أَوَ كُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ

إعراب القرآن وبيانه لمحي الدين درويش

[سورة البقرة (2) : الآيات 99 الى 101]
وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101) اللغة:
(نبذ) : لهذا الفعل خصائص عجيبة فهو في الأصل بمعنى الطّرح يقال: نبذ الشيء من يده أي طرحه ورمى به، وصبي منبوذ ونهي عن المنابذة في البيع وهي أن تقول: انبذ إليّ المتاع أو أنبذه إليك. ومن مجاز هذا الفعل قولهم: نبذ أمري وراء ظهره إذا لم يعمل به ومنه قوله تعالى: «نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم» قالوا: ويتعيّن أن يكون نبذ من أفعال التحويل أو التصيير لدلالتها على الانتقال من حالة الى حالة أخرى وعلى هذا فكتاب الله مفعول به أول ووراء ظهورهم مفعول به ثان ويبعد بل يتعذر جعله ظرفا لنبذ لأن الظرف لا بد أن يكون حاويا لفاعل العامل فيه والنابذون غير كائنين وراء ظهورهم على أن بعض النحاة لا يشترطون وجود الفاعل والمفعول في الظرف وقال ابن حجر في شرح المنهاج: ولك أن تقول: إن للقاعدة وجها وجيها لأن ظرف المكان من الحسيات فاذا جعل ظرفا لفعل حسي متعد لزم كون الفاعل والمفعول فيه لأن الفعل المذكور لا يتحقق إلا بوجودهما بخلاف الفعل المعنوي فانه أجنبي من الظرف الحسي فاكتفى بما هو لازم له لكل تقدير وهو الفاعل فقط وللفقهاء أحكام في التشريع مستندة الى هذا الخلاف الطويل، فتدبر هذا الفصل فانه وإن طال بعض الطول فهو كالحسن غير مملول.

الإعراب:
(وَلَقَدْ) الواو استئنافية واللام جواب لقسم محذوف وقد حرف تحقيق (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) فعل وفاعل والجار والمجرور متعلقان بأنزلنا (آياتٍ) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم (بَيِّناتٍ) صفة (وَما) الواو عاطفة وما نافية (يَكْفُرُ بِها) فعل مضارع مرفوع والجار والمجرور متعلقان به (إِلَّا) أداة حصر (الْفاسِقُونَ) فاعل يكفر (أَوَكُلَّما) الهمزة للاستفهام الانكاري والواو عاطفة على محذوف تقديره اكفروا بالآيات البينات أو أن الأصل تقديم العاطف على حرف الاستفهام وإنما قدمت الهمزة لأن لها صدر الكلام وكلما ظرف زمان متضمن معنى الشرط وقد تقدم اعرابها (عاهَدُوا) فعل وفاعل (عَهْداً) مفعول به وعاهدوا بمعنى أعطوا والمفعول الأول محذوف أي اعطوا الله عهدا ويجوز أن نعرب عهدا مفعولا مطلقا (نَبَذَهُ) فعل ومفعول به مقدم (فَرِيقٌ) فاعل (مِنْهُمْ) الجار والمجرور صفة لفريق (بَلْ) حرف إضراب وعطف (أَكْثَرُهُمْ) مبتدأ (لا يُؤْمِنُونَ) لا نافية وجملة لا يؤمنون خبر أكثرهم والجملة الاسمية عطف على الجملة السابقة (وَلَمَّا) الواو عاطفة ولما ظرفية حينية أو رابطة (جاءَهُمْ) فعل ومفعول به (رَسُولٌ) فاعل وجملة جاءهم في محل جر باضافة الظرف إليها أو لا محل لها (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) الجار والمجرور صفة لرسول (مُصَدِّقٌ) صفة ثانية (لَمَّا) جار ومجرور متعلقان بمصدق (مَعَهُمْ) ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة للموصول (نَبَذَ فَرِيقٌ) فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (مِنَ الَّذِينَ) الجار والمجرور صفة لفريق (أُوتُوا الْكِتابَ) فعل ماض ونائب فاعل ومفعول به ثان (كِتابَ اللَّهِ) مفعول نبذ (وَراءَ ظُهُورِهِمْ) مفعول ثان لنبذ لتضمنه معنى جعل أو ظرف مكان متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني وقد تقدم القول فيه (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) كأن واسمها وجملة لا يعلمون خبرها وجملة كأنهم حالية.

التبيان في إعراب القرآن

قَالَ تَعَالَى: (أَوَ كُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ (100)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَكُلَّمَا) : الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَالْهَمْزَةُ قَبْلَهَا لِلِاسْتِفْهَامِ عَلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ وَالْعَطْفُ هُنَا عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ) [الْبَقَرَةِ: 87] وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ الْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ «أَوِ» الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ حُرِّكَتْ بِالْفَتْحِ، وَقَدْ قُرِئَ شَاذًّا بِسُكُونِهَا.
(عَهْدًا) : مَصْدَرٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ ; أَيْ أَعْطَوْا عَهْدًا، وَهُنَا مَفْعُولٌ آخَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: عَاهَدُوا اللَّهَ أَوْ عَاهَدُوكُمْ.

الجدول في إعراب القرآن

[سورة البقرة (2) : آية 100]
أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري (الواو) عاطفة (كلّما) ظرفيّة حينيّة شرطيّة متعلّقة بالجواب ، (عاهدوا) فعل ماض وفاعله (عهدا) مفعول به ثان بتضمين عاهدوا معنى أعطوا، والمفعول الأول محذوف أي عاهدوا الله عهدا ، (نبذ) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به (فريق) فاعل مرفوع (من) حرف جرّ و (هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (فريق) ، (بل) حرف إضراب وابتداء (أكثر) مبتدأ و (هم) مضاف إليه (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع و (الواو) فاعل.
جملة: «عاهدوا» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «نبذه فريق» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «أكثرهم» لا يؤمنون لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يؤمنون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أكثرهم) .
الصرف:
(عهدا) ، اسم مصدر لفعل عاهد الرباعيّ، لأن المصدر القياسي هو معاهدة، وزنه فعل بفتح فسكون (انظر الآية 27) .
(أكثر) ، صفة مشتقّة على وزن أفعل، والغالب أنّها مجرّدة من التفضيل فهي بمعنى كثير.
الفوائد
أو كلما: كلما من أدوات الشرط غير الجازمة. هي في محل نصب على الظرفية الزمانية أما الهمزة فهي للاستفهام الاستنكاري وقدمت على الفعل والواو.
لأن أحرف الاستفهام لها الصدارة.
وهي تدخل عليها ثلاثة من حروف العطف وهي «الواو والفاء وثم» .

النحاس

{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً..} [100] قال الأخفش: الواو زائدة دخلَتْ عليها ألف الاستفهام، ومذهب الكسائي أنها "او" حركت الواو منها {كُلَّمَا} ظرف {عَهْداً}. مصدر {بَلْ أَكْثَرُهُمْ} ابتداء {لاَ يُؤْمِنُونَ} فعل مستقبل في موضع الخبر.

دعاس

أَوَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)
«أَوَكُلَّما» الهمزة للاستفهام الإنكاري الواو عاطفة كلما مفعول فيه ظرف زمان يتضمن معنى الشرط. «عاهَدُوا» فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل. «عَهْداً» مفعول به ثان للفعل عاهدوا والمفعول الأول محذوف تقديره عاهدوا اللّه عهدا. وقيل مفعول مطلق والجملة معطوفة.
«نَبَذَهُ» فعل ماض والهاء مفعول به مقدم. «فَرِيقٌ» فاعل مؤخر. «مِنْهُمْ» متعلقان بصفة لفريق.
و الجملة لا محل لها جواب الشرط. «بَلْ» حرف إضراب وعطف. «أَكْثَرُهُمْ» مبتدأ ، هم في محل جر بالإضافة. «لا يُؤْمِنُونَ» لا نافية يؤمنون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو فاعل والجملة في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية معطوفة على سابقتها.

مشكل إعراب القرآن للخراط

{ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } "الهمزة" للاستفهام، والواو للعطف قُدِّمت عليها الهمزة لأن لها الصدارة، و "كل" منصوب على الظرفية متعلق بـ "نبذ"، و "ما" مصدرية زمانية، والمصدر المؤول مضاف إليه، والتقدير: نبذه فريقٌ كلَّ وقت معاهدة. "عهدا": نائب مفعول مطلق، وهو اسم مصدر والمصدر معاهدة. جملة "نبذه فريق" معطوفة على جملة { أَنْزَلْنَا } السابقة لا محل لها.