهِ) جار ومجرور قام مقام نائب الفاعل (لِغَيْرِ اللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال والجملة صلة الموصول (فَمَنِ) الفاء الفصيحة أي إذا كانت هناك حالات اضطرار ألجأته الى أكل شيء مما حرم، والجملة بعدها لا محل لها لأنها جواب شرط مقدر غير جازم، ومن اسم شرط جازم مبتدأ (اضْطُرَّ) فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم فعل الشرط ونائب الفاعل مستتر تقديره هو يعود على المضطر (غَيْرَ) حال من «من» فكأنه قيل: اضطرّ لا باغيا ولا عاديا فهو له حلال (باغٍ) مضاف اليه وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين (وَلا عادٍ) عطف على غير باغ (فَلا) الفاء رابطة لجواب الشرط لأنه جملة اسمية ولا نافية للجنس (إِثْمَ) اسمها المبني على الفتح (عَلَيْهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها، والجملة المقترنة بالفاء في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من على الأصح (إِنَّ اللَّهَ) إن واسمها (غَفُورٌ رَحِيمٌ) خبران لإن وجملة إن وما في حيزها لا محل لها لأنها تعليلية.
البلاغة:
1- اشتملت هاتان الآيتان على ايجازين جميلين بالحذف، وهما
حذف مفعول كلوا كما تقدم، وحذف جواب إن الشرطية أي فاشكروه وحذف جواب الشرط شائع في كلام العرب.
2- التقديم في تقديم إياه لإفادة الاختصاص، لأنه سبحانه مختص بأن يعبدوه.
3- الالتفات من ضمير المتكلم الى الغيبة، وسياق الكلام يقتضي أن يقول: واشكرونا، ولكنه التفت الى الغيبة لعظم الاهتمام به سبحانه. وفيه تلميح الى الحديث النبوي وهو: «يقول الله تعالى:
إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري» . وقد درج علماء البلاغة على تعريف الالتفات بأنه إنما يستعمل في الكلام للتفنن والانتقال من أسلوب الى أسلوب تطرية لنشاط السامع، وهو تعريف جميل، لأن النفس تسأم الكلام الجاري على نسق رتيب. ولكن يرد على هذا التعريف أن التطرية لا تكون إلا بعد حدوث الملل، ولا ملل في تلاوة القرآن، فلا بد أن يكون هناك أمر وراء الانتقال من أسلوب الى أسلوب، بيد أن ذلك لا يمكن تحديده، لأن الفنّ جمال، وسر الجمال في عدم تحديده، لأنه بعيد المنال، وقد أريناك عند الكلام على الفاتحة أسرارا تكمن وراء السطور، وهنا عدل عن التكلم الى الغيبة كما تقدم، وليصرح باسم الله، وفي ذلك من حوافز الشكر ما فيه.
نموذج شعري:
وما دمنا في صدد أسرار الالتفات يحسن بنا أن نورد للقارىء مثالا شعريا لأبي تمام الطائي ليقيس طلابنا ومتأدبونا على منواله، قال يمدح أبا دلف العجليّ ويصف فيها ركبا يسيرون في المهامة البعيد
ليتخلص الى التنويه بجود الممدوح، ولا يفوتك ما فيها من تشخيص وتجسيد:
وركب يساقون الركاب زجاجة ... من السّير لم تقصد لها كفّ قاطب
ففد أكلوا منها الغوارب بالسّرى ... وصارت لهم أشباحهم كالغوارب
يصرّف مسراها جذيل مشارق ... إذا آبه هم عذيق مغارب
يرى بالكعاب الزّود طلعة ثائر ... وبالعرمس الوجناء غرةّ آئب
كأنّ بها ضغنا على كلّ جانب ... من الأرض أو شوقا الى كلّ جانب
إذا العيس لاقت بي أبا دلف فقد ... تقطّع ما بيني وبين النوائب
فقال في الأول: يصرف مسراها، مخاطبة للغائب جريا على الأسلوب المتقدم في وصف الركب، ثم قال بعد ذلك: إذا العيس لاقت بي، فعدل الى خطاب نفسه لأنه لما صار الى مشافهة الممدوح
والتصريح باسمه خاطب عند ذلك نفسه مبشرا لها بالبعد عن المكاره والقرب من الرغائب، وهذا من السحر الحلال وان من البيان لسحرا..
الفوائد:
(شكر) فعل متعد ولكنه قد يستعمل كاللازم فيكتفي بالفاعل إذا أريد به مجرّد حدوث الفعل، ويستعمل متعديا مباشرة الى مفعول به واحد، قال تعالى: «ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك» ، ويتعدى الى مفعولين كقول عبد الله بن الزبير:
سأشكر عمرا ما تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلت
والمفعولان هما: عمرا وأيادي، جمع يد وهي النعمة. وقد يتعدى باللام الى مفعول به واحد كما في الآية هنا.
التبيان في إعراب القرآن
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) : تُقْرَأُ الْمَيْتَةَ بِالنَّصْبِ، فَتَكُونُ مَا هَاهُنَا كَافَّةً، وَالْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ.
وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْمَيْتَةُ خَبَرُ إِنَّ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ. وَيُقْرَأُ حُرِّمَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْمَيْتَةُ خَبَرَ إِنَّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَافَّةً وَالْمَيْتَةُ الْمَفْعُولَ الْقَائِمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ.
وَالْأَصْلُ الْمَيِّتَةُ بِالتَّشْدِيدِ ; لِأَنَّ بِنَاءَهُ فَيْعَلَةٌ، وَالْأَصْلُ مَيْوَتَةٌ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَسَبَقَتِ الْأُولَى بِالسُّكُونِ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ، فَمَنْ قَرَأَ بِالتَّشْدِيدِ أَخْرَجَهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ خَفَّفَ حَذَفَ الْوَاوَ الَّتِي هِيَ عَيْنٌ، وَمِثْلُهُ سَيْدٌ وَهَيْنٌ فِي سَيِّدٍ وَهَيِّنٍ.
وَلَامُ (وَالدَّمَ) : يَاءٌ مَحْذُوفَةٌ حُذِفَتْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ.
وَالنُّونُ فِي (خِنْزِيرٍ) أَصْلٌ، وَهُوَ عَلَى مِثَالٍ غَرِيبٍ ; وَقِيلَ هِيَ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَزْرِ. (فَمَنِ اضْطُرَّ) : مَنْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ وَهِيَ شَرْطٌ، وَاضْطُرَّ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِهَا، وَالْجَوَابُ «فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنْ بِمَعْنَى الَّذِي.
وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبِضَمِّهَا إِتْبَاعًا لِضَمَّةِ الطَّاءِ، وَالْحَاجِزُ غَيْرُ حَصِينٍ لِسُكُونِهِ وَضُمَّتِ الطَّاءُ عَلَى الْأَصْلِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ اضْطُرِرَ.
وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الطَّاءِ ; وَوَجْهُهَا أَنَّهُ نَقَلَ كَسْرَةَ الرَّاءِ إِلَيْهَا.
(غَيْرَ بَاغٍ) : نُصِبَ عَلَى الْحَالِ.
(وَلَا عَادٍ) : مَعْطُوفٌ عَلَى بَاغٍ، وَلَوْ جَاءَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ غَيْرَ جَازَ.
الجدول في إعراب القرآن
[سورة البقرة (2) : آية 173]
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (حرّم) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (حرّم) ، (الميتة) مفعول به منصوب (الدم، لحم) اسمان معطوفان على الميتة بحرفي العطف منصوبان مثله (الخنزير) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب معطوف على الميتة (أهلّ) فعل ماض مبنيّ للمجهول (الباء) حرف جرّ و (الهاء) في محلّ جرّ والجارّ والمجرور ناب مناب الفاعل (لغير) جارّ ومجرور متعلّق ب (أهلّ) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الفاء) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (اضطرّ) فعل ماض مبنيّ للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (غير) حال منصوبة من نائب الفاعل (باغ) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد
النفي (عاد) معطوفة على باغ مجرور مثله وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) نافية للجنس (إثم) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (عليه) مثل عليكم متعلّق بمحذوف خبر لا (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (غفور) خبر إنّ مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «حرّم عليكم الميتة» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة: «أهلّ به» لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: «من اضطرّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اضطرّ ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة: «لا إثم عليه» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إنّ الله غفور» لا محلّ لها تعليليّة.
الصرف:
(الميتة) ، المخفّفة من الميّتة مؤنّث الميّت، صفة مشبّهة باسم الفاعل، والميتة- بالتخفيف- فيه إعلال بالقلب وإعلال بالحذف.
أصله الميوتة زنة فيعلة، اجتمعت الياء والواو في كلمة وجاءت الأولى ساكنة فقلبت الواو ياء وأدغمت مع الياء الثانية فأصبحت الميّتة بالتشديد، ثمّ خفّف اللفظ بحذف إحدى الياءين- عين الكلمة- لتدلّ على حصول الموت وتمامه فأصبحت الميتة وزن فيلة.
(الدم) ، اسم جامد، حذفت لامه وهي الياء أو الواو لغير علّة، ففيه إعلال بالحذف مثنّاه دمان أو دميان، وبعضهم يقول دموان جمعه دماء ودميّ بكسر الميم وضمّ الدال.
(الخنزير) ، النون فيه أصليّة على التحقيق، وبعضهم يراها زائدة أي مأخوذ من الخزر وهو ضيق العين، وخنزير وزنه فعليل بكسر الفاء وذلك على أنّ النون فيه أصليّة.
(اضطرّ) ، فيه إبدال تاء الافتعال طاء بعد الضاد وأصله اضترّ، وانظر الآية (126) من هذه السورة.
(باغ) ، اسم فاعل من بغى يبغي باب ضرب وزنه فاع، وفيه إعلال بالحذف حيث حذفت الياء لمناسبة التنوين لأنه منقوص، وأصله الباغي.
(عاد) اسم فاعل من عدا يعدو، وفيه إعلال بالقلب ثمّ إعلال بالحذف. وأصله العادو بكسر الدال، جاء ما قبل الواو مكسورا فقلبت ياء فقيل العادي، ثمّ جرى فيه الإعلال بالحذف مجرى باغ، وزنه فاع.
(إثم) ، مصدر سماعيّ لفعل أثم يأثم باب فرح وزنه فعل بكسر.
الفاء.
(غفور) ، صفة مشتقّة وزنها فعول بفتح الفاء، هي مبالغة اسم الفاعل من غفر يغفر باب ضرب.
الفوائد
1- قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ.
قال الفقهاء إن من يضطر خوفا من الهلاك له أن يأكل من هذه المحرمات بمقدار ما يحول بينه وبين الهلاك وليس له أن يكثر منه بالأكل.
2- وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ: قال الفقهاء: إن الحرمة في تناول هذا الصنف من الطعام تنحصر في حال سماعنا أنه ذكر لدى ذبحه اسم غير اسم الله. وعليه فلا يحرم تناول الطعام إذا لم نعلم بماذا أهلّ لدى ذبحه مثلا لأن الأصل في الذبيحة أو أي طعام حلّه، ما لم نسمع أنه ذكر عليه غير اسم الله فيحرم.
النحاس
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ..} [173]
نصب بحرّمَ و "ما" كافة، ويجوز أنْ تَجْعَلَها بمعنى الذي وترفع الميتة والدم ولحم الخنزير. {فَمَنِ ٱضْطُرَّ} ضمت النون لالتقاء الساكنين وأتبعت الضمة الضمة، ويجوز الكسر على أصل التقاء الساكنين، وقرأ أبو جعفر {فَمَنِ ٱضْطِرَّ} بكسر الطاء لأنّ الأصل اضطُرِرَ فلما ادغِمَ ألقى حركة الراء على الطاء ويجوز فمن اضُّرَّ لمّا لم يَجُز أن يُدغِم الضاد في الطاء أدغَم الطاء في الضاد، ويجوز أنْ تقلب الضاد طاء من غير إدغام ثم تدغم الطاء في الطاء فتقول: فمن اطّر وهذا في غير القرآن، {غَيْرَ بَاغٍ} "غَيْرَ" نصب على الحال، والأصل باغيٍ استثقلت الحركة في الياء فَسكنتْ والتنوين ساكن فَحُذِفَت الياء لسكونها وسكون التنوين وكانت أولى بالحذف لأن التنوين علامة وقبل الياء ما يدلّ عليها وكذا ولا عادٍ.
دعاس
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)
«إِنَّما» كافة ومكفوفة. «حَرَّمَ» فعل ماض والفاعل هو. «عَلَيْكُمُ» متعلقان بحرم. «الْمَيْتَةَ» مفعول به. «وَالدَّمَ وَلَحْمَ» اسمان معطوفان.
«الْخِنْزِيرِ» مضاف إليه. «وَما» الواو حرف عطف ما اسم موصول معطوف على الميتة. «أُهِلَّ» فعل ماض مبني للمجهول. «بِهِ» متعلقان بمحذوف نائب فاعل. «لِغَيْرِ» متعلقان بأهل. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه وجملة أهل صلة الموصول لا محل لها. «فَمَنِ» الفاء الفصيحة من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. «اضْطُرَّ» فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى اضطر ، وهو فعل الشرط. «غَيْرَ» حال منصوبة بالفتحة. «باغٍ» مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة. «وَلا عادٍ» الواو عاطفة لا زائدة عاد معطوف على باغ. «فَلا» الفاء واقعة في جواب الشرط لا نافية للجنس. «إِثْمَ» اسمها مبني على الفتح. «عَلَيْهِ» متعلقان بمحذوف خبر لا والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط ، وخبر المبتدأ فعل الشرط وجوابه على الأرجح «إِنَّ اللَّهَ» إن ولفظ الجلالة اسمها «غَفُورٌ» خبرها. «رَحِيمٌ» خبر ثان والجملة تعليلية لا محل لها.
مشكل إعراب القرآن للخراط
{ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
الفاء استئنافية، و"من" اسم شرط مبتدأ. وجملة "اضطر" خبر، و "غير" حال، وجملة "إن الله غفور" مستأنفة.