وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 114 الى 115]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (115)

اللغة:
(المساجد) : جمع مسجد وهو اسم مكان للسجود وكان من حقّه أن يأتي على مفعل بفتح العين لأن عين مضارعه مضمومة ولكنه سمع بالكسر شذوذا كما شذّت ألفاظ جاءت بالكسر مع أنها مصوغة من مضموم العين في المضارع وهي المطلع والمغرب والمشرق والمسجد والمنسك والمجزر والمنبت والمسقط والمفرق والمسكن ويجوز فيها الفتح ولكن السماع أفصح.

الإعراب:
(وَمَنْ) الواو استئنافية ومن اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ومعناه النفي (أَظْلَمُ) خبر من (مِمَّنْ) جار ومجرور متعلقان بأظلم (مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ) فعل ماض وفاعل مستتر يعود على من ومساجد الله مفعول به والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول (أَنْ يُذْكَرَ) أن وما في حيّزها في تأويل مصدر مفعول ثان لمنع ولك أن تعرب المصدر مفعولا لأجله أي كراهة أن يذكر فيها اسمه (فِيهَا) جار ومجرور متعلقان بيذكر (اسْمُهُ) نائب فاعل ولك أن تعرب المصدر بدل اشتمال من مساجد الله لأنها تشتمل على الذكر (وَسَعى) عطف على منع (فِي خَرابِها) الجار والمجرور متعلقان بسعى (أُولئِكَ) اسم اشارة مبتدأ والجملة مستأنفة (ما) نافية (كانَ) فعل ماض ناقص (لَهُمْ) خبر مقدم لكان (أَنْ يَدْخُلُوها) المصدر المؤول من أن وما في حيزها اسم كان المؤخر (إِلَّا) أداة حصر (خائِفِينَ) حال من فاعل يدخلوها (لَهُمْ) الجار والمجرور خبر مقدم (فِي الدُّنْيا) جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (خِزْيٌ) مبتدأ مؤخر والجملة لا محل لها لأنها استئنافية (وَلَهُمْ) الواو عاطفة لهم خبر مقدم (فِي الْآخِرَةِ)
الجار والمجرور في محل نصب حال (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (عَظِيمٌ) نعت لعذاب (وَلِلَّهِ) الواو عاطفة والجار والمجرور خبر مقدم (الْمَشْرِقُ) مبتدأ مؤخر (وَالْمَغْرِبُ) عطف على المشرق (فَأَيْنَما) الفاء استئنافية وأينما اسم شرط جازم في محل نصب ظرف مكان متعلق بما بعده (تُوَلُّوا) فعل الشرط (فَثَمَّ) الفاء رابطة لجواب الشرط وثم ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم (وَجْهُ اللَّهِ) مبتدأ مؤخر والجملة في محل جزم جواب الشرط (إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) إن واسمها وخبراها.

الفوائد:
(ثم) : بفتح التاء ويقال للمؤنث ثمة إشارة للمكان البعيد ولا يجران الا بمن والى.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ) : مَنِ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، وَهُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَأَظْلَمُ خَبَرُهُ، وَالْمَعْنَى لَا أَحَدَ أَظْلَمُ. (مِمَّنْ مَنَعَ) : مَنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي: «أَنْ يُذْكَرَ» فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ مَسَاجِدَ، بَدَلُ الِاشْتِمَالِ تَقْدِيرُهُ: ذِكْرَ اسْمِهِ فِيهَا. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ، تَقْدِيرُهُ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، تَقْدِيرُهُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ. وَتَتَعَلَّقُ مِنْ إِذَا ظَهَرَتْ بِمَنَعَ ; كَقَوْلِكَ مَنَعْتُهُ مِنْ كَذَا.
وَإِذَا حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ مَعَ أَنَّ بَقِيَ الْجَرُّ، وَقِيلَ يَصِيرُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ) [الْبَقَرَةِ: 26] .
(وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) : خَرَابٌ: اسْمٌ لِلتَّخْرِيبِ مِثْلُ السَّلَامِ اسْمٌ لِلتَّسْلِيمِ، وَلَيْسَ بِاسْمٍ لِلْجُثَّةِ. وَقَدْ أُضِيفَ اسْمُ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ ; لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْمَصْدَرِ. (إِلَّا خَائِفِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَدْخُلُوهَا. (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَلَيْسَتْ حَالًا مِثْلَ خَائِفِينَ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمُ الْخِزْيَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ حَالٍ ; لَا فِي حَالِ دُخُولِهِمُ الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 114]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ (أظلم) خبر مرفوع (من) حرف جرّ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (أظلم) ، (منع) فعل ماض والفاعل هو وهو العائد (مساجد) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أن) حرف مصدريّ ونصب (يذكر) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يذكر) ، (اسم) نائب فاعل مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يذكر ... ) في محلّ نصب مفعول به ثان ل (منع) ، (الواو) عاطفة (سعى) ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في خراب) جارّ ومجرور متعلّق ب (سعى) ، و (ها) ضمير مضاف إليه. (أولاء) اسم اشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (اللام) حرف جرّ و (هم) متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أن) مثل الأول (يدخلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (ها) ضمير مفعول به (إلا) أداة حصر (خائفين) حال منصوبة من فاعل يدخلوها، وعلامة نصبه الياء.
والمصدر المؤوّل (أن يدخلوها) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
جملة «من أظلم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «منع مساجد» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «سعى..» لا محلّ لها معطوفة على جملة منع.. أو في محلّ جرّ.
وجملة: «أولئك ما كان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ما كان لهم أن يدخلوها» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
(اللام) حرف جرّ (هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (في الدنيا) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من خزي- نعت تقدّم على المنعوت- ، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (خزي) مبتدأ مؤخّر مرفوع، (الواو) عاطفة (لهم في الآخرة عذاب) تعرب كنظيرتها ... (عظيم) نعت لعذاب مرفوع مثله.
وجملة: «لهم في الدنيا خزي» لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «لهم في الآخرة عذاب» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة أو في محلّ نصب.
الصرف:
(أظلم) ، اسم تفضيل من ظلم، وزنه أفعل.
(مساجد) ، جمع مسجد، اسم مكان من سجد باب نصر، وقد جاء على وزن مفعل بكسر العين على غير القياس إذا القياس أن تكون عينه مفتوحة لانضمام عينه في المضارع.
(خراب) ، اسم مصدر للتخريب، نقص عن عدد حروف المصدر، وزنه فعال بفتح الفاء.
(خائفي) ، جمع خائف اسم فاعل من خاف، قلب حرف العلّة إلى همزة لمجيئه بعد ألف فاعل، وهو قلب مطّرد.
الفوائد
المسجد: اسم مكان على وزن مفعل وكان حقه أن يأتي على وزن مفعل قياسا على ما كانت عينه مضمومة وقد سمعت شذوذا على غرار مغرب ومشرق.

النحاس

{وَمَنْ أَظْلَمُ..} [114] ابتداء وخبر أي وأي أحدٍ أظلَمُ {مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ} أنْ في موضع نصبٍ على البدل من مساجِد، ويجوز أنْ يكونَ التقدير من أنْ يُذكَر وحروف الخفضُ تُحذَفُ مع أنْ لطولِ الكلامِ، وقيل: لأنّ المعنىَ في الفِعلِ بَعدَها يَتَبَيَّنُ، {وَسَعَىٰ} معطوف على منع {أُوْلَـٰئِكَ} مبتدأ والجملة خبر {خَآئِفِينَ} حال {لَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ} رفع بابتداء وإِنْ شئتَ على معنى وجَب وكذا {وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ} [115] {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ} شرط فلذلك حُذِفَت النون و "أين" العاملة و "ما" زائدة وقرأ الحسن {فَأَيْنَمَا تَوَلَّواْ} بفتح التاء واللام والأصل تَتولَّونَ {فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ} "ثَمَّ" في موضع نصب على الظرف ومعناها البُعْدُ إلاَ أنّها مبنيّة على الفتح غير مُعربةٍ لأنها مُبهَمَةٌ تكون بمنزلة هُنَاك لِلبُعدِ فإنْ أردتَ القربَ قلتَ هنا.

دعاس

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114)
«وَمَنْ» الواو استئنافية ، من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ. «أَظْلَمُ» خبر والجملة استئنافية.
«مِمَّنْ» من حرف جر ، من اسم موصول في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بأظلم. «مَنَعَ» فعل ماض والفاعل هو والجملة صلة الموصول. «مَساجِدَ» مفعول به. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه.
«أَنْ» حرف ناصب. «يُذْكَرَ» مضارع مبني للمجهول منصوب وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان لمنع وأعرب مفعولا لأجله أي كراهة أن يذكر فيها اسمه. «فِيهَا» متعلقان بيذكر.
«اسْمُهُ» نائب فاعل للفعل المبني للمجهول يذكر. «وَسَعى » الواو عاطفة سعى فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل هو يعود على من. «فِي خَرابِها» متعلقان بالفعل قبلهما.
«أُولئِكَ» اسم إشارة مبني على الكسرة في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب. «ما كانَ» ما نافية ، كان فعل ماض ناقص. «لَهُمْ» متعلقان بمحذوف خبر. «أَنْ» حرف ناصب. «يَدْخُلُوها» مضارع منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع اسم كان. «إِلَّا» أداة حصر. «خائِفِينَ» حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم. وجملة ما كان لهم في محل رفع خبر أولئك .. وجملة أولئك الاسمية مستأنفة. «لَهُمْ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «فِي الدُّنْيا» متعلقان بمحذوف خبر أيضا. «خِزْيٌ» مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.
«وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ» مثل لهم في الدنيا خزي معطوف على سابقة. «عَظِيمٌ» صفة.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } جملة "ومن أظلم" مستأنفة، و"مَنْ" اسم استفهام -ومعناه النفي- مبتدأ، و"أظلم" خبره. والجار "ممن" متعلق بـ "أظلم". المصدر المؤول من "أن يذكر" في محل نصب مفعول ثانٍ لـ "منع". والمصدر المؤول "أن يدخلوها" اسم كان، و"خائفين" حال من فاعل "يدخلوها" حمل أولا على لفظ "مَنْ" فأفرد في قوله: منع وسعى، وحمل على معناها ثانيا فجمع في قوله "أولئك". الجار "في الآخرة" متعلق بحال من "عذاب".