وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : آية 102]
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102)

اللغة:
(هارُوتَ وَمارُوتَ) : علمان أعجميان بدليل منع الصرف ولو كانا من الهرت والمرت أي الكسر كما زعم بعضهم لا نصرفا وقد نسجت حولهما أساطير طريفة يرجع إليها في المطوّلات.
(خَلاقٍ) : بفتح الخاء أي نصيب.
(بابل) : مدينة قديمة والمنع من الصرف للعلمية والعجمة وتقع أنقاضها على الفرات قرب الحلة شرقي بغداد.

الإعراب:
(وَاتَّبَعُوا) الواو عاطفة واتبعوا فعل ماض وفاعل (ما) اسم موصول مفعول اتبعوا (تَتْلُوا الشَّياطِينُ) فعل مضارع وفاعل والجملة صلة الموصول (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) الجار والمجرور متعلقان بتتلو وسليمان مضاف اليه وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة وزيادة الألف والنون موقوفة على معرفة الاشتقاق (وَما كَفَرَ) الواو حالية أو استئنافية وما نافية (سُلَيْمانَ) فاعل كفر (وَلكِنَّ) الواو عاطفة ولكن حرف استدراك مشبه بالفعل (الشَّياطِينُ) اسم لكن (كَفَرُوا) الجملة الفعلية خبر لكن (يُعَلِّمُونَ) فعل مضارع والواو فاعل والجملة حالية أو خبر ثان (النَّاسَ) مفعول به أول (السِّحْرَ) مفعول به ثان (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) الواو حرف عطف وما اسم موصول معطوف على السحر وجملة أنزل صلة ما والجار والمجرور متعلقان بأنزل (بِبابِلَ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال (هارُوتَ وَمارُوتَ) بدل من الملكين (وَما) الواو استئنافية وما نافية (يُعَلِّمانِ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والألف فاعل (مِنْ أَحَدٍ) من حرف جر زائد وأحد مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول يعلمان (حَتَّى) حرف غاية وجر ومن الغريب أن يزعم أبو البقاء أنها تأتي بمعنى إلا ولم ترد في اللغة بهذا المعنى (يَقُولا) فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى (إِنَّما) كافة ومكفوفة (نَحْنُ) مبتدأ (فِتْنَةٌ) خبر والجملة الاسمية في محل نصب مقول للقول (فَلا تَكْفُرْ) الفاء هي الفصيحة ولا ناهية وتكفر فعل مضارع مجزوم بلا، أي إذا شئت اتباع الطريق السويّ فلا تكفر بتعلمه (فَيَتَعَلَّمُونَ) الفاء استئنافية وقال سيبويه هي عاطفة (مِنْهُما) جار ومجرور متعلقان بيتعلمون (ما) اسم موصول مفعول به (يُفَرِّقُونَ) الجملة صلة ما (بِهِ) جار ومجرور متعلقان بيفرقون (بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) الظرف متعلق بيفرقون أيضا (وَما) الواو حالية وما حجازية (هُمْ) اسمها (بِضارِّينَ) الباء حرف جر زائد وضارين مجرور لفظا خبر ما محلا (بِهِ) جار ومجرور متعلقان بضارين (مِنْ أَحَدٍ) من حرف جر زائد، أحد مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول ضارين وهو اسم فاعل (إِلَّا) أداة حصر (بِإِذْنِ اللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر الفاعل لضارين أو من المفعول به الذي هو أحد (وَيَتَعَلَّمُونَ) عطف على ما سبق (ما) اسم موصول مفعول به (يَضُرُّهُمْ) الجملة صلة ما (وَلا يَنْفَعُهُمْ) عطف على الصلة (وَلَقَدْ) الواو استئنافية مسوقة للشروع في بيان حالهم بعد تعلم السحر واللام جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق (عَلِمُوا) فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم (لَمَنِ) اللام لام الابتداء وتفيد التأكيد ومن اسم موصول مبتدأ وجملة (اشْتَراهُ) لا محل لها (ما) نافية أو حجازية (لَهُ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم أو خبر ما (فِي الْآخِرَةِ) الجار والمجرور في محل نصب حال (مِنْ) حرف جر زائد (خَلاقٍ) اسم مجرور بمن لفظا مبتدأ مؤخر أو اسم ما والجملة في محل رفع خبر من والجملة كلها في حيز النصب وقد سدت مفعولي علموا المعلقة عن العمل (وَلَبِئْسَ) الواو عاطفة واللام موطئة للقسم وبئس فعل ماض جامد لانشاء الذّمّ (ما) نكرة بمعنى شيء في محل نصب على التمييز مفسرة لفاعل بئس أي شيئا (شَرَوْا) فعل وفاعل والجملة صفة (بِهِ) جار ومجرور متعلقان بشروا (أَنْفُسَهُمْ) مفعول به (لَوْ) شرطية (كانُوا) كان واسمها وجملة (يُعَلِّمُونَ) خبرها وجواب لو محذوف أي لما أقدموا على ما اجترحوه من عمل مغاير.

البلاغة:
في هذه الآية فن رفيع من فنون البلاغة وهو تنزيل العالم منزلة الجاهل فإن صدر الآية يدل على ثبوت العلم في أنه لا نفع لهم في اشتراء كتب السحر والشعوذة واختيارها على كتب الله وآخر الآية ينفي عنهم العلم فإن لو تدل على امتناع الثاني لامتناع الاول إلا أن نفي العلم عنهم لأمر خطابي نظرا الى أنهم لا يعملون على مقتضى العلم ولكن في ذلك مبالغة من حيث الاشارة الى أن علمهم بعدم الثواب كاف في الامتناع فكيف العلم بالذم والرداءة.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّبَعُوا) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى «وَأُشْرِبُوا» أَوْ عَلَى «نَبَذَهُ فَرِيقٌ» .
(تَتْلُو) : بِمَعْنَى تَلَتْ (عَلَى مُلْكِ) : أَيْ عَلَى زَمَنِ مُلْكٍ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَالْمَعْنَى فِي زَمَنِ.
وَ (سُلَيْمَانَ) : لَا يَنْصَرِفُ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: الْعُجْمَةُ، وَالتَّعْرِيفُ وَالْأَلِفُ وَالنُّونُ. وَأَعَادَ ذِكْرَهُ ظَاهِرًا تَفْخِيمًا، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ فِي الْأَعْلَامِ وَالْأَجْنَاسِ أَيْضًا كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَا أَرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ ... بَغَّضَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا
(وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ) : يُقْرَأُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَنَصْبِ الِاسْمِ. وَيُقْرَأُ بِتَخْفِيفِهَا وَرَفْعِ الِاسْمِ بِالِابْتِدَاءِ ; لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ حُرُوفِ الِابْتِدَاءِ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ: (الشَّيَاطُونَ)) ، وَهُوَ كَالْغَلَطِ، شَبَّهَ فِيهِ الْيَاءَ قَبْلَ النُّونِ بِيَاءِ جَمْعِ التَّصْحِيحِ.
: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي كَفَرُوا ; وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ لَكِنْ لَا يَعْمَلُ فِي الْحَالِ.
(وَمَا أُنْزِلَ) : «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى السِّحْرِ ; أَيْ وَيُعَلِّمُونَ الَّذِي أُنْزِلَ، وَقِيلَ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَتْلُو. وَقِيلَ «مَا» فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ; أَيْ وَعَلَى عَهْدِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ.
وَقِيلَ مَا نَافِيَةٌ، أَيْ مَا أُنْزِلَ السِّحْرُ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، أَوْ وَمَا أُنْزِلَ إِبَاحَةُ السِّحْرِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ اللَّامِ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، وَقُرِئَ بِكَسْرِهَا.
وَ (هَارُوتَ وَمَارُوتَ) : بَدَلَانِ مِنَ الْمَلَكَيْنِ.
وَقِيلَ هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنَ الشَّيَاطِينِ ; فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونَانِ بَدَلَيْنِ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرَ اللَّامَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
(بِبَابِلَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِأُنْزِلَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَلَكَيْنِ أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي أُنْزِلَ.
(حَتَّى يَقُولَا) : أَيْ إِلَى أَنْ يَقُولَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا يَتْرُكَانِ تَعْلِيمَ السِّحْرِ إِلَى أَنْ يَقُولَا (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ) وَقِيلَ حَتَّى بِمَعْنَى إِلَّا ; أَيْ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَنْ يَقُولَا.
وَ (أَحَدٍ) : هَاهُنَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي الْعُمُومِ ; كَقَوْلِكَ: مَا بِالدَّارِ مِنْ أَحَدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَاهُنَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ أَوْ إِنْسَانٍ. ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يُعَلِّمَانِ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي النَّفْيِ ; لِأَنَّ النَّفْيَ هُنَاكَ رَاجِعٌ إِلَى الْإِثْبَاتِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ بَعْدَ قَوْلِهِمَا. (نَحْنُ فِتْنَةٌ(فَيَتَعَلَّمُونَ)) وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: فَيَأْتُونَ فَيَتَعَلَّمُونَ.
(وَمِنْهُمَا)) ضَمِيرُ الْمَلَكَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ السِّحْرِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَى الْمَلَكَيْنِ.
وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فَيَكُونُ مِنْهُمَا عَلَى هَذَا لِلسِّحْرِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَى الْمَلَكَيْنِ أَوْ يَكُونُ ضَمِيرَ قَبِيلَتَيْنِ مِنَ الشَّيَاطِينِ. وَقِيلَ: هُوَ مُسْتَأْنَفٌ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْتَصَبَ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى إِنْ تَكْفُرْ يَتَعَلَّمُوا. (مَا يُفَرِّقُونَ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ: «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَأَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً لِعَوْدِ الضَّمِيرِ مِنْ: «بِهِ» إِلَى «مَا» وَالْمَصْدَرِيَّةُ لَا يَعُودُ عَلَيْهَا ضَمِيرٌ.
(بَيْنَ الْمَرْءِ) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ الرَّاءِ. وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَوَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ أَلْقَى حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّاءِ، ثُمَّ نَوَى الْوَقْفَ عَلَيْهِ مُشَدَّدًا ; كَمَا قَالُوا: هَذَا خَالِدٌ، ثُمَّ أَجْرَوُا الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) : الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، إِنْ شِئْتَ مِنَ الْفَاعِلِ، وَإِنْ شِئْتَ مِنَ الْمَفْعُولِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَا يَضُرُّونَ أَحَدًا بِالسِّحْرِ إِلَّا وَاللَّهُ عَالِمٌ بِهِ، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: إِلَّا مَقْرُونًا بِإِذْنِ اللَّهِ. (وَلَا يَنْفَعُهُمْ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ قَبْلَهُ، وَدَخَلَتْ «لَا» لِلنَّفْيِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا ; أَيْ وَهُوَ لَا يَنْفَعُهُمْ، فَيَكُونُ حَالًا، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا ; لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الِاسْمِ. (لَمَنِ اشْتَرَاهُ) : اللَّامُ هُنَا هِيَ الَّتِي يُوَطَّأُ بِهَا لِلْقَسَمِ، مِثْلُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ)) . وَ (مَنْ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَهِيَ شَرْطٌ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ: (مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) وَقِيلَ: (مَنْ) : بِمَعْنَى الَّذِي ; وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ مَوْضِعُ الْجُمْلَةِ نَصْبٌ بِـ (عَلِمُوا) ، وَلَا يَعْمَلُ «عَلِمُوا» فِي لَفْظِ «مَنْ» ; لِأَنَّ الشَّرْطَ وَلَامَ الِابْتِدَاءِ لَهُمَا صَدْرُ الْكَلَامِ.
(وَلَبِئْسَ مَا) : جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ. (لَوْ كَانُوا) : جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَوْ كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِعِلْمِهِمْ لَامْتَنَعُوا مِنْ شِرَاءِ السِّحْرِ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 102]
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102) الإعراب:
(الواو) عاطفة (اتّبعوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به والعائد محذوف (تتلو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو (الشياطين) فاعل مرفوع (على ملك) جارّ ومجرور متعلّق ب (تتلو) بتضمينه معنى تتقوّل (سليمان) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف (الواو) اعتراضيّة (ما) نافية (كفر) فعل ماض (سليمان) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (لكنّ) حرف مشبّه بالفعل للاستدراك (الشياطين) اسم لكنّ منصوب (كفروا) مثل اتّبعوا، (يعلّمون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. والواو فاعل (الناس) مفعول به منصوب (السحر) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول في محلّ نصب معطوف على السحر (أنزل) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على الملكين) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) وعلامة الجرّ الياء فهو مثنّى (ببابل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الملكين ، وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من التنوين للعلميّة والعجمة (هاروت) بدل من الملكين مجرور مثله وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف للعلميّة والعجمة (ماروت) معطوف بالواو على هاروت مجرور مثله وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف.
جملة: «اتّبعوا..» لا محلّ لها معطوفة على مجموع جملة الشرط والجواب في الآية السابقة (لمّا جاءهم رسول.. نبذ فريق..) .
وجملة: «تتلو الشياطين» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «ما كفر سليمان» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «لكنّ الشياطين كفروا» لا محلّ لها معطوفة على الاعتراضيّة.
وجملة: «كفروا» في محلّ رفع خبر لكنّ.
وجملة: «يعلّمون الناس» في محلّ نصب حال من فاعل اتّبعوا .
وجملة: «أنزل ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
(الواو) استئنافيّة (ما) نافية (يعلّمان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. و (الألف) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل (من) حرف جرّ زائد (أحد) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به (حتّى) حرف غاية وجرّ (يقولا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد حتّى وعلامة النصب حذف النون.
والمصدر المؤوّل من (أن يقولا) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (يعلّمان) .
(إنّما) كافّة ومكفوفة (نحن) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (فتنة) خبر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تكفر) مضارع مجزوم والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) استئنافيّة (يتعلّمون) مثل يعلّمون (من) حرف جرّ و (هما) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (يتعلّمون) ، (ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به (يفرّقون) مثل يعلّمون (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يفرّقون) (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (يفرّقون) ، (المرء) مضاف إليه مجرور (زوج) معطوف بالواو على المرء مجرور مثله و (الهاء) مضاف إليه. (الواو) اعتراضيّة أو حاليّة (ما) نافية حجازية تعمل عمل ليس (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع اسم ما (الباء) حرف جرّ زائد (ضارّين) اسم مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما وعلامة الجرّ الياء (به) مثل السابق متعلّق بمحذوف حال من أحد أي: من أحد واقع به (من) حرف جرّ زائد (أحد) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به لاسم الفاعل ضارّين (الا) أداة حصر (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الهاء في به، أي مقرونا بإذن الله، أو من الضمير في ضارّين، أو من أحد ، (الله) مضاف اليه مجرور.
وجملة: «يعلّمان» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّما نحن فتنة» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لا تكفر» لا محل لها جواب شرط مقدّر أي: إذا كنّا كذلك فلا تكفر.
وجملة: «يتعلّمون» لا محلّ لها معطوفة على جملة يعلّمان.
وجملة: «يفرّقون» لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة: «ما هم بضارّين» لا محلّ لها اعتراضيّة أو في محلّ نصب حال. (الواو) عاطفة (يتعلّمون) مثل السابق (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به (يضرّ) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (هم) ضمير متّصل مفعول به (الواو) عاطفة (لا) نافية (ينفع) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (هم) مفعول به. (الواو) عاطفة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (علموا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ وفاعله (اللام) لام الابتداء علّقت علم عن العمل (من) اسم موصول في محلّ رفع مبتدأ (اشترى) فعل ماض والهاء مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) نافية مهملة (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (في الآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من خلاق- نعت تقدّم على المنعوت- ، (من) حرف جرّ زائد (خلاق) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر.
وجملة: «يتعلّمون» لا محلّ لها معطوفة على جملة يتعلمون الأولى..
أو هي استئنافيّة.
وجملة: «يضرّهم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) ، أو في محلّ نصب نعت ل (ما) النكرة الموصوفة.
وجملة: «لا ينفعهم» معطوفة على جملة يضرّهم تأخذ إعرابها.
وجملة: «علموا» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «من اشتراه» سدّت مسدّ مفعولي علموا.
وجملة: «اشتراه» لا محلّ لها صلة الموصول. وجملة: «ما له» في الآخرة من خلاق في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
(الواو) عاطفة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (بئس) فعل ماض جامد لانشاء الذمّ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو (ما) نكرة في محلّ نصب تمييز للضمير المستتر ، (شروا) فعل وفاعل (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (شروا) بتضمينه معنى استبدلوا (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير متّصل مضاف إليه، (لو) حرف شرط غير جازم (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان (يعلمون) مثل يعلّمون.
وجملة: بئس ما شروا ... لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، والقسم وجوابه معطوفة على القسم الاول.
وجملة: «شروا ... » في محلّ نصب نعت ل (ما) .
وجملة: «كانوا يعلمون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعلمون» في محلّ نصب خبر كانوا.. وجواب لو محذوف تقديره: لما فعلوا ذلك من تعلّم السحر وإيذاء الناس.. أو لما باعوا أنفسهم.
الصرف:
(ملك) اسم لما يملكه الإنسان ويتصرّف به، وقد يكون مصدرا لفعل ملك يملك باب ضرب، وزنه فعل بضم فسكون.
(سليمان) ، قيل هو علم أعجمي وهو سبب امتناعه من الصرف، وقيل الألف والنون فيه مزيدتان وأصله سليم تصغير سلم بفتح فسكون.
(السحر) ، مصدر سماعي لفعل سحر يسحر باب فتح، وزنة فعل بكسر فسكون.
(ببابل) ، اسم علم أعجمي.. وقيل سمّيت بذلك لتبلبل ألسنة الخلائق.
(هاروت وماروت) ، علمان أعجميان سريانيّان، وليس صحيحا.
(أحد) ، صفة مشتقّة وزنه فعل بفتحتين، والهمزة منقلبة عن واو أصله وحد، مؤنّثة احدى ولا تكون إلا مع غيرها.
(فتنة) ، مصدر فتن يفتن، باب ضرب، وزنه فعلة بكسر فسكون.
(المرء) ، مثلّثة الميم، اسم بمعنى الإنسان، جمعه رجال من غير لفظه، وسمع مرءون، مؤنّثة مرأة ومرة، وزنه فعل بفتح فسكون.
(ضارّين) ، جمع ضارّ اسم فاعل من ضرّ الثلاثي، وزنه فاعل وقد أدغمت عينه مع لامه.
(خلاق) ، اسم لما يناله المرء من خير، وزنه فعال بفتح الفاء.
(شروا) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت لامه- حرف علّة- لمجيئها ساكنة قبل واو الجماعة، وزنه فعوا بفتح العين.
الفوائد
هاروت وماروت: اسمان لملكين من ملائكة السماء..
وقد نسجت حول هذين الملكين قصص طريفة أكثرها ضعيف التوثيق.
وأسندت الى الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) أحاديث كثيرة في موضوع هذين الملكين، بعضها ضعيفة وأكثرها موضوعة، وقد أورد ابن كثير في تفسيره بعض هذه الروايات التي لا تخرج عن كونها من الخرافات وقد ضعّف بعضها وردّ البعض. يعلّق ابن كثير على ما ورد في قصتهما من روايات بقوله:
«حاصلها راجع في تفصيلها الى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الاسناد الى الصادق الصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى» .
ومن شاء المزيد فليراجع تفسير ابن كثير الجزء الأول من ص 135 وحتى الصفحة 148 ففيها حديث طويل عن السحر والسحرة ورأي الفقهاء والمحدثين فيهما..

النحاس

{وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ..} [102] هذه آية مُشكِلة وقد تقصينا ما فيها من المعاني في الكتاب الذي قبل هذا. موضع "ما" نصب باتّبَعُوا وتتلو داخل في الصلة وحذفت منه الهاء لطول الاسم والاصل تتلوه الشياطين. "وسُلَيْمَانَ" صلى الله عليه وسلم لا ينصرف لأنه معرفة وفي آخره زائدتان فأشبه سكران {وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ} نصب بلكنّ وان خَفّفتَ لكن رفعتَ ما بعدها بالابتداء. {يُعَلِّمُونَ} في موضع نصب على الحال، ويجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر ثان {ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ} مفعولان، {بِبَابِلَ} لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة. {هَارُوتَ وَمَارُوتَ} مثله والجمع هَواريت مثل طواغِيت، ويقال: هوارتةٌ وهوارٍ ومَوارتَةٌ ومَوارٍ فاعلم ومثله جالوت وطالوت {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} مِنْ زائدة للتوكيد والتقدير وما يعلِمان أحداً {حَتَّىٰ يَقُولاَ} نصبٌ بحتّى فلذلك حُذِفَت منه النون ولغة هَذيلٍ وثَقيفٍ عَتَّى. {فَلاَ تَكْفُرْ} جزم بالنهي {فَيَتَعَلَّمُونَ} أحسنُ ما قِيلَ فيه انه مستأَنَفٌ، وقول الفراء: أنه نَسقٌ على "يُعَلِّمونَ" غلط لأنه لو كان كذا لوَجَبَ أن يكونَ فيتعلمون منهم، فقوله منهما يمنع أنْ يكون التقدير ولكن الشياطين كفروا يعلّمون الناس السحر فيتعلَّمون إلاّ على قول من قال: الشياطين هاروت وماروت، وللفراء قول آخر قال: يكون محمولاً على المعنى لأن معنى فلا تكفرْ فلا تتعلّم السحر أي فيأتونَ فَيَتَعلّمونَ، وقيل: التقدير يُعلّمانِ الناس فَيَتعلّمونَ. {مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ} في موضع نصب بِيُفرّقُونَ {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ} "مِنْ" زائدة وقول أبي اسحاق {إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ} إلاّ بعلم الله غلط لأنه انما يقال في العلم: إذن وقد أذنتُ به إذناً ولكن لمّا لم يُحَل فيما بينهم وبينَهُ وخُلّوا يفعلونَهُ كان كأنّه إباحةٌ مجازاً. {وَلَقَدْ عَلِمُواْ} لام توكيد {لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ} لام يمين وهي للتوكيد أيضاً 15/ ب وموضع "مَنْ" رفع بالابتداء، لأنه لا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها ومن بمعنى الذي. قال الفراء: هي للجازاة. قال أبو اسحاق: ليس هذا موضع شرط ومَنْ بمعنى الذي كما تقول: لقد علمتُ لمن جاءَكَ ما له عقل {مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} "مِنْ" زائدة، والتقدير ما له في الآخرة خلاقُ. ولا تزادُ مِنْ في الواجب.

دعاس

وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102)
«وَاتَّبَعُوا» الواو عاطفة ، اتبعوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل. «ما» اسم موصول مفعول به والجملة معطوفة. «تَتْلُوا» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل. «الشَّياطِينُ» فاعل.
«عَلى مُلْكِ» جار ومجرور متعلقان بتتلو. «سُلَيْمانَ» مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون والجملة صلة الموصول والعائد محذوف تقديره ما تتلوه. «وَما» الواو حالية ، ما نافية. «كَفَرَ سُلَيْمانُ» فعل ماض وفاعل والجملة حالية. «وَلكِنَّ» حرف مشبه بالفعل يفيد الاستدراك. «الشَّياطِينُ» اسمها. «كَفَرُوا» فعل ماض والواو فاعل والجملة خبر لكن. «يُعَلِّمُونَ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. «النَّاسَ» مفعول به أول. «السِّحْرَ» مفعول به ثان. «وَما» الواو عاطفة ما موصولة معطوفة على السحر وجملة يعلمون حالية وقيل خبر ثان. «أُنْزِلَ» فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل هو. «عَلَى الْمَلَكَيْنِ» متعلقان بالفعل أنزل.
«بِبابِلَ» بابل اسم مجرور بالفتحة بدل الكسرة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة والجار والمجرور متعلقان بالفعل أنزل أو بحال من الملكين. «هارُوتَ وَمارُوتَ» بدل من الملكين مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. وقيل عطف بيان لأنه أوضح منه. «وَما» الواو استئنافية ما نافية. «يُعَلِّمانِ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والألف فاعل. «مِنْ أَحَدٍ» مفعول به ومن حرف جر زائد «حَتَّى» حرف غاية وجر. «يَقُولا» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والألف فاعل وأن المضمرة مع الفعل في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر. وهما متعلقان بالفعل يعلمان. «إِنَّما» كافة ومكفوفة.
«نَحْنُ فِتْنَةٌ» مبتدأ وخبر. والجملة مقول القول. «فَلا» الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط والتقدير أما وقد علمناك فلا تكفر. ولا ناهية جازمة. «تَكْفُرْ» فعل مضارع مجزوم والفاعل أنت والجملة لا محل لها جواب شرط مقدر. «فَيَتَعَلَّمُونَ» الفاء استئنافية يتعلمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم يتعلمون. «مِنْهُما» متعلقان بالفعل قبلهما. «ما» اسم موصول مفعول به. «يُفَرِّقُونَ» فعل مضارع وفاعل. «بِهِ» متعلقان بيفرقون. «بَيْنَ» مفعول فيه ظرف مكان متعلق بالفعل. «الْمَرْءِ» مضاف إليه. «وَزَوْجِهِ» معطوف. «وَما» الواو حالية ، ما الحجازية تعمل عمل ليس. «هُمْ» ضمير منفصل اسمها. «بِضارِّينَ» الباء حرف جر زائد ، ضارين اسم مجرور لفظا بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، منصوب محلا لأنه خبر ما. والجملة حالية. «بِهِ» متعلقان بضارين. «مِنْ أَحَدٍ» من حرف جر زائد ، أحد اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به لاسم الفاعل ضارين. «إِلَّا» أداة حصر. «بِإِذْنِ» جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر بضارين اسم الفاعل أو بمحذوف حال من المفعول به أحد. «اللَّهِ» لفظ الجلالة مضاف إليه.
«وَيَتَعَلَّمُونَ» الجملة معطوفة. «ما» اسم موصول مفعول به. «يَضُرُّهُمْ» فعل مضارع ومفعول به والفاعل هو والجملة صلة الموصول وجملة «وَلا يَنْفَعُهُمْ» معطوفة عليها. «وَلَقَدْ» الواو عاطفة اللام واقعة في جواب القسم قد حرف تحقيق. «عَلِمُوا» فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل والجملة جواب القسم لا محل لها. «لَمَنِ» اللام لام الابتداء من اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
«اشْتَراهُ» فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة والهاء مفعول به والفاعل هو والجملة لا محل لها صلة الموصول. «ما» نافية وقيل حجازية. «لَهُ» متعلقان بمحذوف خبر مقدم. «فِي الْآخِرَةِ» متعلقان بمحذوف حال من خلاق لأنهما تقدما عليه. «مِنْ» حرف جر زائد. «خَلاقٍ» اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر وجملة ماله في محل رفع خبر المبتدأ وجملة «لَمَنِ اشْتَراهُ» سدت مسد مفعولي علموا المعلقة عن العمل بسبب لام الابتداء. «وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ» الواو عاطفة اللام للقسم. بئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم وسبق إعرابه ما يشبهها الآية 90. «لَوْ» حرف شرط غير جازم. «كانُوا» فعل ماض ناقص مبني على الضم والواو اسمها. «يُعَلِّمُونَ» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو فاعل. والجملة في محل نصب خبر كانوا وجواب لو محذوف وتقديره لو كانوا يعلمون ذلك لما عملوا السحر.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } جملة "وما كفر سليمان" مستأنفة، وجملة "ولكن الشياطين كفروا" معطوفة على جملة "كفر"، وجملة "يعلمون" حال من فاعل "كفروا" في محل نصب. "السحر": مفعول به ثانٍ، وقوله "وما أنزل" معطوف على "السحر". "هاروت": بدل من "الملكين"، وجملة "وما يعلمان" معطوفة على جملة "يعلمون" في محل نصب، وجملة "فلا تكفر" معطوفة على جملة "إنما نحن فتنة"، وجملة "فيتعلمون" معطوفة على جملة "وما يعلمان". وجملة " وما هم بضارين" حالية من واو "يفرقون" في محل نصب. جملة "ويتعلمون" معطوفة على جملة "فيتعلمون". وقوله "من أحد": مفعول به لاسم الفاعل، و "مِن" زائدة، والجار "بإذن الله" متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في "ضارين". وجملة "ولقد علموا" مستأنفة، واللام واقعة في جواب القسم المقدر، واللام في "لمن" للتوكيد، و "مَن" موصولة مبتدأ، و "خلاق" مبتدأ، و"مِن" زائدة، والجار "في الآخرة" متعلق بحال مِن "خلاق". جملة "لمن اشتراه" سدَّت مسدَّ مفعولَيْ "علم"، وجملة "ما له من خلاق" خبر "مَن" الموصولة، وجملة "ولبئس ما شروا" مستأنفة، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، و "ما" اسم موصول فاعل، والمخصوص بالذم محذوف أي: السحر. وجملة "لو كانوا يعلمون" مستأنفة، وجواب الشرط محذوف أي: لما باعوا به أنفسهم.