يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا وَٱسۡمَعُواْۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٞ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 103 الى 104]
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (103) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104)

اللغة:
(راعِنا) : راقبنا وتأنّ بنا حتى نفهمه، روي أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ألقى عليهم شيئا من العلم راعنا، وكانت لليهود كلمة عبرانية يتسابّون بها وهي «راعنا» قيل:
معناها: اسمع لا سمعت فلما سمعوا قول المؤمنين راعنا افترصوا ذلك وخاطبوا الرسول، ولما سمعها سعد بن معاذ منهم وكان يعرف العبرية قال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول الله لأضربنّ عنقه فقالوا: أولستم تقولونها فنزلت الآية.
(انْظُرْنا) أنسئنا وأمهلنا. الإعراب:
(وَلَوْ) الواو استئنافية أو عاطفة ولو شرطية ولسيبويه في تسميتها اسم طريف وهو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره (أَنَّهُمْ) أن واسمها (آمَنُوا) فعل ماض وفاعل والجملة الفعلية خبر ان وان واسمها وخبرها في تأويل مصدر مبتدأ خبره محذوف أي لو أن إيمانهم ثابت وقيل في محل رفع فاعل لفعل محذوف أي لو ثبت إيمانهم (وَاتَّقَوْا) عطف على آمنوا (لَمَثُوبَةٌ) اللام للابتداء وقيل هي واقعة في جواب لو وقد أو ثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو للدلالة على الثبوت والديمومة للمثوبة ومثوبة مبتدأ أو ساغ الابتداء بالنكرة لأنها وصفت (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) الجار والمجرور صفة لمثوبة (خَيْرٌ) خبر مثوبة (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) تقدم إعرابها وجواب لو محذوف دلّ عليه ما قبله أي لأثيبوا (يا أَيُّهَا) يا حرف نداء وأي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب والهاء للتنبيه (الَّذِينَ) بدل من أيها (آمَنُوا) فعل وفاعل والجملة صلة الموصول (لا) ناهية (تَقُولُوا) فعل مضارع مجزوم بلا (راعِنا) فعل أمر والفاعل مستتر تقديره أنت ونا مفعول به وذلك في الأصل والمراد بها هنا الحكاية فتعرب كلمة أريد بها لفظها دون معناها في محل نصب مفعول به (وَقُولُوا) عطف على لا تقولوا (انْظُرْنا) في الأصل فعل أمر ونا مفعوله والمراد بها هنا الحكاية (وَاسْمَعُوا) الواو عاطفة واسمعوا معطوفة على لو والمفعول به محذوف أي اسمعوا ما يكلمكم به الرسول ويلقي عليكم من المسائل المؤدية الى فلا حكم (وَلِلْكافِرِينَ) الواو استئنافية مسوقة للاجمال بعد التفصيل والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (أَلِيمٌ) نعت لعذاب. البلاغة:
ألمعت الآية الى فن من أجلّ فنون البلاغة وأكثرها استقطابا للمقاصد السامية والمثل الرفيعة وهو فن التهذيب أي ترداد النظر فيما يكتبه الكاتب وينظمه الشاعر، فقد خلصت من الإيهام ودلت على آداب المخاطبة ليكون الكلام بريئا من المطاعن، بعيدا عن الملاحن..

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا. . . . . . . . (104)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَاعِنَا) : فِعْلُ أَمْرٍ، وَمَوْضِعُ الْجُمْلَةِ نَصْبٌ بِـ (تَقُولُوا) .
وَقُرِئَ شَاذًّا «رَاعِنًا» بِالتَّنْوِينِ ; أَيْ لَا تَقُولُوا قَوْلًا رَاعِنًا.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 104]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت ل (أيّ) أو بدل منه (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (تقولوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (راع) فعل أمر مبنيّ على حذف حرف العلّة و (نا) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الواو) عاطفة (قولوا) أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (انظر) أمر دعائي (ونا) مفعول به والفاعل أنت، (الواو) عاطفة (اسمعوا) مثل قولوا. (الواو) استئنافيّة (للكافرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت ل (عذاب) مرفوع مثله.
جملة النداء يأيّها ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تقولوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «راعنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قولوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة النداء.
وجملة: «انظرنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «اسمعوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «للكافرين عذاب ... » لا محل لها استئنافيّة. الصرف:
(راعنا) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، حذف حرف العلّة في الأمر لكونه معتلّ الاخر في المضارع، وزنه فاعنا.
الفوائد
- كان المسلمون يستعملون كلمة «راعنا» بمعنى تمهّل وترفّق بنا وكان هذا اللفظ يوافق كلمة (راعينو) العبرية التي معناها (شرير) فراح اليهود يستعلمون هذه الكلمة في حديثهم مع الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وهم يميلون ألسنتهم لتكون قريبة من (راعينو) العبرية.
وإن دلت هذه القصة على شيء فإنما تدل على مكر اليهود وخبثهم وسوء طينتهم حيال الرسول والمسلمين منذ أن كان اليهود وكان المسلمون ...

النحاس

{يَاأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا..} [104] أمرٌ فلِذَلِكَ حُذِفَتْ منه الياء، وأحسنُ ما قِيلَ فيه قولُ مجاهد. قَالَ: لا تقولوا اسمَعْ منّا ونَسمَعُ منك ولكنْ قولوا فَهِمنا، {ٱنْظُرْنَا} بَيّنْ لنا، أمرٌ وأنْ يخاطبوه صلى الله عليه وسلم بالاجلال. وهذا حسنٌ أي لا تقولوا كافينا في المقال كما قال: {لا تَجْعَلوا دُعاءَ الرسولِ بَينكم كدُعاءِ بَعْضِكم بَعْضاً" وقرأ الحسن {رَاعِناً} منوناً نصبه على أنه مصدر أو نصبه بالقول أي لا تقولوا رعُونَةً. قال أبو جعفر: يقال لِمَا نَتأمن الجبل رَعْنٌ والجبل أرعنُ وجيشٌ أرعن أي مُتفرّقٌ ورجل أرعن أي متفرق الحجج ليس عقلهُ مجتمعاً.

دعاس

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104)
«راعِنا» أمهلنا. «انْظُرْنا» أخرنا. «يا أَيُّهَا» يا حرف نداء. أي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم والهاء للتنبيه. «الَّذِينَ» اسم موصول بدل من أي. «آمَنُوا» فعل ماض والواو فاعل والجملة صلة الموصول.
«لا تَقُولُوا» لا ناهية جازمة تقولوا مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل.
و الجملة لا محل لها ابتدائية. «راعِنا» فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الياء والكسرة دليل عليه والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ونا مفعول به والجملة مقول القول. «وَقُولُوا» الواو عاطفة قولوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل. والجملة معطوفة. «انْظُرْنا» فعل أمر وفاعله أنت ونا مفعول به والجملة مفعول به مقول القول. «وَاسْمَعُوا» أمر وفاعله ومفعوله محذوف تقديره واسمعوا كلام رسولكم ، والجملة معطوفة. «وَلِلْكافِرِينَ» الواو استئنافية للكافرين متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «عَذابٌ» مبتدأ مؤخر. «أَلِيمٌ» صفة مرفوعة ، والجملة استئنافية.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } "الذين" عطف بيان من "أيها" في محل نصب. جملة "وللكافرين عذاب" مستأنفة لا محل لها.