أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 106 الى 107]
ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)

اللغة:
(النسخ) الإزالة والنقل يقال: نسخت الريح الأثر أي أزالته ونسخت الكتاب أي نقلته وتفيد معنى طروء حال أحسن وجميع ما فاؤه نون وعينه سين يدل على التجدد والتبدل وطروء الأحسن أو الذهاب والانتقال فمن ذلك نسأ الشيء والأمر: أخّره وأنسأ الله أجلك أخره وأطاله ونسب: تغزّل ووصف المرأة بأوصاف ملائمة لمفاتنها وهذا من أعاجيب لغتنا العربية فتأمله فإنه مما ابتدعناه لأول مرة ومعنى الآية عجيب أيضا أي أن كل آية نذهب بها على ما تقتضيه الحكمة من إزالة لفظها أو حكمها أو كليهما معا نأتي بخير منها.

الإعراب:
(ما) اسم شرط جازم في محل مفعول به مقدم لننسخ (نَنْسَخْ) فعل الشرط مجزوم (مِنْ آيَةٍ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لاسم الشرط واسم الشرط ليس معرفة فلا يجوز أن يكون الجار والمجرور حالا منه والمعنى أي شيء ننسخ من الآيات فهو مفرد وقع موقع الجمع وهذا مطرد بعد الشرط لما فيه من معنى العموم وعلى هذا يخرج كل ما جاء من هذا التركيب كقوله: ما يفتح الله للناس من رحمة، وما بكم من نعمة فمن الله، وأجاز بعضهم أن تكون من آية في موضع نصب على التمييز والمميّز ما وليس ببعيد أيضا وأعربها ابن هشام في موضع نصب على الحال وليس ببعيد أيضا (أَوْ) حرف عطف (نُنْسِها) معطوف على ننسخ وقد سهّلت الهمزة فلم يظهر السكون والأصل ننسئها أي نرجئها والهاء مفعول به (نَأْتِ) جواب الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة (بِخَيْرٍ) الجار والمجرور متعلقان بنأت (مِنْها) جار ومجرور متعلقان بخير لأنها اسم تفضيل (أَوْ مِثْلِها) عطف على بآية (أَلَمْ) الهمزة للاستفهام التقديري ولم حرف نفي وقلب وجزم (تَعْلَمْ) فعل مضارع مجزوم بلم (أَنَّ اللَّهَ) أن واسمها (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) الجار والمجرور متعلقان بقدير (قَدِيرٌ) خبر أن وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي تعلم (أَلَمْ تَعْلَمْ) تقرير ثان (أَنَّ اللَّهَ) أن واسمها (لَهُ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (مُلْكُ السَّماواتِ) مبتدأ مؤخر (وَالْأَرْضِ) عطف على السموات (وَما لَكُمْ) الواو عاطفة وما نافية ولكم خبر مقدم (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (مِنْ وَلِيٍّ) من حرف جر زائد وولي مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر (وَلا نَصِيرٍ) عطف على ولي.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ أَنَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ مُلْكُ بِالظَّرْفِ عِنْدَ الْأَخْفَشِ وَالْمُلْكُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَمْلُوكِ، يُقَالُ: لِفُلَانٍ مُلْكٌ عَظِيمٌ ; أَيْ مَمْلُوكُهُ كَثِيرٌ وَالْمِلْكُ أَيْضًا بِالْكَسْرِ: الْمَمْلُوكُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بَلْ فِي مَوَاضِعِ الْكَثْرَةِ وَسَعَةِ السُّلْطَانِ. (مِنْ وَلِيٍّ) : مِنْ زَائِدَةٌ وَوَلِيٍّ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ وَلَكُمْ خَبَرُهُ.
وَ (نَصِيرٍ) : مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ وَلِيٍّ، وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ رَفْعُهُ عَلَى مَوْضِعِ وَلِيٍّ.
وَ (مِنْ دُونِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ وَلِيٍّ، أَوْ مِنْ نَصِيرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ وَلِيٍّ دُونَ اللَّهِ فَلَمَّا تَقَدَّمَ وَصْفُ النَّكِرَةِ عَلَيْهَا انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 107]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)
الإعراب:
(ألم تعلم أنّ الله) مر إعرابها في الآية السابقة مفردات وجملا ومصدرا مؤوّلا (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ملك) مبتدأ مؤخّر مرفوع (السموات) مضاف إليه مجرور (الأرض) معطوف بالواو على السموات مجرور مثله. (الواو) استئنافيّة (ما) نافية مهملة (لكم) مثل له متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من وليّ- نعت تقدّم على المنعوت- (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ زائد (وليّ) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (نصير) معطوف بلفظه على وليّ تبعه في الجرّ.
وجملة: له ملك السموات في محلّ رفع خبر أنّ. وجملة: ما لكم من دون الله ... لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(ملك) ، أتى بمعنى الشيء المملوك، فهو اسم، وانظر الآية (102) من هذه السورة.
(وليّ) ، صفة مشبّهة من ولي يلي باب وثق، وزنه فعيل، وقد يكون من صيغ المبالغة لأن فعله متعدّ.
(نصير) ، من صيغ المبالغة، على وزن فعيل من فعل نصر ينصر المتعدّى.

النحاس

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ..} [107] ملك رفع الابتداء و {لَهُ} الخبر والجملة خبر أنّ ومُلكٌ مشتقٌ من مَلَكت العجِينَ أي أحكمتُ عَجْنَهُ {وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} ويجوز رفع نصير عطفاً على الموضع لأن المعنى وما لكم من دون الله وليٌّ ولا نصيرٌ.

دعاس

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)
«لَهُ مُلْكُ» له جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، ملك مبتدأ مؤخر. «السَّماواتِ» مضاف إليه. «وَالْأَرْضِ» معطوف على السموات.
«وَما» الواو عاطفة. ما نافية. «لَكُمْ» متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «مِنْ دُونِ» متعلقان بمحذوف حال من ولي ، أو بالخبر المحذوف. «اللَّهَ» لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور. «مِنْ وَلِيٍّ» اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ. «وَلا نَصِيرٍ» الواو عاطفة لا نافية نصير اسم معطوف على ولي.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } جملة "له ملك" خبر "أنّ". جملة "وما لكم من ولي" استئنافية لا محل لها، و"مِنْ" زائدة في المبتدأ. والجار "من دون" متعلق بحال من "ولي"؛ لأنَّ النعت إذا تقدَّم على المنعوت صار حالا منه.